المفاوضات: لا يزال ممكنا الاتفاق

كلما مرت الايام يتقلص الاحتمال في أن تجري في اثناء ولاية الحكومة الاسرائيلية الحالية مفاوضات جدية بين اسرائيل والفلسطينيين. واذا كان الاتهام يجب أن يوجه للقيادة الاسرائيلية أم للقيادة الفلسطينية – فيخيل أن هذا لم يعد منذ زمن بعيد مجرد تقدير. المفاوضات لن تجري، ومؤخرا فقط نقل على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قوله للسفراء الاجانب انه يشك ان يكون ممكنا العودة الى طاولة المفاوضات.
الفراغ السياسي يؤدي الى اطلاق المزيد فالمزيد من التقديرات بشأن خطوات احادية الجانب قد تقع. نتنياهو يفكر، ربما، بنوع من الانسحاب احادي الجانب من أجزاء من الضفة الغربية. اما الفلسطينيون على ما يبدو فيفكرون بطلب اقرار من الامم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 67 في ايلول القريب القادم. ومحافل مختلفة في العالم تفكر، ربما، بعرض صيغة لتسوية سياسية دون تلقي موافقة الطرفين.
غير أن يأس الاسرائيليين من الفلسطينيين، والفلسطينيين من الاسرائيليين والعالم من الطرفين – من شأنه أن يؤدي الى واقع أصعب بكثير مما هو قائم اليوم. أي من الخيارات احادية الجانب موضع الحديث لا يبشر بالخير.
* * *
انسحاب اسرائيلي من طرف واحد دون توقيع على اتفاق مع الفلسطينيين لن يؤدي الى انهاء النزاع، لن يرفع الضغط الدولي على اسرائيل ولن يستجيب لاحتياجاتها الاستراتيجية الحقيقية. الصراع الداخلي الذي سيقع في اسرائيل قبل ذاك الانسحاب لن يستحق النتائج الجزئية جدا التي ستكون له.
اعلان فلسطيني عن اقامة دولة تسندها الامم المتحدة لن يحل شيئا هو الاخر. مفهوم أن دولة فلسطينية مستقبلية لا يمكنها أن تقوم في حدود 67، الا اذا جرت تعديلات حدودية. وعليه فان مثل هذا الاعلان لن يحدد حقا دولة جديدة، وبالتأكيد ليس عندما تكون اسرائيل لا تزال تسيطر على كل اراضيها. مثل هذه الخطوة سترفع مستوى اللهيب والمواجهة بين الطرفين والضغط على اسرائيل. اذا كان لهم على المستوى الاعلاني دولة اما عمليا فشيء لن يتغير على الارض – فتلك الخطوة من شأنها أن تضر بالفلسطينيين أنفسهم.
* * *
خطة لاتفاق سياسي تنزل على الطرفين من طرف ثالث – اوروبي او امريكي – ستلقى المعارضة فورا. هكذا هي الطبيعة البشرية، وبالتأكيد هكذا هي العناصر التي تعيش في الشرق الاوسط: خطة يعرضها طرف ثالث ستعتبر على الفور ضارة، حتى لو كان مضمونها منطقيا تماما. على خطة كهذه ورفضها التلقائي من الطرفين سيكون فقط دليل آخر على عدم القدرة على الوصول الى اتفاق.
خطوات احادية الجانب لن تحل شيئا. في افضل الاحوال ستؤجل استمرار النزاع، ولكن من المعقول أفضل ان تحثه وتفاقمه فقط. كما أن الاطراف تفهم هذا وعليه فانها ستعرضها كخطوات تجري لانعدام البديل.
ومن هنا ينشأ الامل. اذا كان الجميع يعارضون مثل هذه الخطوات احادية الجانب واذا كان الجميع يفهمون آثارها الخطيرة – فلعل الاطراف تنجح في التسامي على نفسها ومع ذلك تتوصل الى اتفاق؟ اذا لم تجد قاسما مشتركا واحدا، فلعل الخوف من خطوات احادية الجانب يمكنه ان يكون اساسا للمفاوضات.

السابق
من كفاح مسلح الى كفاح سياسي
التالي
“الشيعي الحرّ” يدعو الطائفة للإنتفاض على مرجعياتها