كسارة وادي السلوقي تنهش جباله… بترخيص!

حتى عام 2006، كانت السلطات اللبنانية قد اصدرت ستة وخمسين تشريعا ومرسوما وقانونا تعنى بمعضلة المقالع والكسارات في لبنان التي يبلغ عمرها من عمر لبنان الحديث، أولى تلك التشريعات كانت المرسوم الاشتراعي 21/7 تاريخ 1932، والمتعلق بالمحلات الخطرة والمضرة بالصحة العامة والمزعجة، حتى آخرها الذي صدر بقرار عن مجلس الوزراء تحت الرقم 19 تاريخ 2006، المتعلق بمنع الاستثمار في المحميات والمواقع الطبيعية ومجاري الانهار، وحرمان المستثمر الذي لم يؤهل مقلعه السابق من الحصول على رخصة استثمار في موقع آخر (بحسب دراسة حزب البيئة العام ٢٠٠٦).

بعد ذلك بعامين وتحديدا في السابع من تشرين الأول من عام 2008، اصدرت وزارة الداخلية والبلديات تعميماً لمخافر الدرك في مختلف المناطق اللبنانية بوجوب منع وإغلاق جميع الكسارات والمقالع العاملة ضمن مناطق صلاحياتها بالاضافة الى منع نقل وتخزين الحجارة والرمول والبحص مع تغريم كل مخالف، وقد ذكر بالتعميم وجوب القيام بالدوريات اللازمة بشكل دوري يوميا للتأكد من تنفيذه مع وجوب الافادة بتقارير مفصلة حول هذه الدوريات للتأكد من العمل بالقرار المذكور.
ورغم كل ذلك فإن اصحاب هذه المقالع والمرامل والكسارات ومن يقف خلفهم لا زالوا يجدون «خروما» واسعة من خلال القرارت الادارية والتصاريح الاستثنائية والمهل الادارية، يمرون منها ليحتالوا على تلك التشريعات، وليواصلوا قضمهم للجبال والتوازن البيئي على حد سواء دون رقيب او حســيب رغم انهم في كثير من الاحيان يعملون في وضح النهار «وعلى عينك يا دولة».

وتعتبر كسارة شقراء الواقعة على طريق وادي السلوقي – مرجعيون المؤهلة حديثا، واحدة من تلك الخروقات الفاضحة التي لم يردعها حتى اليوم لا اشتراع ولا بدلة رسمية.
واللافت وجود اكثر من أطلال كسارة على الطريق المذكورة وبالقرب من الكسارة المعنية، جميعها مقفلة باستثناء هذه التي لا زالت تدب فيها الحياة فيما تزرع الموت البيئي والجمالي والتنوع النباتي في المنطقة المحيطة بالإضافة الى الاتربة والغبار والضجيج المتصاعد منها.

وإضافة الى ما تقدم فقد تحولت الطريق المؤهلة حديثا من قبل الصندوق الكويتي للتنمية والتي افتتحها دولة الرئيس نبيه بري، الى دربية وعرة يصعب قطعها من قبل السيارات بسبب الانخسافات العميقة في الارض نتيجة مرور الشاحنات المحملة بالبسكورس والبحص عليها بشكل كثيف، بحيث تحول المرور على الطريق الذي كان من المفروض ان يقصر المسافات بين المناطق الى مغامرة قد لا تحمد عقباها.
وقد اشار مصدر معني الى أن الكسارة المذكورة كانت استمرت بالعمل بعد قرار الوقف على اساس ان ذلك لفترة وجيزة وبحجة تأمين البسكورس لتنفيذ عدد من المشاريع في المنطقة الا انها لا زالت تعمل حتى الآن ولكن لا نعرف بأي حجة رغم انتهاء تلك المشاريع منذ مدة.

يشير رئيس البلدية رضا عاشور الى ان تصاريح العمل التي حصلت عليها الكسارة المذكورة هي قانونية وفقاً لما تشطرته وزارة البيئة وهي الجهة المخولة بذلك، كما أن ليس هناك من سلطة للبلديات بالامر.
كما لفت مراقبون الى ان وزير البيئة الذي مر في زيارته الاخيرة للمنطقة من امام الكسارة قد عاين الاضرار البيئية والمادية التي تحيط بعملها ولم يحرك ساكنا بالموضوع. متابعاً بأن هناك عدداً آخر من الكسارات المتوقفة عن العمل بموجب حجب التراخيص تعمل ليلا من دون حسيب او رقيب.

وكانت دار الهندسة – شاعر ومشاركوه قد قامت بدراسة حول الموضع لصالح الحكومة اللبنانية عام 96، خلصت فيها الى وجود اكثر من سبعمئة مقلع وكسارة على مختلف الاراضي اللبنانية، أي بما يعادل كسارة أو مقلع لكل نحو 15 كلم2 من مساحة لبنان وهي نسبة مرتفعة جداً قياساً بمساحة لبنان.

والجدير بالنظر ان هناك العديد من المقالع التي تعمل من دون ترخيص أو بمهل إدارية أو تحت ستار استصلاح أرض أو حفريات لبناء، أو لشق طريق، أو تنظيف مجاري أنهار، مما يزيد من الاضرار البيئية.

السابق
في وداع المطران غزال من صيدا إلـى جـون
التالي
بارود: لست في موقع المناورة