السفير الفرنسي في خيمة الإسكوا: لِمَ الآن؟

«تحسّن الطقس». هكذا، يجيب السفير الفرنسي دنيس بييتون، ممازحاً، بشأن توقيت زيارته خيمة ضحايا الإخفاء القسري في الإسكوا، بعد 6 سنوات على إنشائها، لكن فعلاً، لِمَ الآن؟ وما هي الرسالة الحقيقية من الزيارة؟ يقول بييتون، بدبلوماسية، إنّه كان ينوي المشاركة في إحياء الذكرى السادسة لانطلاقة الخيمة في 11 نيسان الجاري، لكن تعذّر عليه ذلك بسبب وجوده في فرنسا. في أيّ حال، أطلّ السفير، فعلا الارتياح وجوه الأهالي كمن يتعلّق بقشة «إجا السفير! إجا السفير!». مع ذلك، لم يُخفِ هؤلاء مرارتهم من الوعود «بدنا فعل مش كلام، بدنا نتيجة».

بييتون كان واضحاً. أكد أنّ زيارته هي فقط للتضامن مع الأسر التي تجهل مصير أولادها وأقاربها، سواء أكانوا معتقلين أم مخطوفين. وأشار إلى أنّ استقرار البلد يتحقق «حين نتذكر ولا نقفز على الماضي، ومن السيّء أن لا نعلم ماذا حل بأحبائنا؟». يُسأل: «بمَ تَعِد الأهالي، هل ستمارس ضغوطاً على المسؤولين اللبنانيين؟»، فيجزم «لا يمكنني أن أعد بما لا أستطيع تحقيقه، فالقضية مطروحة على المستوى الرسمي اللبناني، ويجب أن تكون في رأس سلم أولويات السياسيين والبرلمان، وتناقَش مع الدول المعنية، ولا سيّما سوريا». ورداً على سؤال عما إذا كانت الحكومة الفرنسية ستبحث الموضوع مع الحكومة السورية، يؤكد بييتون «أنّ الوقت غير مناسب الآن، نظراً إلى الظروف الاستثنائية التي تمر بها سوريا، وفرنسا عبّرت أكثر من مرّة عن تعاطفها مع السوريين، وعلى الرئيس بشار الأسد أن يلتزم بالوعود التي قطعها للشعب». ثم يردف: «سياسة فرنسا هي العمل على حماية حقوق الأفراد». هنا يستفزّه سؤال عن جورج عبد الله، القابع في السجون الفرنسية، فيقول: «ليس هناك أوجه شبه بين عبد الله والمعتقلين والمخطوفين والمفقودين، هو ارتكب العديد من الجرائم وهم مظلومون».

من المفيد التذكير هنا بأنّ السلطات الفرنسية ترفض إعطاء عائلة عبد الله تأشيرات دخول لزيارته في سجنه.
ينفي رئيس منظمة سوليد، غازي عاد، لـ«الأخبار» أن تكون المنظمة قد دعت السفير، بل إنّ الزيارة أتت بناءً على طلب السفارة نفسها وهي اختارت التوقيت. وقال إنّه يتحدث باسم أهالي آلاف ضحايا الإخفاء القسري في لبنان على أيدي قوى إقليمية ومحلية من دون تمييز بين معتقل ومفقود. ووضع عاد بييتون في أجواء الحركة التي دخلت سنتها السابعة، مطالباً إياه «بمساعدتنا على إنشاء هيئة وطنية لمعالجة هذا الملف، وخصوصاً أنّ الحكومة السابقة التزمت في بيانها الوزاري هذا الأمر من دون أن تحرّك ساكناً في هذه القضية، كذلك بالنسبة إلى بنك الحمض النووي لفحص الـ«دي. أن. آي». وأوضح أنّ «الهيئة وسيلة علمية لا وسيلة للبازار السياسي» «لعلّ صوتنا يصل إلى مسامع المنظمات الدولية، فنضع المسؤولين اللبنانيين عند مسؤولياتهم، أما حجة أن الهيئة تعيدنا إلى الحرب، فمرفوضة».

ومن اللافتات التي رفعها الأهالي: «حرام عليك يا بشار، ربع قرن كفاكم ظلم، 25 عاماً في السجون السورية، بلاش لف ودوران يا بشار، أطلق سراح أولادنا من سجونك السرية، وما تروح تبيع المي في حارة السقّايين».

بالعربي

تقترب والدة المعتقل في السجون السورية أحمد الشرقاوي من السفير الفرنسي في لبنان دنيس بييتون. تحرص الأم المفجوعة على أن تروي قصتها بالعربية الفصحى للسفير الذي يتكلّمها بطلاقة.
تقول: «أرجو منكم أن تساعدونا على معرفة مصيره. أريده حيّاً أو ميتاً. ليس هناك مشكلة إذا أحضروا لي رفاته. أكون سعيدة حين أراه وأقبّل رأسه قبل أن أموت. ليس لديّ سواه، أبوه مات قبل أن يولد أحمد». شقيقة اسكندر زخريا تبدو متأكدة من أنّ أخاها معتقل في السجون السورية، وتطلب من بييتون مساعدتها على كشف مصيره «نريد أن نعرف الحقيقة، حقنا أن نعرف هل هم أحياء أم أموات، لنقوم بالمراسيم التي تليق بهم، على الأقل».

السابق
عندما تنقلب قطر فجأة على “صورتها المقاومة”
التالي
المدارس اللبنانيّة في أبيدجان لن تكمل عامها الدراسي