«التابلاين» قنبلة موقوتة… منذ النكسة!

لم تكن المرة الأولى التي ينفجر فيها خط الأنابيب عبر البلاد العربية «التابلاين»، أول من أمس، في بلدة حبوش (النبطية). فقد انفجر هذا الخط منذ نحو أربع سنوات، وحوّلت الزيوت النفطية المتسرّبة منه الأراضي الزراعية المحيطة به إلى أرض محروقة، فضلاً عمّا سبّبته من آثار بيئية سيّئة، على السكان والطبيعة. في المرة السابقة لانفجار خط الأنابيب، البالغ قطره 32 إنشاً (نحو 80 سنتيمتراً)، عند الجهة الجنوبية الغربية من بلدة حبوش، في منطقة منخفضة تعرف بوادي حبوش، جرت معالجة الثقوب التي أحدثتها آلية للجيش كانت تتحرك في المكان بطمر الخط بكميات من الأتربة، بعدما غرقت الحقول المجاورة التي تنتشر فيها كروم الزيتون انتشاراً واسعاً بالزيوت النفطية. تحولت إلى ما يشبه البحيرة، واستمرت عدة أسابيع قبل أن تجف، فيما غطّت الروائح الغازية الكريهة المنبعثة منها بيوت البلدة أكثر من أسبوع.
وفي تعليق له على الحادثة، يقول رئيس بلدية حبوش، محمد حيدر مكة، إن «علاج الطمر انتهى مفعوله. فبعد أربع سنوات، وبسبب عمليات جرف التربة جرّاء المطر لعدة سنوات، عادت الأنابيب غير المرمّمة ترميماً صحيحاً لتظهر. وقد اكتشف عدد من الرياضيين الذين يرتادون ملعباً لكرة القدم هناك تسرّباً جديداً لافتاً من الأنابيب، فأبلغونا وتحركنا على الفور». أمس، وصلت الروائح إلى مسافة أربعة كيلومترات، أي إلى النبطية وكفررمان، وأجرت البلدية اتصالاً بالمسؤولين في مصفاة الزهراني، فتحركوا سريعاً، وكشفوا على الأنابيب، فتبيّن أن عدة ثقوب قديمة فيها تسبّب هذا التسرّب الدائم. ووفقاً لمكة، المسؤولون يحاولون معالجتها بالطرق المناسبة، إما من خلال أربطة، أو تلحيم بارد، «لأن التلحيم الحار قد يسبّب انفجاراً».
لا ينفي مكة التعديات التي حصلت على خط التابلاين الذي يبلغ عرضه 30 متراً، ويعبر حبوش من أولها شرقاً، آتياً من أراضي كفررمان، ويستمر في الحدود العقارية لبلدة دير الزهراني وينتهي عند مصفاة الزهراني الساحلية. «هناك تعديات عامة، سمحت بعدها الشركة المستملكة للدولة اللبنانية باستخدام خط التابلاين، السطحي، في تسهيل مرور المواطنين بين عقاراتهم والعديد من القرى التي يعبر فيها الخط. وهناك تعديات خاصة من مواطنين استخدموا أراضي الشركة لمآرب خاصة ومواقف وغيرها من دون رادع»، يؤكد مكة، مناشداً الوزارات المعنية التدخل «لرفع الضرر عن البلدة بعدما تحوّلت أنابيب التابلاين إلى ما يشبه القنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أي وقت».
ويستغرب أهالي حبوش الكميات النفطية «الهائلة» التي تتسرب من خط الأنابيب، علماً بأن الخط «توقف العمل به منذ عام 1967». ذلك لأن تعبئة خط الأنابيب من السعودية وصولاً إلى الزهراني قرب صيدا، بمسافة 1664 كيلومتراً، استغرقت شهرين كاملين في عام 1950، وتوقف العمل به، من دون إفراغ محتوياته.
تجدر الإشارة إلى أن منطقة الخردلي بين كفرتبنيت ومرجعيون تعرضت سابقاً لتسرب نفطي من الخط عينه، بسبب أعمال حفر جرت هناك وعولجت.

الجولان يحوّل المسار

أوقف الضخ في خط «التابلاين» إلى الزهراني تزامناً مع الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان التي يمر فيها الخط. وهو يمتد من ساحل الخليج العربي في السعودية إلى الساحل اللبناني، إذ كان مخططاً أن تكون محطته النهائية على البحر الأبيض المتوسط هي ميناء حيفا في فلسطين، بيد أن قيام «إسرائيل» عام 1948، عطّل تنفيذ المشروع، فأمر الملك السعودي عبد العزيز بإيجاد مسار بديل، أو إلغاء الخط كاملاً، فحُوّل مساره إلى ميناء صيدا في لبنان عبر الأردن وسوريا. وفي تشرين الأول 1950 تدفَّق الزيت إلى الخزانات في الزهراني، تمهيداً لملء الناقلات التي أصبح بإمكانها نقله إلى أوروبا في غضون أيام، مختصرة تلك الرحلة البحرية البالغة 7200 ميل.
 

السابق
بين صلاحيّات الوزير ودور الحكومة، أين أخطأ الشامي؟
التالي
جنود إسرائيليون ثبتوا كاميرات مراقبة على الشريط الشائك بين الغجر والعباسية