الديار: أوباما يوقّع عقوبات وتدابير حدودية لسوريا مع تركيا والأردن وشمال لبنان

ما زال الوضع في سوريا محور الاهتمامات المحلية والعربية والدولية، وقد شهد العديد من المدن السورية امس مسيرات وصفتها مصادر سورية بأنها الاهدأ منذ بدء الاحتجاجات واتهمت الفضائيات العربية بالتحريض وبث صور مركبة لتظاهرات سابقة. فيما ذكر ناشطون حقوقيون "ان المواجهات اسفرت عن سقوط 44 قتيلاً منهم 36 في درعا". فيما اعلنت السلطات السورية عن استشهاد ثلاثة من افراد الشرطة بينهم ضابط جراء استهدافهم من قبل مجموعات ارهابية متطرفة أثناء أدائهم لمهامهم في محافظة حمص، كذلك تحدثت عن قيام مجموعة "ارهابية" مسلحة بمهاجمة نقطة تفتيش فقتلت أربعة جنود وخطفت اثنين في درعا، وقد اتخذت سوريا امس تدابير حدودية مع تركيا والاردن وشمال لبنان بعد قيام سوريين بمحاولة الدخول الى هذه الدول.

في هذا الوقت صعدت الدول الغربية موقفها تجاه النظام السوري ووقع الرئيس الاميركي باراك اوباما امس أمرا تنفيذيا يفرض عقوبات جديدة على المخابرات السورية واثنين من اقارب الرئيس بشار الاسد، من بينهم العقيد ماهر الاسد شقيق الرئيس واشار مسؤولون اميركيون الى ان العقوبات لم تستهدف الاسد لكن قد يتم استهدافه فيما بعد اذا استمرت القوات الحكومية في استخدام العنف ضد المحتجين المطالبين بالديمقراطية. وسوف تشمل العقوبات تجميد أصول وحظر تعاملات مع شركات أميركية.

كذلك عقد الاتحاد الاوروبي اجتماعا امس وافق فيه على اعلان عقوبات على سوريا. نظمت تظاهرات في عدة مدن سورية، وافاد حقوقيون عن مقتل 25 متظاهرا في حين ذكر مصدر في وزارة الداخلية ان ثلاثة شرطيين واربعة جنود قتلوا بالرصاص خلال اعتدءات في حمص ودرعا، واكد مصدر عسكري سوري ان وحدات الجيش في مدينة درعا تابعت مهمتها بملاحقة فلول المجموعات الإرهابية المتطرفة المسلحة والتصدي لها مستعيدة الهدوء إلى أحياء المدينة والطمأنينة إلى نفوس المواطنين الذين روعتهم جرائم تلك المجموعات الخارجة على القانون.

وفي سياق آخر اكد المصدر ان أبواق الضخ الإعلامي المغرض لفضائيات أجنبية وناطقة بالعربية واصلت بث سمومها الدعائية الكاذبة حيث ادعت تلك الفضائيات أن عدد من سقط منذ بداية الأحداث تجاوز الـ 450 عنصرا كما ادعت أن عددا من الحزبيين أعلنوا انسحابهم من صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي. وقال المصدر: نتساءل عن المصادر التي اعتمدتها تلك الفضائيات فإننا نؤكد كذب ادعاءاتها سواء لجهة انسحاب حزبيين أو لجهة عدد الضحايا والشهداء كما نؤكد أن عدد الشهداء من الجيش وقوى الأمن والشرطة قد بلغ منذ بدء الأحداث حتى الآن 78 شهيدا مقابل 70 مدنيا سقطوا جميعا ضحية العنف المأجور الذي استهدف امن الوطن وسلامة المواطنين.

واكد المصدر العسكري السوري ان مجموعات إرهابية مسلحة هاجمت وبأعداد كبيرة امس مساكن عائلات العسكريين في بلدتي صيدا وطفس من ريف درعا وقد اطلقت النار بغزارة على الاهالي فتصدى لها حرس المساكن والقاطنون فيها مما أسفر عن استشهاد رقيب وجرح عنصرين وسقوط عشرات الجرحى والقتلى في صفوف المجموعات المهاجمة وتوقيف 156 منها والاستيلاء على 50 دراجة نارية وثلاث عربات. كما هاجمت مجموعة إرهابية حاجزا للجيش في مدينة الشيخ مسكين قرب درعا فتصدى لها عناصر الحاجز ما اسفر عن مقتل ثلاثة من عناصر المجموعة الارهابية المهاجمة. وقد حاولت مجموعة إرهابية أخرى قطع طريق عام حمص- حماة قرب بلدتي تلبيسة والرستن فتصدى لها عناصر الجيش وقد أسفر ذلك عن استشهاد ثلاثة عناصر من الجيش وسقوط عدد من الجرحى والقتلى في صفوف المجموعات الإرهابية المهاجمة. وقال شهود عيان ان القوات السورية اطلقت النار يوم امس على الاف المحتجين الذين كانوا في طريقهم الى مدينة درعا واشاروا الى ان عشرات الاشخاص اصيبوا بجروح، وقالت منظمة سواسية السورية لحقوق الانسان ان القوات السورية قتلت بالرصاص 24 مدنيا على الاقل بينهم طفلان امس ، وأضافت المنظمة التي يمولها المحامي المحتجز مهند الحسني ان لديها أسماء القتلى الذين لقوا حتفهم في درعا وحمص واللاذقية وبلدة القدم بالقرب من العاصمة دمشق.

وكشف مصدر سوري عن تزوير فاضح للقنوات الفضائية التي بثت صورا مركبة وقديمة، نهار امس، وان بعض هذه الافلام المركبة بث صورا تظهر فيها السماء صافية والشمس مشرقة، فيما كانت الاوضاع الطبيعية في سوريا وتحديدا في دمشق سيئة نتيجة تساقط الامطار وكثافة الغيوم، وهذا ما يكشف زيف الادعاءات حتى ان فيلما بثته احدى الفضائيات وتم التعليق عليه بأنه في تاريخ 25/4/2011 حيث سها عن بال القيمين عليه حذف التاريخ وصوت المذيع. وذكرت المصادر ان حجم الذين تظاهروا في سوريا امس لا يصل مطلقا الى حجم عدد المواطنين المشاركين في تشييع شهيد سقط في الاحداث. واشارت المصادر الى تجمعات محدودة في عدد من المناطق، فيما شهد وسط دمشق تجمعا لـ30 مواطنا فقط وتفرقوا بعد خمس دقائق. اما التظاهرات فكانت محدودة في القامشلي ودير الزور واللاذقية وخرجت بعد صلاة الجمعة واستغلت وجود المصلين. حيث لم يحصل اي تحرك كبير. واضافت المصادر ان التحركات المحدودة التي تمت كانت سلمية ولم يسجل اي اشكال، والهتافات طالبت بالحرية وبالتالي فإن حجم التحركات تراجع بشكل كبير رغم التجييش الاعلامي.

واشار المصدر الى ان الاختبار فشل امس، ورهانات الخارج سقطت، وان اجراءات الجيش في درعا حدت من اعمال التخريب والعصابات التي كانت تندس بين المواطنين وتقوم بعمليات التخريب. وكشفت المصادر ان الفضائيات العربية ركزت على شهود العيان واشارت الى ان بعضهم اعلامي والاخر محامي، وقد تبين انهم لا يفهمون "ا.ب" العربية ولا يجيدون لغة المحامي او الاعلامي، وهذا ما يكشف زيف الحملات الاعلامية العربية. واشارت المصادر الى ان تأخير الحسم في درعا يعود الى حرص الجيش السوري على عدم استخدام السلاح مطلقا، ويقوم الجيش بتطويق مراكز ارهابية في نوى – محافظة درعا ويقوم بالطلب من المسلحين الاستسلام وتسليم سلاحهم، ولو استخدم الجيش السوري القوة كما يدعي البعض لكان الحسم حصل في خلال ساعات. وتضيف المصادر: لو كانت الاوضاع في درعا سيئة الى هذا الحد كما يقول شهود العيان، فكيف نفذت المجموعة الارهابية امس العملية العسكرية ضد موقع عسكري وقتلت 4 وخطفت اثنين، وكيف تحرك هؤلاء وكيف نفذوا عمليتهم، فيما شاهد العيان "ابو القاسم" ينتقل من محطة الى محطة تارة باسم اعلامي وطورا باسم محامي وغيرها، فكيف يستطيع التحدث في درعا اذا كانت الكهرباء مقطوعة كما يدعي. وقال ناشط سوري في مجال حقوق الانسان ان المشارح المؤقتة في مدينة درعا تحوي 83 جثة على الاقل منها جثث لنساء وأطفال قتلوا خلال هجوم الجيش المستمر منذ أربعة أيام على المدينة.

وخرجت عدة احتجاجات في مدينتي حمص وحماه بوسط سوريا وفي بانياس على ساحل البحر المتوسط وفي القامشلي بشرق البلاد وكذلك في حرستا على اطراف دمشق، كما تحدث ناشطون عن مسيرات احتجاجية في دمشق نفسها من جهته صوت مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة لصالح قرار يطلب ارسال بعثة بصورة عاجلة الى سوريا للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان. والقرار الذي اقترحته الولايات المتحدة تم تبنيه في مجلس حقوق الانسان بعد يوم طويل من المفاوضات بين الدول الـ 47 الاعضاء في المجلس بغالبية 26 صوتا مقابل اعتراض 9 واحجام سبعة اعضاء عن التصويت.. ويطلب القرار من المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة ان ترسل "في صورة عاجلة بعثة الى سوريا للتحقيق في الانتهاكات المفترضة لحقوق الانسان وتحديد وقائع وظروف هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة". كذلك، يدين القرار "في شكل صريح استخدام العنف الدامي ضد المتظاهرين المسالمين من جانب السلطات السورية. وقال ممثل سوريا في المجلس قبل التصويت انه "يعارض اهانة اي دولة عبر تسميتها"، في القرار. واعتبر ان تبني القرار "لن يفعل سوى تعقيد وضع حقوق الانسان في سوريا وتعميق التوتر،وقال ممثل الصين الذي عارض القرار ان تبنيه "قد يشكل سابقة خطيرة". وصوتت الصين ضد القرار وكذلك روسيا وباكستان وكوبا، في حين ايدته فرنسا والبرازيل والولايات المتحدة وبريطانيا. وشدد السفير الفرنسي في الامم المتحدة جان باتيست ماتيي في كلمته امام مجلس حقوق الانسان على ان فرنسا تندد بحزم مواصلة القمع في سوريا داعيا الى انهاء العنف الذي اعتبره غير مقبول. وتابع من الضروري ان يوجه المجلس رسالة حازمة تندد بقوة بانتهاكات السلطات السورية الواسعة النطاق لحقوق الانسان.

وذكرت السفيرة الاميركية ايلين تشامبرلين دوناهو بان المجتمع الدولي "ندد بحزم بقتل وتوقيف وتعذيب متظاهرين سلميين في سوريا". وقالت موجهة حديثها الى دمشق "لن نغض النظر فيما تسجنون مواطنيكم اعتباطا، وتعذبونهم وتقتلونهم"، واعتبرت مساعدة المفوضة العليا لحقوق الانسان كيونغ واكانغ ان سوريا تتحمل مسؤولية حماية سكانها من جرائم ضد الانسانية. واضافت ان الدبابات استخدمت ضد المتظاهرين واطلقت قذائف على مناطق "ذات كثافة سكانية" وان توزيع الاغذية توقف والكهرباء قطعت والنقل العام اوقف. وانتقدت الولايات المتحدة بشدة ترشح سوريا لعضوية احد المقاعد المتوافرة في مجلس حقوق الانسان. وقالت السفيرة الاميركية ان "الحكومات التي تستخدم الاسلحة ضد مواطنيها لا مكان لها في المجلس".

قال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى ان هناك اجماعا كبيرا بين الاوروبيين حول توجيه "الرسالة الصحيحة" الى دمشق عبر فرض عقوبات لتكف عن قمع التظاهرات في سوريا وتدفع بالحوار مع المعارضة. واعرب بيار فيمون مساعد وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين آشتون قبل ساعات من الاجتماع الذي سيعقده في بروكسل سفراء الدول الـ 27 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي حول سوريا، عن ثقته في توصل الاتحاد الى المصادقة على عقوبات تستهدف شخصيات سورية مسؤولة عن القمع. وردا على اسئلة الصحافيين عن احتمال اقرار عقوبات بحق سوريا، قال "اشك في ان تكون هناك صعوبات مع الدول الاوروبية لان القمع واضح وقوي جدا". واضاف فيمون "يبدو لي ان هناك اتفاقا واسعا للقيام بامر ما وتوجيه الرسالة المناسبة" الى نظام الرئيس السوري بشار الاسد. واعتبر انه لا يجب تبني عقوبات لمجرد تبنيها بل توجيه الرسالة المناسبة لدمشق ليتوقفوا عن القمع ويعودون الى الطريق القويم والحوار مع المعارضة. وقال: اذا اتخذ القرار فسيكون قرارا مبدئيا لان اقرار منع التأشيرات وتجميد الاموال يقتضي اعداد قوائم شخصيات لاخضاعها لهذه القيود، الامر الذي لن يتم قبل دخول الاجراءات قيد التنفيذ. واكد فيمون ان الاجراء "قد يتخذ بسرعة نسبية". وتحدد وثيقة اعدها الجهاز الدبلوماسي الاوروبي وسيناقشها سفراء الدول الـ 27 في الاتحاد الاوروبي، تفاصيل مختلف الخيارات المطروحة على الطاولة، واول هذه الخطوات تعليق مساعدات الاتحاد الاوروبي للسلطات السورية في اطار سياسة التعاون وصناديق سياسة الجوار وقروض بنك الاستثمار الاوروبي. ويقدم الاتحاد الاوروبي سنويا حوالى 210 ملايين يورو من المساعدات والقروض الى سوريا غير ان العقوبات ستطال فقط الاموال المدفوعة مباشرة للحكومة السورية باستثناء تلك التي يستفيد منها الشعب عبر منظمات غير حكومية.

من جهة اخرى، قد يقر الاتحاد الاوروبي مبدأ العقوبات المحددة التي تطال المسؤولين عن قمع التظاهرات في سوريا وتنص على تجميد اموالهم وعدم منحهم تأشيرات، فضلا عن فرض حظر على الاسلحة. كما تقترح الوثيقة تبني مقاربة مشتركة في الامم المتحدة كي تدافع الدول الاوروبية الاربع الاعضاء في مجلس الامن (فرنسا وبريطانيا والبرتغال والمانيا) عن موقف اوروبي مشترك. وتقترح ايضا ممارسة ضغوط مشتركة على الدول الاسيوية بهدف عدم ترشيح سوريا لعضوية مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة. كما يفترض ان يسحب الاتحاد الاوروبي رسميا عرضه ابرام اتفاق شراكة كان يستعد لتوقيعه في تشرين الاول 2009 في انتظار موافقة دمشق. ويربط الاتحاد الاوروبي بسوريا منذ 1977 اتفاق تعاون يمنح المواد الصناعية السورية اسعارا تجارية تفضيلية.

على صعيد اخر اكد دبلوماسيون في فيينا حيث مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان مفتشي الامم المتحدة ربما يقولون في تقرير قادم ان الموقع الذي دمر في الصحراء السورية عام 2007 كان على الارجح مفاعلا نوويا سريا الامر الذي يفتح الباب أمام احالة القضية الى مجلس الامن. وطبقا للدبلوماسيين فإن الوكالة قالت في السابق ان هناك دلائل تشير الى احتمال حدوث نشاط نووي في موقع دير الزور لكن التقرير المنتظر ربما يحمل توصيفات اكثر دقة. وقال الدبلوماسيون انه من غير الواضح ما اذا كان الامر سيحال الى مجلس الامن خلال اجتماع للوكالة في حزيران وانه قد يمر وقت اطول قبل اتخاذ اجراء لا سيما في ضوء الاضطرابات الحالية في سوريا والتي عقدت الوضع.

السابق
أسماء قابلة للتغيير
التالي
الأنوار: الدولة مهددة بالعجز عن دفع رواتب الموظفين بعد شهر