ناصر الخرافي… رجل الأضداد!

المعروف عن المرحوم «بو مرزوق» أنه قليل الكلام والتصريحات الإعلامية، ولكنها مدوية ومؤثرة، وفي الوقت المناسب، ولعل السنوات القليلة الماضية فقط خير شاهد على توفيق هذا الرجل في اختيار عباراته في مواجهة الأحداث المفصلية والصعبة.

كم هو محيّر، ولكنه جميل في نفس الوقت أن يجمع إنسان الأضداد ليضفي على رتابة الحياة معنى مختلفاً وطعماً آخر، وكم هو مفرح للصدور ومثلج لها أن ترتسم مثل هذه الصورة في زمن أغبر تتقاذفه رياح الفتن والابتلاءات ويكون محك صقل المعادن شديداً وشرساً لإظهار أصالتها وحقيقتها.

والمرحوم ناصر محمد الخرافي بحق من تلك المعادن الأصيلة في مثل هذا الزمن الذي انتفخت أوداجه بالضغائن والأحقاد وروح الكراهية والتعبئات المنظمة لها في وسائل الإعلام والاتصال والتواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق، وهذا ما يستدعي طرح جملة من التساؤلات الصريحة والمباشرة والمحرجة للكثير من الناس، وهي بحاجة إلى إجابات بنفس القدر من الوضوح والجرأة.

فلنسأل لماذا أحب الشيعة ناصر الخرافي السنّي؟ ولماذا أحب الفقراء ناصر الخرافي الثري؟ ولماذا أحب البسطاء من الناس ناصر الخرافي صاحب الجاه والسلطة؟

وفي المقابل لماذا يقف ناصر الخرافي في وجه السياسة الخارجية الأميركية وحلفائها من الدول الأوروبية والرأسمالية الكبرى رغم كونه أحد أكبر رجال الأعمال، ويعرّض ثروته ومشاريعه للخطر في حين أن هذه الدول قد تكون الوعاء الأكبر لتنمية أمواله وتجارته؟

ولماذا يقف الخرافي بكل صلابة ضد الغطرسة الصهيونية ويفضح جرائمها مع أن الكثير من مشاريعه واستثماراته على بعد أمتار من الآلة العسكرية الإسرائيلية؟

ولماذا شخص كناصر الخرافي يسبح عكس التيار، ويكون اللسان الناطق في زمن الصمت والإذعان والصفقات، ويكون هذا الاتجاه العاكس من نفائس ندرة الرجال وأصالة الموقف؟

والمعروف عن المرحوم «بو مرزوق» أنه قليل الكلام والتصريحات الإعلامية، ولكنها مدوية ومؤثرة، وفي الوقت المناسب، ولعل السنوات القليلة الماضية فقط خير شاهد على توفيق هذا الرجل في اختيار عباراته في مواجهة الأحداث المفصلية والصعبة.

ففي حادثة التأبين وعندما كادت عواصف الفتن وركوب الموجة تفتك بالمجتمع الكويتي وتنهشه من كل حدب وصوب، وتشعل في أطرافه نيران الطائفية البغيضة، كانت تصريحات الخرافي المقتضبة والسمحة كالماء البارد الذي أخمد الفتيل والرأس الذي أطل من جموع الفوضى الغاضبة ليرشد العقل الكويتي، ويعلن أننا مازلنا بخير في بلادنا الكويت.

وفي أتون الحرب الصهيونية على لبنان ومقاومتها الباسلة، وعندما وقفت حكومات عربية وتيارات كانت تتاجر بالقومية والإسلام إلى جانب العدو الأول للعرب والمسلمين كان موقف الخرافي بمنزلة نزع ورقة التوت عن عورة أولئك الحاقدين والمتآمرين.

وعندما استبيحت غزة أمام مرأى العالم ومسمعه وساهم بعض العرب إما بتقديم الدعم السياسي، وإما بالتعتيم الإعلامي على جرائم اليهود، وقف لهم ناصر الخرافي بإعلان مدفوع الأجر ليغير مسار الأحداث، ويجعل عديمي الحياء يستحون على وجوههم!

ويكفي الخرافي هذه المواقف المعلنة القليلة ليدخل في القلوب المنكوبة والعيون الدامية والمشاعر المجروحة، وهذه خير شفاعة له في الدنيا والآخرة.

السابق
السياسة: استنفار أمني على خلفية تعديات الجنوب وتظاهرات الشمال
التالي
الجريدة: إزالة مخالفات بناء تحصد قتيلين وجريحين والمواجهات امتدت إلى الأوزاعي