الراي: نفخ سياسي في الاحتقان المعيشي لاصطياد أكثر من هدف

زادت ملامح الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في لبنان منذ ايام على خلفية ازمات وملفات ذات طابع اجتماعي واقتصادي، المشهد الداخلي تلبداً وخصوصاً ان هذه التحركات تتزامن مع الكثير من العوامل السياسية والأمنية المثيرة للقلق حيال الاستقرار اللبناني عموماً.
وتعرب اوساط واسعة الاطلاع عن خشيتها من احتمال انزلاق الوضع الداخلي نحو اتجاهين متلازمين، الاول يتصل فعلاً بالتأزم الاجتماعي والاقتصادي، والثاني قد يكون على صلة بافتعالات مدبرة لتوظيف الواقع الصعب في ظل الازمة الحكومية العالقة من اجل دفع البلاد نحو توترات متعددة الوجه.
وتقول هذه الاوساط لـ «الراي» ان ما يثير القلق في بروز موجة الاحتجاجات ذات الطابع المطلبي والاجتماعي ولا سيما ارتفاع اسعار المحروقات، هو انها محقة بالكامل وتكشف وصول الاوضاع الاجتماعية الى ذروة من الاحتقان وسط إهمال السياسة والسياسيين لهذا الجانب او إخضاعه الدائم لتموجات التوظيف.
لكن يبدو ان ثمة جانباً آخر بدأ يظهر، الى جانب الاسباب الحقيقية لهذه الاحتجاجات من مثل ارتفاع سعر البنزين، وهو ان ملف مخالفات البناء على الاملاك العامة لعب دوراً في تحريك الاحتجاجات بعدما برزت بوضوح خطورة استقواء فئات لبنانية على الدولة وعجز الاجهزة الامنية والرسمية عن تحكيم كلمة القانون.
وتعتقد الاوساط ان لهذه الخلفية اثراً قوياً في تحريك او حتى تحريض فئات مختلفة مهمشة وتعيش معاناة اجتماعية قوية على البدء بموجة احتجاجات بدورها، ولو على غير طريقة الاستقواء على الاملاك العامة. ولكن ذلك لا يقلل خطورة التوقعات التي تخشى ان تكبر هذه الموجة تباعاً ما لم يجر تأليف حكومة بأسرع وقت لاحتواء هذا المشهد بانفراج سياسي ولو من طريق حكومة تجمع اطرافاً ضمن اتجاه واحد.
اما الجانب الآخر الذي تقول الاوساط نفسها انه يشكل الوجه المقابل للمخاوف على الاستقرار فهو يتعلق بالمحاولات المتواصلة لإسقاط تداعيات الاضطرابات المتفجرة في سورية على الساحة الداخلية اللبنانية.
ورأت ان الوضع الداخلي في ضوء هذه العوامل مجتمعة يبدو مرشحاً لاهتزازات لا يمكن تقليل خطورتها ما لم يجر تدارك الامر بالتعجيل في تأليف الحكومة قبل ان تدهم البلاد تطورات من شأنها ان تطيح بدورها الفرصة المتاحة حتى الآن لاستعجال الحكومة .
وعلى وقع «الضياع» في الملف الحكومي الغارق في متاهات تعقيدات تحمل لبوساً محلياً فيما تتصل جذورها في الواقع بالأزمة التي تعصف بسورية، انهمكت بيروت بمجموعة ملفات ذات طابع أمني، ابرزها:
* ما شهدته الحدود اللبنانية الشمالية مع سورية ليل الاربعاء ـ الخميس (عشية حركة الفرار السورية في اتجاه شمال لبنان) حيث نُقل عن شهود في منطقة وادي خالد (عكار) انهم سمعوا اطلاق نار كثيفا عند الضفة السورية من النهر الكبير في منطقة البقيعة الحدودية من دون التمكن من معرفة تفاصيل ما جرى.
* انتقال حركة الاحتجاجات على ارتفاع أسعار البنزين إلى الشارع من خلال اللجوء إلى قطع الطرق في مناطق لبنانية عدة، مثل عالية وصوفر (الجبل) والنبطية وحبوش (الجنوب)، وصولاً إلى كورنيش بشارة الخوري في بيروت باطارات السيّارات المشتعلة، بالتزامن مع انطلاق تظاهرات سيّارة، في إطار الضغط المعلن لتخفيض المحروقات، فيما يستعد القطاع العمالي لتحرك احتجاجي واسع في 19 مايو المقبل تحت شعار يوم «الغضب الكبير».
علماً ان سائقي لبنان والعاملين في قطاع النقل البري العمومي وسائقي الفانات والأوتوبيسات والشاحنات توقفوا امس عن العمل احتجاجا على ارتفاع سعر البنزين.
* تفاعُل قضية التعديات على المشاعات والاملاك العامة وسط تقارير تحدثت عن ان هذه الظاهرة أخذت في التوسّع في الايام الاخيرة في اتجاه استكمال إنجاز الأبنية المخالفة وتحويلها امراً واقعاً بالكامل وخصوصا في الاوزاعي (المدخل الجنوبي لبيروت) وفي المناطق المتاخمة لمطار رفيق الحريري الدولي، وهو ما قرأته دوائر سياسية، معطوفاً على مواصلة التصدي للقوى الأمنية خلال قمعها المخالفات، على انه يعكس عدم جدية ما اعلنته القوى السياسية التي تقع المناطق حيث غالبية المخالفات ضمن نطاق نفوذها من رفع للغطاء عن المخالفين.
وفي هذا الإطار، لفت انه بينما كانت دورية لقوى الامن الداخلي تعمل قبيل الساعة الثانية عشرة من ظهر امس على قمع مخالفات بناء على المشاعات والاملاك العامة في بلدتي عدلون والسكسكية (الجنوب) انهمرت الحجارة من نسوة كنّ على اسطح المنازل على عناصر الدورية ما ادى الى اصابة خمسة دركيين بجروح.
وعلى الأثر قام اهالي البلدتين في هذه الأثناء بقطع طريق عام عدلون ـ الزهراني عند محلة المينا بإطارات السيارات المشتعلة ما ادى الى تعذر المرور عليها، وحضرت قوة من الجيش اللبناني واخرى من قوى الامن الداخلي لفتح الطريق، فيما فر المواطنون من امام الدورية التي تعرضت للرشق بالحجارة ايضاً، وانطلقوا الى مكان آخر حيث عمدوا الى قطع الطريق القديمة لبلدة عدلون بالاطارات المشتعلة.
وفي عكار (الشمال)، اثار قرار الغاء رخصة البناء 120 متراً مربعاً التي كان سمح للبلديات باعطائها منذ 11 /4 /2011، موجة اعتراض كبيرة في مختلف البلدات، تُرجمت في قيام الاهالي بقطع الطرق الرئيسية في مناطق برج العرب والكواشرة وخربة داود، بالاتربة واطارات السيارات حاملين اللافتات المنددة بالقرار وذلك بمشاركة رؤساء بلديات ومخاتير افاد بعضهم انهم اعطوا المسؤولين مهلة حتى يوم غد بغية معالجة هذا الموضوع.
وعلى خط آخر، ذكرت تقارير ان عددا من المواطنين اقدموا فجر امس على قطع طريق عام حبوش ـ النبطية (الجنوب) مرات عدة بالإطارات المشتعلة، مطالبين بـ «إسقاط النظام الطائفي»، الا ان القوى الامنية اعادت فتحها، وانذرت بتوقيفهم اذا اعادوا قطعها. وبعد وقوع تلاسن بين المحتجين والقوى الامنية، تم توقيف شخصين هما (م.ع.ج.) و(ع.ح.ع.) اللذان اقتيدا الى مخفر درك النبطية للتحقيق معهما.

مئات السوريين يفرون إلى شمال لبنان

شهد معبر البقيعة امس، هروبا لمئات المواطنين السوريين، بعد اشتباكات حصلت في بلدة تلكلخ السورية المقابلة ليل الاربعاء ـ الخميس (تبعد نحو كيلومترين)، حسب ما افاد بعض الذين عبروا سيراً على الاقدام نحو الاراضي اللبنانية.
وقال محمود خزعل، الرئيس السابق لبلدية المقيبلة الواقعة في منطقة وادي خالد الذي كان ينتظر اقارب واصدقاء عند المعبر ان «حركة النزوح بدأت خفيفة منذ مساء الأربعاء مع نزوح عدد من العائلات. لكن منذ الثامنة من صباح الخميس، بلغ عدد العابرين نحو 700 شخص».
وافاد مراسل «فرانس برس» ان معظم الواصلين من النساء والاطفال وبعض كبار السن، وهم يحملون الاكياس والحقائب والفرش والاغطية. وكانت السيارات تنزلهم قبل المعبر الترابي ويقطعون المسافة على الاقدام وصولا الى الاراضي اللبنانية.
والبقيعة ليس معبراً رسمياً، ويستخدمه حصراً اهالي وادي خالد للدخول الى سورية والخروج منها، وهو محظور عادة على السوريين.
الا ان عددا من الواصلين افادوا بانهم لم يتمكنوا من سلوك معبر جسر قمار الرسمي المخصص للسيارات والواقع على بعد كيلومتر من البقية بسبب اقفال الطريق المؤدية اليه بالحجارة والدواليب.
وقال يحيى مرعي (50 عاماً) الذي وصل مع زوجته وطفليه ان «الجيش السوري يفرض طوقا امنيا على كل مخارج تلكلخ، ويسمح للمواطنين بالخروج منها، لكن الدخول ممنوع». واضاف: «سارت تظاهرة عصر الأربعاء في المنطقة تدخلت على اثرها القوى الامنية وحصل اطلاق رصاص ادى الى سقوط عدد من الجرحى من ابناء المنطقة». وتابع: «خلال الليل، سمعنا اطلاق نار كثيفا في الشوارع وعند مداخل تلكلخ لم نعرف مصدره. وقررنا المغادرة خوفا من تجدد الاشتباكات».
الى ذلك، بدأت الارتدادات الاقتصادية للاحداث التي تشهدها سورية تظهر على الساحة اللبنانية حيث نُقل عن مصادر جمركية في البقاع أن أربع شاحنات نقل فقط دخلت لبنان عن طريق سورية، ثلاث من السعودية وواحدة من الكويت، في حين خرجت 65 شاحنة من لبنان إلى سورية «ما ينعكس سلباً على حركة الترانزيت العربية من بيروت إلى الخليج وبالعكس».

جنوبيون تلقوا اتصالات اسرائيلية

تلقى عدد من أهالي قرى قضائي مرجعيون وبنت جبيل (جنوب لبنان) اتصالات مشفّرة على هواتفهم الخليوية طلبت منهم معلومات عن الجنود الإسرائيليين المفقودين في لبنان لقاء مبلغ 20 مليون دولار.
وتضّمنت الاتصالات رسالة مسجّلة بصوت رجل ذي لهجة فلسطينية.

السابق
لقاء رئيس اتحاد بلديات صور ووفد وكالة التنمية الفرنسية
التالي
المراجع الصالحة لبت نزاعات الجيران