نحو مشهد سوري قوي ومعافى

بدأت الصورة تتضح أكثر فأكثر، لم يعد الأمر مقتصراً على عمالة مجموعةٍ من المجرمين المأجورين الخارجين عن طاعة الوطن، والمجرّدين من حسِّ الانتماء، أو رعاية هؤلاء من بعض «الصغار» الذين ظنوا أنفسهم في غفلةٍ من الزمن «قاماتٍ كبيرة» بفعل تلطيهم وراء جملةٍ من الشعارات التي ثبت زيفها وبهتانها، بل تعدى ذلك إلى صورةٍ أكبر وأوضح: صورة المشروع «الصهيو – أميركي» المنعقد لواؤه بمشاركة بعض «العربان الغربان» الناعقين بأوامر أسيادهم، بصيحات الحرية والعدالة والديمقراطية التي هي منهم براء.

إن ما قام به الجيش العربي السوري والقوى الأمنية، من عمليات ملاحقة للمجموعات التخريبية المسلحة، التي روّعت الوطن والمواطن، بدأت تؤتي نتائجها، لتسهم اعترافات البعض من أعضاء هذه الشبكة المجرمة الآثمة، بمعرفة حجم المخطط القذر الذي كان يستهدف الوطن والإنسان، المخطط الممول بالمال الحرام، الذي سُخِّرَ في محاولة رخيصة لهدم بنيان الدولة الوطنية السورية وتقويضه، و«تدفيع» سورية المقاومة الصامدة قيادةً وشعباً ثمن تحالفها مع القوى الشريفة في العالم، ودعمها اللامحدود لقوى المقاومة في فلسطين ولبنان، ورفضها للإملاءات الأميركية الصهيونية، التي تهدف إلى إرغام سورية على توقيع اتفاق «إذعان» مع الكيان الصهيوني الغاصب.

لقد كان صمود سورية مشرِّفاً، وهو الذي استند إلى الوعي الكبير لمفردات المخطط التآمري الكبير، والذي حظي بمساندةٍ مادية و«تسليحيةٍ» وإعلامية واسعةٍ وشرسة، من بعض وسائل الإعلام «الرخيصة»، والتي قدّمت الأدلة كافة موثقةً بالصوت والصورة، والتي تفضح انخراطها الكامل في المؤامرة التي كانت تستهدف ضرب كيان سورية المقاومة، وكذلك حظي هذا المخطط بغطاءٍ دبلوماسي «أخرق» متعدد الجنسيات ومتفق الهوى «التآمري» أخفق هو الآخر في إحداثِ خرقٍ ولو بسيطاً في جدار الوعي الوطني السوري.

غير أن المعيب حقاً بل المخجل والمشين، هو أن يصمت الكثيرون من عربان النفط والبعض من «وعّاظ» الديمقراطية في الغرب، عن ممارسات الكيان العنصري الصهيوني الغاشم بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، الذين يذبحون ويقتلون يومياً على مرأى ومسمع هؤلاء الدعاة الديمقراطيين، الساكتين دهراً عن السياسة الصهيونية الاستيطانية الدموية، والتي تهدف إلى تزييف التاريخ والجغرافية، والناطقين كفراً بكل القيم الإنسانية ومقومات العدالة وحقوق الإنسان.

سورية اليوم تستعيد أمنها وعافيتها رغم أنف الحاقدين، تبلسم جراحات أبنائها، وتواري شهداءها في الثرى الطاهر، وهذه الدماء العزيزة الغالية التي انسكبت هي فداءٌ للوطن وعزته وكرامة أبنائه، وهي الطريق الحق إلى الغد الحر الكريم، الخارج عن طاعة صنّاع المؤامرات والفتن، وكذلك فإن وتيرة الإصلاح الذي انطلق ستتواصل بثقةٍ كبيرةٍ وبتفويضٍ شعبي أوسع، لأن الهدف كان وسيبقى إعلاء شأن الوطن، وتحقيق مطالب أبنائه وتعزيزها، وصولاً لمشهدٍ سوري قوي ومعافى، يواصل أبناؤه مسيرة البناء والصمود والانتصار، بكل عزيمةٍ واقتدار.

السابق
أوساط ميقاتي لـ”السياسة”: لن يسمح لأحد بضرب الدستور واختراع مفاهيم جديدة
التالي
الحقيقة في ساحل العاج .. القصة غير المروية