حكم غزة كحكم اسلام اباد

رغم القاعدة الثابتة القائلة انه "بسقوط عدوك لا تفرح"، لا يمكن الحال دون بعض من الشماتة. محظور السماح لاسامة بن لادن أن يودع العالم بشيبة طيبة محوط بابناء العائلة وبالمعجبين. فقد كان هو ابن موت، وليس الوحيد.
كما انه صفي ليس كما أراد مؤيدون أن يروه. ليس تشي جيفارا الاسلامي بل من سكن برفاه واضح في عزبة ضخمة محمية جيدا. ليس مغارة وليس نصيرا وليس سلاحه في يده.
كما أن العالم فهم بانه لا يوجد احباط مركز نقي، وان الرئيس براك اوباما وصفه بكلمات مغسولة. رغم النجاح المؤثر، الذي سجل على اسم الرئيس الامريكي، هو أيضا تعلم بانه في المكان الذي تطلق فيه النار على قاتل يصاب معه أبرياء، امرأة وأولاد. تماما مثلما تبين لقادة الدول الاعضاء في الناتو في قصف طرابلس لمعمر القذافي من الجو. ارادوا أن يمسوا به فقتلوا ابنه واحفاده. حكم غزة كحكم طرابلس واسلام اباد.
عملية الكوماندو الامريكي الجديرة بكل ثناء تضع في نبرة هازئة كل المزايدات الاخلاقية لمدوري العيون نحو السماء. ماذا عن خرق سيادة الباكستان، التي يزعم انها لم تتعاون مع الامريكيين؟ وماذا عن القتل في الوقت الذي يمكن زعما فيه اختطاف بن لادن وتقديمه الى المحاكمة في الولايات المتحدة؟ لقد اصاب الامريكيون حين قتلوه، ولكن يجدر بهم أن يستوعبوا القاعدة في أنه ما يحق لك ان تفعله أعطه ايضا لصديقك.
نعم حتى بالنسبة لالقاء الجثة في البحر. اسرائيل تصرفت هكذا مع ادولف آيخمن. في الحالتين اتخذت خطوة صحيحة. لا يوجد موقع لحجيج الارهابيين.
لن يبعد اليوم ومحللو العلوم السياسية سيدعون بان قتل بن لادن تم في توقيت مغلوط؛ فعلى أي حال ارهاب القاعدة يوجد في انخفاض وليس شعبيا، ولكنه الان ستثور الخواطر وخلفاء بن لادن سيصعدون مساعيهم للمس بامريكا وحلفائها. دوما يقولون هكذا. بعد تصفية عماد مغنية والمهندس يحيى عياش والشيخ ياسين اطلقت اصوات مشابهة.
ليس فيها ما هو حقيقي. الارهاب سيضرب اهدافه في اسرائيل وفي ارجاء العالم قدر ما يستطيع، سواء بقوا هؤلاء كلهم على قيد الحياة ام لا. ولكن حتى لو كان هذا الزعم صحيحا، فواجب العالم الثقافي ان يضرب برابرة القتلة وان يطاردهم حتى الابادة "لاصلاح العالم". حتى بثمن تشجيعهم على الثأر.
السؤال هو ماذا سيفهم العالم الثقافي من القضاء على حياة الارهابي الاعلى الذي بلغ من العمر 53 سنة. اذا ما جلس اوباما على اوراق الغار ولم يواصل الحرب سيكون انجازه نقطة سأم وسينسى. مطلوب خط متواصل يأخذ بالحسبان كل عناصر الصورة. أمس سارع اسماعيل هنية الى شجب العملية الامريكية. هو الرجل الذي يقود حماس نحو الشراكة مع ابو مازن، فماذا يقول هذا عنه؟ وعن الجمهور المؤيد له؟
بنيامين نتنياهو سيسافر هذا الاسبوع الى اوروبا وفي سياق هذا الشهر الى الولايات المتحدة. وستكون هذه زيارة تختلف عما خطط لها. تقويم الوضع كان انه عندما سيلقي رئيس الوزراء خطابه على تلة الكابيتول ستكون شعبية الجالس في البيت الابيض في الحضيض. اما الان فمعقول الافتراض بانه سيجد اوباما اقوى مما قدر من قبل وكونغرسا يمتنع عن المناكفة مع رئيسه.

السابق
ثياب عباس الجديدة
التالي
نحو انهاء الصراع