المستقبل: عون ينعى مساعي التشكيل مُجدداً

بين سياسة نقل فشل فريق 8 آذار في تشكيل الحكومة إلى مكان آخر، والتعمية عن حجم التناقضات والمعوّقات التي تُولد كل يوم، استمرّ "الانقلابيون" في توجيه سهامهم إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وتحميله مسؤولية فشلهم، في حين كان النائب ميشال عون على عادته واضحاً أمس بالقول إنه مصر على وزارة الداخلية، ما يؤشر مباشرة إلى مكان الخلل. 

في موازاة ذلك، قال زوّار رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لـ"المستقبل" إن "الاجتماع في بعبدا بحث في الموضوع الحكومي، ولا جديد فيه بل عادت الأمور إلى المربع الأوّل، ولا تزال الأمور على حالها، كما كانت في الاجتماع السابق للرئيسين". وكان لافتاً ما أدلى به بري من مواقف، إذ قال إن "من يعتقد أن التأخير في التأليف هو لأسباب سورية فليعلم أن أكثر المتضررين من عدم وجود حكومة في لبنان هو سوريا، وبالتالي التأخير هو جزء من المؤامرة على سوريا وإن كان غير مقصود". وعن مخالفات البناء، قال: "هناك مخالفات بناء في بيروت، في الروشة والضاحية والجنوب وفي أكثر من مكان، بحماية أمنية ورسمية لذلك فإن من يجب محاكمته هو العهود التي سيّبت الأمن وحوّلت البقاع الى مساحة من المطلوبين ولم تنجز عمليات الفرز والضم وحرمت البقاع من خدمات الدولة".

على أي حال، فإن حملة 8 آذار على الرئيس سليمان كشفت تفاصيل "اللعبة الأخيرة"، فالنائب نبيل نقولا قالها بوضوح بأن "التعطيل اليوم آتٍ من رئيس الجمهورية ومن الرئيس المكلف"، بما يتجانس مع قول الوزير السابق وئام وهاب إن "العقدة الأساس هي لدى رئيس الجمهورية الذي يبدو أن لديه اعتبارات ذاتية أو مسيحية أو دولية، كي يبقى على إصراره بالحصول على وزارة الداخلية". ولعلّ أكثر ما يؤكد بأن التشكيل ليس قريباً، وأن الهجوم على سليمان بدأ وسيتواصل، هو ما قاله عون أمس، إذ سأل: "لم لا يحق لي أن أحصل على وزارة سيادية؟ هل أنا شحاذ؟"، مضيفاً أن "لا أحد يدعي أن له حقاً، من لا يريد أن يوقع هو يعطل ولا نية لمن يشكل بتأليف الحكومة". عون لم يكتفِ بهذا، بل قالها صراحة: "أنا لست مختلفاً مع أحد على وزارة الداخلية، ولكن أنا لدي أكبر تكتل وأريد الداخلية، ألا يحق لي بوزارة سيادية؟ ليس لدي ما يدعوني لأسكت وأنا غير مطمئن مما يحصل على مستوى تشكيل الحكومة، ولم أفهم شيئاً من كلام الرئيس سليمان في بكركي".

في المقابل، قالت مصادر مواكبة لتشكيل الحكومة لـ"المستقبل" إن "الرئيس سليمان ينتظر ما يحمله إليه الرئيس المكلف من نتائج على صعيد مشاوراته، خصوصاً أن سليمان أعلن موقفه صراحة من هذا الملف على باب بكركي يوم الأحد الماضي". وقالت الأوساط إن "الأطراف المعنية بالتشكيل تتحرك في كل الاتجاهات ولا سيما النائب جنبلاط في مسعى لكسر الجمود الحاصل، من دون أن يكون الأخير يحمل أفكاراً معينة إلى الأطراف المهتمة بإنجاز هذا الملف، بل يأتي حراكه في إطار التشاور للوصول إلى نقاط مشتركة بين الجميع، خصوصاً وأن "وليد بك" يستشعر خطراً من إطالة أمد التأليف في ظل الأحداث التي تجري في سوريا، والتي لا بد من أن تنعكس بشكل أو بآخر على لبنان".

في سياق آخر، وبعد الرسالة التي وجهها وزير الخارجية علي الشامي إلى مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام يطلب منه التصويت ضد أي قرار في مجلس الأمن حول ما يجري في سوريا، أكدت مصادر بارزة في 14 آذار لـ"المستقبل" أنه "بغض النظر عن مضمون التعليمات التي أبلغها الشامي إلى سلام، فإنه لم يحصل أي تنسيق مع الرئيس سعد الحريري ولا مع الرئيس سليمان". وأضافت: "كان من المفترض أن يستشير الوزير الرئيسين لأن الأمر يتصل بموقف لبنان في مجلس الأمن، على أن يعود الشامي لإبلاغ التعليمات إلى مندوب لبنان، ولكن الشامي لم يتعاط بجدية ومسؤولية في هذا الأمر، لأن الموضوع يحتاج قبل التعليمات إلى مشاورات داخلية بحيث يُفترض أن تُطرح الأمور بطريقة أخرى وليس بواسطة الإعلام، ففي المواضيع الحساسة والمهمة لا يمكن التعاطي بهذا الشكل". ولفتت المصادر إلى أنه "ليست المرة الأولى التي يتصرف بها الوزير على هذا النحو، فهو عندما يريد أمراً يستفرد به، والذي لا يريد القيام به يقول إنه لا توجد حكومة والأمر يحتاج إلى قرار عن مجلس الوزراء مثلما حصل في موضوع الدعوات التي وجهت إلى الشامي لاستدعاء السفير السوري علي عبد الكريم علي على خلفية تصريحاته الأخيرة"، موضحة أن "تصرف الوزير هو مخالفة لأبسط قواعد التعبير عن موقف لبنان، وللوزير الشامي سجل حافل بالمواقف المنتهكة للأصول".

السابق
الحياة: المستقبل : مصلحة لبنان باستقرارها والاتهامات باطلة
التالي
الأخبار: بيروت ــ نيويورك: صراع لبناني على سوريا