1360 مخالفة و65 موقوفاً وحجز 75 آلية: أين الدولة في الجنوب

رغم كل الجهود الرسمية التي بذلت في اطار تطويق ظاهرة الاعتداء على الاملاك العامة واملاك الدولة والمشاعات، لا تزال الاعتداءات على هذه الاملاك على غاربها، وبخاصة في الجنوب حيث تحصي المعلومات الامنية ارقاما بلغت 1360 مخالفة نظمت فيها محاضر ضبط على كل المستويات تراوح بين بناء طبقة أو أكثر وبناء غرفة أو حتى تشييد حائط.

بإزاء هذه الهجمة الشرسة من مواطنين، قد يجدون أعذارا ومبررات لما يفعلون، خصوصاً في ضوء استفحال اسعار العقارات والشقق، والتي تساهم فيها الدولة مساهمة رئيسية من خلال تسهيل برامج القروض الاسكانية، التي ارتدت سلبا على اقتصاد البلاد انعكس ارتفاعا جنونيا في قيمة العقارات التي تزايد عليها الطلب، كما حدث في دول عظمى، اكتشفت بعدما شارف اقتصادها الانهيار ان التسهيلات المصرفية للقروض الاسكانية رفعت اسعار العقارات الى مستويات قياسية.

وسط هذه الحال التي تستدعي تضافرا على كل المستويات الرسمية،من اعلى الهرم السلطوي الى ادناه، للتصدي لمشكلة متشعبة، تتخلى كل ادارات الدولة واجهزتها عن واجباتها المفترضة وتنيط بالقوى الامنية وحدها مهمة التصدي للأهالي والمخالفين الذين تشير كل التقارير الامنية الى انهم يعيشون اجواء من التمرد والعصيان على الدولة التي عودتهم ابرام التسويات معهم عبر السنين. اذ ان من يعتدي على الاملاك العامة اليوم يفترض مسبقا أن يوما سيأتي، تسوى فيه مشكلة البناء على الاملاك العامة ويستملك المعتدون العقارات التي بنوا عليها بيوتهم، على غرار ما حدث سابقا في محطات عديدة.

وسط هذا الاعتقاد السائد عند كل اهالي القرى في الجنوب،حتى لدى من لم يعتدوا على الاملاك العامة، والمعزز بالاجراءات المتبعة على المستوى القضائي على سبيل المثال، حيث بينت الاجراءات القضائية التي اتخذت في حق المخالفين الذين اوقفوا ان القانون لا يتعامل مع جرائمهم على انها من النوع الذي يستدعي توقيفهم قضائيا، بدليل انهم يتركون بسرعة،ووسط عجزالسلطات الادارية عن منح التراخيص اللازمة في ظل القوانين المكبلة لها في هذا الاطار، ووسط اجواء التمرد على الدولة التي تسود في كثير من القرى والمدن، تنفجر تلك القنبلة الموقوتة في وجه الدولة التي ترى نفسها عاجزة عن تعطيلها، في ظل الانقسام الافقي والعمودي الذي يمزق المشهد السياسي الى كتل متناحرة،تحت مسميات متعددة، فترمي بها ككرة نار الى ملعب القوى الامنية، علما ان الدولة على كل مستوياتها تعلم علم اليقين، ان القضية أكبر من ان تتحملها دورية ومخفر، وان الاجهزة الامنية وقياداتها تنوء بحمل عصيان وتمرد معمم، يحتاج الى "ورشة" مقاربة موضوعية شاملة تعالج كل اسباب المشكلة وتداعياتها على مستوى كل الادارات في الدولة،لا سيما وان الامر دخل في بازار المزايدات الطائفية والمذهبية.

ففي قضاء صور ومنطقتها تسود اجواء من الشحن الطائفي والمذهبي، في وجه القوى الامنية، يجعل اداء افرادها وضباطها قلقين الى حد كبير،خاصة في ضوء التهديدات التي يتلقاها بعضهم نتيجة للاجواء التي سادت بعد الحادثة التي أودت بحياة شابين لبناني وفلسطيني، علما ان الجميع، المهدِّدِين والمهدَّدَين، من ابناء المنطقة نفسها.

انطلاقا من هذه الوقائع، فإن مشكلة الاعتداء على الاملاك العامة لا يمكن ان تحلها القوى الامنية وحدها، وان كانت تقوم بما امكنها في هذا الاطار، وقد اسفرت الجهود الامنية عن حجز 75 آلية بين جبالة باطون وشاحنة وخلافه،وتوقيف 65 مخالفا بجرائم الاعتداء على المشاعات والتحريض على الشغب،منذ انطلاق الحملة صباح الاحد الماضي.

ومعلوم ان عدم قيام اجهزة الدولة بأدوارها جعل المخالفين يواصلون اعمال البناء العشوائي على الاملاك العامة، مما ارتد سلبا عليهم في بعض المناطق،كما حصل في حي يارين الجديدة حيث انهارت ثلاثة سقوف من الباطون على الارض بعدما بنيت على مشاعات المنطقة، كما سقط سقفان آخران في الصرفند بسبب عدم التخطيط للبناء والإسراع في تنفيذه قبل الوقت المحدد له، فتم تفكيك القوالب الخشب قبل المدة المحددة بـ 15 يوما ليجف الباطون، إضافة الى عدم تدعيمه بالأعمدة المطلوبة.
كذلك تواصلت الاعتداءات على القوى الامنية في بعض المناطق التي لا تزال تشهد اعمال بناء مخالف حيث تجمع ما يزيد على ثلاثين فتى وامرأة وشكلوا سلسلة بشرية فجر امس اثناء قيام دورية من فصيلة برج البراجنة بقمع مخالفة تشييد منشآت اضافية ينفذها كل من ع.ح.ش وشقيقه م. في محلة الرمل العالي، ووضعوا العوائق والحجارة على الطريق المؤدية الى مكان المخالفة.

اما في صور فتعرّضت القوى الأمنية للرشق بالحجارة أثناء قمع ورشة مخالفة في البص، مما أدى الى اصابة 4 عناصر. كذلك حاول عمال محطة محروقات في الرادار منع تنفيذ عملية قمع مخالفة بناء وقطعوا الطريق العام بالإطارات المشتعلة، الا ان القوى الامنية التي بدأت بمؤازرة الجيش، اعتبارا من الثانية عشرة ظهر امس، قمع مخالفات البناء على الاملاك العامة، في محيط مخيم الشبريحا والجوار نفذت مهامها.

وفي إطار المحافظة على المشاعات والأملاك العامة، التقى قائمقام مرجعيون وسام الحايك رؤساء بلديات ومخاتير في قرى قضاء مرجعيون في مبنى بلدية جديدة مرجعيون في حضور القاضي العقاري أحمد شحادة ورئيس دائرة المساحة علي وهبة ورئيس دائرة التنظيم المدني محمد رمضان. وناقشوا أعمال البحث والتحرير التي تجري في القرى غير الممسوحة، وأعلن الحايك إعطاء لجان أملاك الدولة دورها الكامل من أجل القيام بإحصاء لأملاك الدولة في القرى غير الممسوحة، والتي ستبدأ عملها هذا الأسبوع، مشدّدا على أهمية هذا الموضوع وضرورة المحافظة على الأملاك العامة والمشاعات. وفي الختام وُزّعت على المشاركين نصوص قانونية تتعلّق بالموضوع.

السابق
رشقات رشاشة عشوائية في “المزارع”
التالي
طائرة استطلاع اسرائيلية خرقت الاجواء اللبنانية