المستقبل: تحذير إيطالي من خروج “حزب الله” عن السيطرة

لا جديد على صعيد تشكيل الحكومة، سوى المزيد من الفراغ، رغم انعقاد لقاء مسائي بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي. وكل ما يجري تسريبه من إشارات إيجابية توحي بولادة قريبة، لا يعدو كونه أمنيات لدى مطلقيه أو هروباً إلى الأمام وتعمية على عجز الرئيس المكلف والأكثرية الجديدة حتى الآن عن التأليف، فيما البلاد تُستنزف في ظلّ تفاقم كلفة الفراغ الحكومي على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسط تقدم للهمّ الأمني على أكثر من مستوى بما يجعل الوضع اللبناني مفتوحاً على كل الاحتمالات في ضوء التطورات المتسارعة على المستوى الإقليمي.

وسط هذه الصورة، لفت وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني في مقابلة مع صحيفة الـ"فوليو" إلى أنَّ "الدور الذي لعبته وستلعبه سوريا مع حزب الله، يُفقد مهمة "اليونيفيل" أحد أسباب وجودها الهامة، والمفارقة هنا واضحة، فإذا ما شعر "حزب الله" بالضعف، نتيجة ضعف قوة التغطية والتسليح من سوريا باعتبارها عرّابته، فمن الممكن أن يصبح أكثر عدوانية، وأن يخرج عن نطاق السيطرة، وإذا حدث ذلك، فيجب تغيير طبيعة تكليف مهمة اليونيفيل"، موضحاً أنَّ "اليونيفيل لعبت دوراً جيداً في تسوية الأزمة بعد عام ألفين وستة، ويمكنها أن تتحول إلى رادع ممتاز حتى في مواجهة أزمة جديدة في المنطقة، ولكن بالتأكيد ليس وفقاً لآلية القرار 1701"، مشدداً على أنه "يجب أن يكون واضحاً، أنه حتى لو لم تؤثر الأزمة السورية على لبنان، فإن التزامنا بمهمة اليونيفيل، كما قررت الحكومة بالفعل، سينخفض بشكل كبير، بالتنسيق مع حلفائنا".

في سجل التطورات الأمنية، وعلى إثر الاحتجاجات الشعبية المتنقلة في الداخل السوري فرّ مئات المواطنين السوريين سيراً على الأقدام منذ صباح الأمس من منطقة تل كلخ الحدودية مع لبنان بعد توترات حصلت هناك إلى منطقة وادي خالد في شمال لبنان عبر معبر البقيعة الحدودي غير الرسمي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن "معظم الواصلين من النساء والأطفال وبعض كبار السن، وهم يحملون الأكياس والحقائب والفرش والأغطية، وكانت السيارات تنزلهم قبل المعبر الترابي من الجهة السورية ويقطعون المسافة على الأقدام وصولاً الى الأراضي اللبنانية"، مقدرة عدد الواصلين بنحو 700 شخص. وقد سُجل انتشار كثيف للجيش اللبناني مع سيارات عسكرية وملالات في محيط المعبر، وجلس عناصر من الجيش من الجهة اللبنانية للمعبر يدونون أسماء الواصلين.

توازياً في الشق الأمني، بدا أن الإجراءات الأخيرة للقوى الأمنية في تنفيذ حملة قمع مخالفات البناء على الأملاك العامة والمشاعات أخفقت وتراجعت نتيجة عصيان المخالفين واستمرار الاعتداءات على قوى الأمن واعتراضها في مناطق من الجنوب والضاحية، إضافة الى رصد عمليات استعجال لإنجاز المباني المخالفة. ولم تعد قضية التعديات على الأملاك العامة مسألة تعدٍ على ملك عام أو خاص بل تعدتها الى السلامة العامة مهددة مرفقاً يُعتبر المدخل الرئيس للبنان وهو مطار بيروت، حيث وصلت التعديات الى محاذاته خصوصاً بين المدرجين البحري الجديد الرقم 16 والقديم الرقم 17، الأمر الذي يهدد بوضع المطار على اللائحة السوداء بعدما أضحى في عهدة المنظمة العالمية للطيران المدني والتي يتوقع صدور تقرير تقني عنها. وفي الأوزاعي، أخفقت عملية قمع مخالفة بناء نتيجة عصيان المخالفين الذين ارتفع عددهم في مواجهة القوى الأمنية، ولم تفلح عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي في وقف التعدي وردع المعتدين الذين سرعان ما عادوا الى العمل في إكمال البناء.

جنوباً، استمرت عمليات الكر والفر بين الأهالي والقوى الأمنية في المناطق الجنوبية، فبينما كانت دورية لقوى الأمن الداخلي تعمل قبيل الثانية عشرة ظهر أمس في عدلون والسكسكية على قمع مخالفات بناء على المشاعات والأملاك العامة في البلدتين، انهمرت الحجارة من نسوة كنّ على أسطح المنازل على عناصرالأمن، بشكل عاق عملها.

حكومياً، بقيت الضبابية سيدة الموقف، من دون صدور أي إشارات توحي بحلحلة العقد المعروفة التي تحول دون إخراج التشكيلة، بل على العكس ما رشح أفاد خلاف ذلك، إذ نفت مصادر مواكبة لعملية تشكيل الحكومة لـ"المستقبل" المعلومات التي سربتها أوساط سياسية حول تشكيل الحكومة، وما تردد من أن الرئيس ميشال سليمان قد تخلى عن حقيبة وزارة الداخلية، وأنه أبلغ ذلك الى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، على أن تتولى هذه الحقيبة شخصية يتوافق عليها جميع الأطراف المعنية بالتشكيل"، وأكدت أن "لا صحة لهذه المعلومات على الإطلاق، ووصفتها في إطار التسريبات ليس إلا".

وشرحت المصادر كيفية مقاربة رئيس الجمهورية آلية تشكيل الحكومة "والتي تنطلق من اتفاق الطائف، حيث أعطى المشرع لرئيس الجمهورية الحق "بالتشاور" مع الرئيس المكلف حول نواة تشكيلة الحكومة، كما أعطاه الحق وحده بالتوقيع على مرسوم التشكيل، وهذا يعني، بحسب المصادر، أن المشرع أعطى رئيس الجمهورية هامشاً في إبداء رأيه في توزيع الحقائب والأسماء وإجراء الاتصالات حولها الى أن يتم الاتفاق على تركيبة نهائية للحقائب والأسماء". وأكدت المصادر أن "رئيس الجمهورية لا يتمسك بحقيبة الداخلية أو بشخص الوزير زياد بارود لأغراض شخصية، بل هناك عُرف سرى منذ اتفاق الدوحة بأن تكون الحقائب الأمنية من حصة رئيس الجمهورية، وبالتالي لم تنتفِ الأسباب السياسية التي تؤدي للقفز فوق هذا العُرف فالبلاد تعيش أكثر مراحل التأزم السياسي بين قوى 14 و8 آذار وبالتالي من المستحسن أن تتشكل الحكومة تحت إطار اتفاق الدوحة". ولفتت المصادر الى أن "الرئيس المكلف لم يحمل حتى آخر زيارة الى بعبدا، نواة تشكيلة حكومية تضم توزيعاً للحقائب والأسماء، فالتباين حول الحقائب والأسماء لا يقتصر على بعبدا والرابية حول وزارة الداخلية، بل أيضاً بين الرابية وفردان وعين التينة، فرئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الى جانب تمسكه بحقيبة الاتصالات والطاقة، يريد الداخلية والصحة أو التربية، في حين أن الرئيس ميقاتي لا يحبذ تمسك عون بحقيبة الاتصالات ويريد إسنادها الى أحد الوزراء المحسوبين عليه، كما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض إسناد حقيبة الصحة الى التيار الوطني الحر، ويلمح بأنه يريد أن تكون حقيبة الطاقة من حصته، وبالتالي فإن مدة تشكيل الحكومة مرشحة أن تطول بانتظار أن تثمر الجهود التي يقوم بها حزب الله والأطراف الإقليمية لحل العقد العونية".

السابق
السفير: سليمان وميقاتي يتواصلان مع الأسد
التالي
الديار: تشاؤم رئاسي: لا حكومة قريباً …سليمان متمسك ببارود