السفير : ضحيتـان في صـور … و«أمـل و«حـزب اللـه لا يغطيـان المخالفـات

وعلى عتبة انتهاء الشهر الثالث لواقع التكليف من دون التأليف، ها هو لبنان يعتاد الفراغ في السلطة السياسية، وها هم اللبنانيون ومعهم ما تبقى من أطياف دولتهم يدفعون أثمان الفراغ استحقاقات معيشية تتوالى من دون حسيب أو رقيب وأزمات تتوالد كالفطر لتقدم يوما بعد يوم، أدلة ساطعة على حجم الهريان الذي بلغه الوضع الداخلي سياسيا وأمنيا، بدءًا من أزمة السجون وما راكمته من عناوين أمنية وقضائية واجتماعية، الى لغز الاستونيين السبعة والالتباسات التي ما تزال ترافق خطفهم، وصولا الى قضية الاعتداء على المشاعات ووضع اليد على الأملاك العامة، خاصة بعد أن اتخذت في الساعات الاخيرة منحى دراماتيكيا وباتت أشبه بقنبلة اجتماعية ـ سياسية ـ أمنية قابلة للانفجار بالجميع من دون استثناء، خاصة بعد تعمدها أمس بضحيتين بريئتين لا شيء يبرر سفك دمهما.

واللافت للانتباه، خاصة بعد الصرخة التي أطلقتها «السفير قبل أيام قليلة، وتبنتها جهات رسمية وسياسية، أن الرقعة التي امتدت عليها عمليات السطو على الأملاك العامة تمددت أكثر فأكثر، خاصة في الجنوب وبعض ضواحي العاصمة، بدل انحسارها، لتطرح أسئلة حول سر تحولها من مجرد «مخالفات سكنية بسيطة الى ثقافة عدوانية ضد الملكية العامة، كونها لم تعد محصورة بعناوين اجتماعية، بل صارت أشبه بعملية اجتياح إسمنتي عشوائي بدليل الأرقام التي تتحدث عن آلاف الوحدات وبينها مؤسسات ومحلات شوّهت الواجهة البحرية وبعض المناطق الأثرية (نموذج مغاور عدلون) في المنطقة الممتدة بين صيدا وصور مرورا بالزهراني، فضلا عن افتقار معظم الأبنية المشادة الى الحد الأدنى من عناصر السلامة العامة.

أما الاخطر من ذلك، فهو بلوغ المخالفات وانتهاك المشاعات حرم مطار بيروت الدولي، الأمر الذي بات يهدد سلامة الطيران وبإعادة فتح ملف أمن المطار وهو مطلب غربي وتحديدا أميركي، ما يعني أن «حزب الله ومعه حليفته حركة «أمل باتا معنيين بتجاوز مجرد التعميم الداخلي أو اعلان موقف سياسي عام، وذلك عبر مبادرة البلديات والهيئات الأهلية الى كل ما يلزم من إجراءات لمنع تفاقم هذه الظاهرة، وما قد تثيره من التباسات وعلامات استفهام حول أمن المطار، وقد عبر عن خطورة ما يجري وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي بقوله لـ«السفير: «أنا أضع يدي على قلبي في ما خص هذه المخالفات في محاذاة سور المطار والحرم، فهي تشكل خطرا بالغا على سلامة الطيران، وبالتالي لا بد من إزالتها فورا، ودرءًا لهذا الخطر أنا أرفع هذه الصرخة لأحمل الجميع مسؤولية ما يجري من دون استثناء، وبالتالي هناك قرار سياسي حاسم يجب ان يتخذ حول هذا الموضوع وبأسرع وقت ممكن، وقال العريضي انه اجرى لهذه الغاية سلسلة اتصالات شملت رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة «حزب الله، وذلك بغية التحرك من أجل وقف التعدّي على الأملاك العامة.

والأدهى من موضوع أمن المطار وسلامة الطيران، الإشارة التي ألمح اليها كثيرون من أهل السياسة والوجوه البلدية في مناطق لبنانية عدة، ومفادها أن عدم قدرة القوى العسكرية والأمنية على الحسم في الجنوب والضاحية الجنوبية سيؤدي الى تمدد هذه الظاهرة الى جميع المناطق اللبنانية من دون استثناء، بحيث لن يكون بمقدور ابن الشوف أو البقاع أو كسروان والمتن وعكار أن يقف مكتوف الأيدي يتفرج على غيره وهو يضع يده على الملكية العامة والمشاعات، بل سيجد نفسه تلقائيا، جزءا من «دومينو ثقافة الفوضى، بما يجعل من اعمال السطو وتجاوز القانون «ثقافة ذات طابع عام، من شأنها ان تؤسس لمعطى تاريخي يتجاوز السرقات التي حصلت بالمفرق للاملاك العامة والمشاعات من قبل بعض النافذين من أهل السلطة، خاصة على مدى العقود الثلاثة الأخيرة.

وفيما بدت حركة «أمل" و«حزب الله" محرجين إزاء ما يجري، فإنه يسجل لهما أنهما سارعا الى اعلان رفع الغطاء عن المخالفين، وقررا مواكبة القوى الامنية في مهمة وقف تلك المخالفات وإزالتها، إنفاذا لقرار سياسي مشترك بينهما بحماية الاملاك العامة والمشاعات، لكن القوى الامنية من جيش وقوى أمن داخلي بدت عاجزة عن مقاربة تلك المخالفات بالشكل الذي يمنع تفاقمها، وتبدى هذا العجز بصورة نافرة في الأوزاعي حيث ووجهت القوى الأمنية من قبل الاهالي، وكذلك في منطقة المساكن الشعبية في صور، حيث سقط كل من وسام عبده الطويل (34 عاما ـ فلسطيني) وعلي ناصر (32 عاما، لبناني من قرية حداثا الجنوبية).

وتلافيا للتداعيات، عقد اجتماع أمني طارئ في ثكنة صور العسكرية أمس، انتهى الى تشكيل لجنة تحقيق ميدانية برئاسة قاضي التحقيق نبيل وهبي، للوقوف على أسباب مقتل الطويل وناصر، على ان تعطي نتائج التحقيق في فترة وجيزة، وربما 48 ساعة كما قال مرجع أمني بارز لـ«السفير

وبحسب المرجع المذكور فإن هناك علامات استفهام حول الجهة التي كبست زر المخالفات فجأة ومن دون سابق إنذار، إذ لا يكفي رفع الغطاء السياسي وحده، أو القول بوجود «عناصر فاسدة، ويضيف «المسألة باتت شائكة نظرا لاتساعها وشمولها والتعقيدات التي اختلطت معها العوامل السياسية والقروية والمذهبية والمناطقية والمافياوية وبالتالي المعالجة سياسية أولا، وفي غياب القرار السياسي لن يجدي نفعا ان توضع القوى الامنية من جيش وقوى امن داخلي في وجه المواطنين.

وفيما عقد اجتماع موسع في «مركز اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، حضرته قيادتا «حزب الله و«أمل، وأكدتا «رفع الغطاء عن المخالفين، ودعتا القوى الأمنية إلى «القيام بواجبها في منع المخالفات في الضاحية وكل المناطق ، اكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال زياد بارود لـ«السفير «التوجه الحازم من قبل القوى الأمنية لقمع المخالفات في جميع المناطق بمؤازرة الجيش اللبناني، الا أن هذا الأمر يحتاج الى تغطية سياسية من جميع القوى المعنية بالأمر.

وقال عضو «كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض لـ«السفير" إن «حزب الله لا يوافق على أي مبررات اجتماعية، مهما تكن قاهرة، تبيح التعدّي على المشاعات والأملاك العامة. وعزا فياض رأي «حزب الله بالموضوع إلى أن «التعدّي على المشاعات فيه إشكال شرعي، إذ يتشارك فيها عموم الناس ولا يجوز التعدّي على حقوقهم، فيما الأملاك العامة تؤدي إلى إخلال بالنظام العام، وهو أمر ممنوع

وكان موضوع المخالفات محور اجتماع امني ترأسه رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري في «بيت الوسط تم التأكيد خلاله على استمرار القوى الأمنية في القيام بواجباتها لملاحقة المخالفين ومنع التعديات التي تحصل على الأملاك العامة والمشاعات والأملاك الخاصة.

وشمل البحث موضوع تظاهرة «حزب التحرير في طرابلس، وقال مصدر أمني لـ«السفير إن الحريري عبر عن ضرورة عدم القيام بأي خطوات تتخذ طابعا استفزازيا يؤدي إلى توترات.

وعلم ان الاتصالات نجحت مساء أمس في إقناع «حزب التحرير" بنقل مكان التظاهرة التي سينظمها في طرابلس اليوم، من ساحة عبد الحميد كرامي الى ساحة النجمة، أي على بعد عشرات الأمتار من الجامع المنصوري الكبير على أن تقوم القوى الأمنية بتأمين الحماية لها.

وتناول البحث في الاجتماع الأمني برئاسة الحريري قضية خطف الاستونيين السبعة، وأوضح مرجع أمني لـ«السفير" ان التداول تناول ما بلغته التحقيقات في هذه القضية، ربطا بالإجراءات التي تم اتخاذها سابقا، وكذلك بشريط الفيديو الذي تم تظهيره قبل يومين. وقال المرجع إن التحليلات الأولية بينت ان شريط الفيديو لم يصور في اليومين الماضيين، بل قبل فترة، «وربما في الأيام الأولى للخطف

وأشار المرجع نفسه، الى أن التحليل يتركز حاليا حول الغاية من إيراد الأسماء التي أتى على ذكرها، مع ترجيح فرضية التمويه، واستبعد أن يكون الخاطفون ينتمون إلى تنظيم «القاعدة

وقال: هناك لغز ما زلنا نبحث عنه مع أرجحية فرضية أن يكون قد تم إخراج الاستونيين من لبنان، وهناك شكوك حول الطلب الذي أورده الخاطفون حول الفدية، خاصة أنهم لم يحددوها.

السابق
اللواء : “الأكثرية” تنذر بأسبوع آلام بعد الفصح
التالي
فضل الله: الشَّعب كفر بالكثير من العناوين..وكاد يضع الجميع في قفص الإتهام