الإعلان عن حملة جديدة لإسقاط النظام الطائفي غداً

شهد حراك إسقاط النظام الطائفي في لبنان، الذي وُلد بعد اندلاع ثورتي تونس ومصر، تحرّكات عدة في مختلف المناطق اللبنانية، تمثّلت بمسيرات تطالب بإسقاط النظام الطائفي في البلاد، واستبداله بالعلمانية.
ارتفعت الأصوات، واختلفت الآراء. ثمة من استبشر خيراً، وهناك من انفجر بالضحك ساخراً من الفكرة. كثيرون اعتبروا أن العلمانية تدعو إلى الإلحاد، وآخرون انسحبوا من التحرّك إما بداعي الاستسلام واليأس من الشعار، أو بسبب «معلومات» تفيد بأن التحرّك «مشبوه، فانظروا إلى تزايد الحملات، وابحثوا عن مدبّريها»، كما يروّج المتضررون من إسقاط النظام الطائفي.

وتوقفت حركة المسيرات التي كانت تتنقل بين العاصمة بيروت، وبين المناطق، بعد المسيرة الأخيرة التي نفذتها الحملة الأولى في صيدا، في الرابع من نيسان الفائت، لأسباب يصفها الناشطون في الحملة، بأنها «جوهرية، تهدف إلى إعادة لملمة ذيول تداعيات المسيرة الأخيرة، والتي انعكست سلباً إلى حد ما، بعد اتهامات سياسية للحملة».حملة «النظام الجديد»فيما تعمل الحملة الاولى على إنجاز «ورقة المبادئ العامة»، يُعلن غداً عن ولادة حملة «النظام الجديد»، وهي حملة ترمي أيضاً إلى إسقاط النظام الطائفي، في مؤتمر صحافي يُعقد في «الأونيسكو» (تليه ندوة يحاضر فيها كل من الزميل نصري الصايغ والمناضلة أوغاريت يونان) سيحضره ممثلون عن حملات إسقاط النظام الطائفي، ليخبروا عن تصوراتهم للشعار الأساسي وسبل تحقيقه.
وفي حين رحبّ الناشطون في حملة إسقاط النظام الأولى بولادة «زميلة» لها، معتبرين أن «تزايد الحملات، ثم توحدها لاحقاً تحت غطاء ائتلاف شبابي موحد كما حصل في مصر، يُعتبر دافعا إيجابيا»، فقد رأى مؤسس حملة «لبنانيون ووطن حرّ» فادي ماضي أن «الحراك برمته أصبح في عداد الموتى، بسبب انتقال عدوى الخلافات بين السياسيين إلى ناشطي الحملات الداعية لإسقاط النظام الطائفي».

ولا يخفي ماضي تشاؤمه من «نتائج كل الحملات – رغم أن حملتنا ستشارك في مؤتمر الغد – لأن الناشطين فيها يسعون إلى مآرب خاصة، وقلة هم المستقلون. وحتى لو اجتمعنا كلنا في ائتلاف، فإننا سنتشاجر مع بعضنا عند وصولنا إلى الباب»، بينما يتحلى ناشطو حملة «النظام الجديد» بتفاؤل حذر، يقضي بطرح البديل، والسعي للمّ شمل الحملات في ائتلاف جامع، تزامناً مع تعميم وثيقتهم السياسية على شرائح المجتمع كافة.استعادة الأموال المسروقةيقول الناشطون في حملة «النظام الجديد» أنهم اجتمعوا مع بعضهم البعض، بعدما شهدوا خلافات متعددة نشبت بين ناشطي الحملة الأولى، فقرروا تشكيل حملة جديدة «بدأت عفوية، إذ معظمنا كان لا يعرف الآخر، وشارك في المسيرات السابقة، ومنّا المحامي والمفكرّ وطالب الجامعة والمهندس. ثم اتفقنا أننا لا نريد إسقاط النظام بين ليلة وضحاها، بل إنها مسيرة نضال تستدعي تنفيذ نقاط عدة، في خارطة طريق نعلن عنها غداً».

تطالب الحملة بإلغاء «دستور الطائف نصا وروحا، كونه كرَّس الأعراف الطائفية في البلاد، وكرّس انتماء المواطنين إلى الدولة عبر الطوائف، ووضع دستور جمهوري مدني وطني كامل وشامل ودائم، غير قابل للنقض أو التعديل أو التغيير في جوهره الميثاقي الجمهوري، وأحكامه المدنية اللاطائفية».

ومن بين الأهداف التي تطمح الحملة إلى تحقيقها، «استعادة الأموال المسروقة، ووضعها – إلى جانب جزء من العائدات الضريبية – في مصرف تنشئه الدولة، بالتعاون مع المصارف الخاصة باسم «المصرف الوطني للقروض الصغيرة»، لتمويل المشاريع الصغيرة لتشكيل الاقتصاد المنتج وتوفير فرص العمل».

وإذ يبدو مطلب «استعادة الأموال المسروقة» عنواناً عريضاً وفضفاضاً، فإن «تعليق عضوية النواب والوزراء الحاليين والسابقين، الذين تحوم حولهم شبهات الفساد واختلاس أموال الشعب، ورفع الحصانة عنهم وإحالتهم إلى المحكمة الجزائية»، يبدو أيضاً ضرباً من الخيال يصعب تحقيقه، أو المناداة بتنفيذه في أوراق بيضاء، أو حتى من خلال مؤتمر صحافي.

غير أن ناشطي الحملة يقولون إنهم لا يصبون إلى تحقيق مطالبهم بعد أسبوع أو شهر، ولا هم في صدد التحريض، بل إنهم يتوجهون للشعب بـ«بديل نعرضه عليهم، نقول ما لهم وما عليهم، ليس من باب التنظير، بل من منطلق الحرص، من أجل النهوض ببلد لا يسرق المسؤول فيه حقوق المواطن».

لكن، كيف سينقلون «بديلهم» إلى الشعب؟ عبر قصاصات الورق، أو من خلال ندوات؟ من سيقرأ الأوراق، وفي حال تمعّن من تمعّن في قراءتها، هل سيسلم نفسه للبديل، بعدما سلّم نفسه وأولاده منذ عقود لزعيم طائفته؟
يجيب الناشطون بأنهم سيسعون لعقد ندوات شبابية، وتوزيع أهداف الحملة على طلاب الجامعات، في «مشوار ألف ميل، لكنه يبدأ الآن من الصفر، في مسيرة طويلة».
ويعتبر هؤلاء أن النظام الطائفي «خرّج مجموعة من المليارديريين، هم زعماء الطوائف وحواشيهم وأزلامهم، وذلك في منظومة مافيوية واحدة، وفي عملية سطو منظّم على مقدّرات البلاد والعباد، فيما الأغلبية الساحقة من اللبنانيين تئن تحت نير الفقر والجوع والظلم والحرمان».

وتطالب الحملة بوضع قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية، و«انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب مع حصر الانتخابات الرئاسية بمرشّحي الأحزاب الوطنية اللاطائفية، وبالشخصيات المستقلّة الوطنية اللاطائفية»، بالإضافة إلى «سنّ قانون جديد للأحزاب، يحظِّر قيام الأحزاب والحركات والتيارات والتجمعات السياسية الطائفية».علمانية.. لا إلحاديرى الناشطون في الحملة أن «لا فرق في الخلق الإلهي بين إنسان وإنسان آخر، ومن خلال العلمنة الروحية، التي تتناقض مع العلمنة الإلحادية في الصميم وفي النظرة إلى الكون والحياة، تستمد الدولة العلمانية الروحية شرعيتها، باعتبار أن الأنظمة المدنية الوضعية فيها مستمدة من القيم الإلهية الخالدة، التي هي قيم الحق والخير والعدل ورفع الظلم».

ويتوجه ناشطو الحملة إلى اللبنانيين بسؤال: «ما هو الإنجاز الذي قدّمه هذا النظام الطائفي لكم، غير سلبه حقكم الطبيعي في العيش بسلام، وحقكم الطبيعي في حياة حرّة كريمة في وطن يكون للجميع، وفي كنف دولة وطنية تسهر على تحقيق مصلحة المجتمع وتأمين سبل وحدته ونموه وتطوره؟ ماذا قدّم لكم، غير إفقاركم وتهجيركم وحتى قتلكم؟».

السابق
الاجتماع الأمني السياسي في صور ينذر المخالفين 48 ساعة لإزالة التعديات
التالي
وفاة غرقاً- أرنون