المستقبل: رئيس المجلس يملأ الفراغ الحكومي باستغرابه “المراوحة في التأليف”

يبدو الوضع اللبناني مفتوحاً على كل الاحتمالات، في ظل تخبط فريق "8 آذار" بمأزق تأليف الحكومة العتيدة، وعجزه عن حلحلة العقد الداخلية والخارجية التي لا تزال تؤخر الولادة الحكومية، الأمر الذي "يكشف لبنان على المستويات الاقتصادية، المالية والأمنية"، كما شددت الأمانة العامة لـ"14 آذار".

وأوضحت أوساط رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي لـ"المستقبل" أنه لا يزال في انتظار الأجوبة عن المقترحات من أجل حل مشكلة وزارة الداخلية"، لافتة إلى أن "ميقاتي يتحفظ عن إعلان المقترحات لأنها لا تزال قيد البحث، في حين أن الأمور الأخرى باتت مبتوتة ووضعت جانباً". وتأسيساً على ذلك، لم يبرز أي جديد على خط التأليف، سوى المزيد من الفراغ الذي يملأه رئيس مجلس النواب نبيه بري بتمنياته عن ضرورة "وجود حكومة اليوم قبل الغد"، داعياً إلى الإسراع في تأليفها، ومستغرباً "الاستمرار على هذه الحال من المراوحة"، بعد أن أعلن للبنانيين، أول من أمس، أن تأخير التأليف "مؤامرة ضد سوريا"، الأمر الذي تقاطعت مواقف قوى "14 آذار" على وصفه بـ"المضحك المبكي"، فيما تساءل منسق الأمانة العامة لـ"14 آذار" النائب السابق فارس سعيد: "من الذي يتآمر؟ العماد ميشال عون يضع العراقيل؟ أم يتآمر على لبنان الرئيس نجيب ميقاتي المكلّف تشكيل الحكومة؟ أم يتآمر على لبنان "حزب الله؟". ولم يكتفِ سعيد بالتساؤل عن هوية المتآمرين، بل أكد أن "ربط الرئيس برّي موضوع تشكيل الحكومة بالموضوع السوري شيء خطير جداً، ويؤكد أن هذا إقحام لشؤوننا الداخلية في الموضوع السوري".

وسط هذه الصورة، بدا أن تداعيات ايعاز وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال علي الشامي الى مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام بالامتناع عن تأييد مشروع بيان ضد النظام السوري إلى تفاعل، لا سيما في موضوع تخطيه الرئاستين الأولى والثالثة، لكن اللافت أمس كان ما قالته أوساط الشامي لـ"المركزية" إن "وزارة الخارجية هي التي ترسم سياسة لبنان الخارجية ولا موجب يمنع الوزير من التخاطب مع سفير لديه باعتباره رئيسه المباشر"، في وقت كان الرئيس بري يؤكد "الوقوف إلى جانب سوريا في هذه المرحلة بالذات"، مشيراً إلى أنَّ "موقف لبنان في مجلس الأمن طبيعي وينطلق من العلاقة الأخوية والمميزة بين البلدين، ومن المصلحة المشتركة للشعبين الشقيقين".

وتعليقاً على تفرد الشامي، المحسوب على بري، في تحديد السياسة الخارجية للدولة اللبنانية، أكد سعيد، باسم الأمانة العامة لـ "14 آذار"، أن "هذا الموضوع يعود إلى صلاحية رئيس مجلس الوزراء"، معتبراً أنه "بغض النظر عن موقف الوزير الشامي أو رئيس مجلس الوزراء، مندوب لبنان في الأمم المتحدة اليوم لا يمثل فقط لبنان، بل يمثل الأسرة العربية، ويجب أن يتحدد هذا الموقف ليس فقط من جانب لبنان إنما أيضاً من جانب الأسرة العربية". وفي المواقف البارزة، شدد رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" الرئيس أمين الجميل على وجوب الإسراع في "اتخاذ إجراءات إنقاذية تُحصّن موقع لبنان وسط نزاعات الأنظمة والمحاور في المنطقة(…) على قاعدة أنّ عقيدة "عدم الانحياز" تخدم كل الأطراف والأضداد"، أما إذا ذهبت رياح المنطقة "بما لا تشتهي سفن اللبنانيين فسيكون على كل الناس السلام، وعندها لا "حزب الله" ولا سواه سيكونون محصنين وقادرين على مواجهة هذه الرياح". وإذ أشار إلى أنّ "الأكثرية النيابية الجديدة في مأزق"، نبّه على أنّ "أيّ حكومة من لون واحد مفروضة على الناس لن يكون بمقدورها أن تعمّر في هذا البلد، وبالتالي سنعود حتماً إلى حكومة الإنقاذ"، داعياً في هذا السياق الرئيس ميشال سليمان، بالتعاون مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والرئيس المكلف نجيب ميقاتي وسائر القيادات اللبنانية الفاعلة، إلى "أن يقترح حلاً يضع كل الناس أمام الأمر الواقع ويطرح المخاطر المحدقة بالوطن والكيان والنظام".

وبعيداً عن التجاذبات السياسية، تحركت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري لتحقيق المطالب المرفوعة في ظل الاستمرار في ارتفاع أسعار المحروقات لا سيما البنزين الذي ارتفع أمس 500 ليرة مطيحاً التخفيض الذي كان أعلنه وزير الطاقة جبران باسيل 5500 ليرة، فنظمت الاتحادات تظاهرة سيارة انطلقت من منطقة الكولا وجابت شوارع العاصمة وصولاً الى منطقة الدورة حيث وزارة الطاقة. كما تم قطع طريق صوفر الدولية احتجاجاً على ارتفاع سعر صفيحة البنزين. إلى ذلك، اتجهت قضية التعدي على الأملاك العامة نحو مزيد من التأزم في ظل مضي المعتدين في استباحتها ، بعدما بلغت التعديات حداً مذهبياً وطائفياً من خلال الاعتداء على الأوقاف السنية وممتلكات للكنائس، على الرغم من الإجراءات الأمنية المتشددة، في ظل غياب أي موقف حاسم للمعنيين مباشرة، أي "حزب الله" وحركة "أمل"، خصوصاً بعدما بلغت التعديات حداً غير مسموح في محيط مطار رفيق الحريري الدولي، الأمر الذي بات يهدد سلامة الطيران ويضع مصير السفر من لبنان وإليه على المحك في حال استمر التهديد، إذ يصبح لبنان ممراً غير آمن دولياً.

السابق
أوروبا واختبار شمال إفريقيا
التالي
الديار: بلبلة حول الموقف اللبناني في مجلس الأمن