شعوب فاسدة

ليس غريبا جدا الموقف الازدواجي الذي اتخذه المتزمتون الدينيون من السنة والشيعة من الاحتجاجات العربية المتفرقة. الذين انتفضوا مع احتجاجات تونس ومصر وسوريا، انتفضوا ضد احتجاجات البحرين ولاذوا بالصمت عن احداث اليمن. والذين ايدوا البحرينيين هم الذين دانوا حركة الاحتجاج السورية ذاتهم واتهموا اصحابها بالعمالة للصهيونية والاستعمار. ليست غريبة هذه الازدواجية، لكن الغريب ان المجاميع المتخلفة والمتناقضة ذاتها لا تزال تحظى باحترام الشارع ولا تزال تتصدر النشاط السياسي ولا تزال تتمتع بالثقة ذاتها التي كسبتها قبل ازدواجيتها وتناقض مواقفها.

مع هذا، يتم اتهام ما يسمى بالليبراليين بالفسق والكذب، في الوقت الذي توصف فيه هذه المجاميع التي انكشف زيفها وتعرت فيه، توصف بالامانة والصدق والحفاظ على التقاليد والتراث. اي تقاليد واي تراث.. ؟! ألا يعني هذا اننا شعوب فاسدة، واننا جميعا تربَّينا على اعتبار الدجل تدينا والكذب شطارة والخيانة تدبيرا وسياسة؟ مرة ثانية ليس غريبا ان يعقد متطرفو السنة الندوات وينظموا التجمعات لنصرة النظام في البحرين ولإدانة الانتفاضة الشعبية هناك، وليس غريبا ان يعقدوا بعدها الندوات والتظاهرات ذاتها لتأييد الانتفاضة السورية وللعن وسب النظام الذي تصدى لها، تماما كما تصدى النظام البحريني للانتفاضة قبله. ليس غريبا كل هذا.. لكن الغريب والعجيب ان تحظى ندوات المزدوجين وتجمعاتهم بالحضور ذاته، وان تلتف حولها المجاميع والمؤيدون ذاتهم!! والحال يمكن ان يقال عن زعامات الشيعة وجماعاتهم الذين في المقابل ايدوا الشعب في البحرين لكنهم مع النظام في سوريا. نعم نحن شعوب فاسدة ولا عزاء لأحد، ونحن جميعا بلا ذمة وربما بلا ضمير، الكذب والغش والخداع صفات تكاد تكون أزلية، رغم ادعائنا باننا المؤمنون الوحيدون على هذه الارض.

كثير من الساسة والزعماء هنا يرتكبون اخطاء، او يتنصلون علنا من تعهدات والتزامات. وعادة يقال ان فلاناً احترق، او ان هذا الحزب او الجماعة خسرت الشارع، لكننا في التجربة والممارسة نرى المدلسين يستقوون والكذابين ينتصرون والمخطئين يتقدمون الصفوف. في الواقع، اذا نظرنا الى الجماعات الدينية هنا، فاننا نستطيع الجزم بأن السلف والاخوان خسروا الكثير بسبب الموقف من اسقاط القروض وزيادة الراتب او الانفاق بشكل عام، في حين ان المواقف السياسية لم تعن شيئا لمؤيديهم والتنصل من الالتزامات الدستورية لم تكن في حساب اي احد.

اوباما صاد أوساما… اكتب هذا المقال بعد حوالي عشر ساعات من اذاعة الرئيس اوباما لمقتل السيد اسامة بن لادن.. اللافت للنظر ان ايا من النشرات الالكترونية في الكويت ــ عدا جريدة «الوطن»، وربما «العربية» ايضا ــ لم تشر الى الخبر.. الظاهر ان اغلب الجماعة يرفضون ان يصدقوا الخبر.

السابق
النهار عن أوساط: ميقاتي بدأ البحث عن طرح بدائل إذا لم تنجز تسوية مقبولة
التالي
الانباء: الحكومة مكانك راوح والتيار ينتظر تصور ميقاتي اليوم