حزب الله ‘يغلي’ النبطية: بنزين وطائفية ومنع الخمر

(خاصّ جنوبية)
منع الخمر… الإعتراض على ارتفاع أسعار المحروقات، والبنزين خصوصا… المطالبة بإسقاط النظام الطائفي… 3 أسباب ظاهرة تخفي في طياتها سببا رئيسيا قد يحوّل مدينة النبطية الجنوبية إلى "مدينة السلاح وقمع الحريات". هذا ما يمكن الخروج به بعد جوجلة آراء عدد من وجهاء النبطية وفعالياتها.

فمنذ فترة وجيزة صدر قرار حزبي نهائيّ – من "حزب الله" بالطبع – وغير قابل للطعن، معجل التنفيذ، قضى بمنع بيع الخمر في المدينة. تلا هذا القرار، خلال وقت قصير، تحرّكات شبابية وإحراق إطارات وإقفال طرق داخل المدينة وفي محيطها، تارة للإعتراض على ارتفاع أسعار المحروقات وطورا للمطالبة بـ"إسقاط النظام الطائفي".

للاطلاع على حقيقة ما يجري في النبطية، كانت أحاديث مع السيد ياسر ابراهيم وبعض فعاليات المدينة، ممن أصروا على عدم نشر أسمائهم لاسباب قالوا إنها " أمنية".

السيد ابراهيم أوضح أن مجموعة من الشباب المعروفة باسم "تجمع الشباب المستقل" أقدموا على اقفال الطرق واحراق الاطارات احتجاجا على ارتفاع اسعار البنزين، ومطالبة باسقاط النظام الطائفي"، مشدداً على أنهم "شباب مستقلون، مطالبهم شبابية، لا يهدفون إلى خلق الفوضى في النبطية، وليس لهم علاقة بأهداف سياسية ولا توجهات سياسية"، وأضاف: "وهم نسقوا تحرّكاتهم مع شباب من مختلف المناطق اللبنانية، من خلال شبكات التواصل الإجتماعي، وأهمها الفايسبوك".
ورأى ابراهيم أن "هذه التحركات محض اجتماعية، لها علاقة بما يشعر به الجمهور من أزمة معيشية تتفاقم يوماً بعد يوم، في ظل التهاء السياسيين بملفات أخرى، عوضاً عن انشغالهم بيوميات المواطن اللبناني".

ورداً عل سؤال قال ابراهيم: "قد تعتبر بعض الاحزاب السياسية أن هذه التحركات قام بها مستقلون بدلا منها"، لافتاً إلى أنّه، وفي ظل الانقسام السياسي الحاد في لبنان "كل طرف يحمّل الطرف الآخر مسؤولية الاهمال والتقسير، والكل يرمي الكرة في ملعب الآخر..".

من ناحيته، اعتبر الناشط محمد فخرالدين، ابن المدينة، أنّ "قرار منع بيع الخمر اتّخذ بعد محاولات عدة باءت بالفشل منذ 8 أشهر، من قبل أعضاء في المجلس البلدي الحالي"، مرجعا سبب التأخير بتنفيذ القرار إلى أنّ "بائعي الخمر يملكون رخصاً تسمح لهم ببيع هذه المشروبات والنبطية بلد التعايش، وقيسم كبير من أهلها يعيشون في المغترابات، وفيها نسبة كبيرة وعالية من المثقفين، وهذه الفئة هي التي تشرب الكحوليات"، وأردف: "لكن للاسف طبق هذا القرار بعد فترة بشكل تعسفي"، معتبراً أنه "قرار خاطئ بأسلوب خاطئ، لكن واقع الامر الذي نعيشه فرضه علينا من خارج أطر القوانين المرعية".

واسترسل فخر الدين قائلا: "قرار منع الخمر طبق في النبطية وسيتم تعميمه على قرى الجنوب كافة، والمشكلة أنه غير مبني على أسباب واقعية، وحتى الآن لم يؤدّ إلى التنائج المرجوّة، التي كما يقولون إنّها السببها، وهي بيع الكحول الى القاصرين".

كما لفت فخرالدين إلى وجود خلاف حاد بين أعضاء المجلس البلدي حول هذا الموضوع: "11 من أعضاءالمجلس البلدي يشربون الخمر من أصل 21 عضواً، أي النصف زائد واحدا"، وقال إنّ "قيادات حزب الله بعيدة عن الواقع السياسي"، متسائلاً: "هل هذا هو الوقت المناسب لهذه الامور في ظل الثورات العربية الممتدة في طول الأمة وعرضها؟ هل هذه هي المشاكل المهمة؟"، وختم: " فلينظروا إلى المشاكل الاساسية التي تعاني منها المدينة ولبنان كلّه: البطالة وغلاء المعيشة ومعالجة أوضاع لبنانيو أبيدجان العائدين إلى العوز…".
وختم: "النبطية مركز المحافظة وفيها فئات مثقفة وهي عنوان لانطلاقة المقاومة الوطنية اللبنانية بصيغتها الموّحدة والعلمانية، وحزب الله خسر كثيراً وهدف لم يتحقق وسترك آثاراً سلبية".

بدوره، قال عضو سابق في المجلس البلدي رفض نشر اسمه: "إذا أردت البوح بالحقيقة لن أنام ليلةً واحدةً في منزلي بالنبطية"، وأضاف: "السلاح الذي كان يحمينا انقلب علينا وبات هدفه أن يحكمنا"، وتابع: "عندما تكبر الاحزاب على "لحم الناس" تصل إلى الهاوية".

وأوضح العضو أن "الدعارة والمخدرات هي ثلاثة ملفات تعمل الجهات السياسية من أجل القضاء عليها في النبطية منذ فترة وجيزة، ويتم التنسيق مع قيادة حركة أمل لمنعها في المناطق الجنوبية كافة"، ورأى أنه "كلما تشتد المشاكل في سوريا تشتد الامور علينا"، لافتاً إلى "وجود جهاز امني مختص لملاحقة الصحافيين ومراقبة مقالاتهم، وإلغاء ما لا يتناسب والسياسة المفروضة بالجنوب".

واعتبر العضو البلدي أنّ "ما يجري خاطىء بالطبع، لكننا أمام واقع لا نستطيع مواجهته، إذ أنّ البندقية والسلاح أصبحا أداة تخويف بعدما كنا نحترمه".

وختم ساخرا من أحد الحزبيين، الذي قال لأحد مالكي المتاجر المطرودة من الدينة: "قالوا له عندما حذّرهم من خسارة بعض الشعبية: ما بدنا شعبية صار عنا كتير".

هكذا تغلي النبطية هذه الأيام، بين نيران الإطارات والغلاء والطائفية، وبين منع الخمر ورغبة "حزب الله" في التحكم بخيارات أهلها وخصوصياتهم الفردية، إلى جانب السعي إلى تحويل المدينة، وهي مختلطة تاريخيا، إلى مدينة اللون الواحد.

هكذا تعاني النبطية، ويأمل بعض الوجهاء ممن رفضوا الحديث علنا، أن تكون "المسألة عابرة والهدف منها إزاحة نظر الأهالي قليلا عما يجري في سوريا، لا أن تكون مقدّمة لموجة جديدة من المنع والتحكم بحياة الجنوبيين".

 

السابق
عبود يدعو الأمير وليامز وكايت لقضاء شهر العسل بلبنان
التالي
النهار: ارتفع الغطاء فبدأت إزالة مخالفات سور المطار