البناء: تردّي الأوضاع الداخلية وضغط الظروف المحيطة يفرضان الإسراع في تشكيل الحكومة

بات من الملح والضروري إخراج الواقع السياسي من المراوحة والجمود بما يؤدي إلى الإسراع في تشكيل الحكومة بعد أن تجاوزت مرحلة التكليف الوقت المسموح به، خصوصاً وأن الوضع الداخلي والظروف المحيطة بلبنان يفترضان وجود حكومة قوية وقادرة على مواجهة الاستحقاقات الكثيرة التي يواجهها.

ولذلك تلاحظ مصادر سياسية بارزة أن حال التردد وعدم القيام بالخطوات المطلوبة لحلحلة العقد الحكومية لم تعد مفيدة للواقع السياسي، وتالياً الإتصال فقط على بعض الجهود التي تقوم بها بعض أطراف الأكثرية الجديدة لحلحلة العقد وبالأخص من جانب حزب الله الذي يبدو أنه يتحرك بطريقة دبلوماسية بعيداً من أي تحذيرات من مغبة استمرار التردي في الوضع الداخلي وتراكم الاستحقاقات المحيطة بالوضع اللبناني.

ولهذا تقول المصادر إن الإسراع في عملية تشكيل الحكومة هو قضية بالغة الأهمية بالنسبة إلى ما ينتظرها من استحقاقات انطلاقاً من الآتي:
1 ـ ضرورة التعجيل في معالجة العديد من الملفات الداخلية، بدءاً من قضايا التعيينات التي أصبحت هي أيضاً قضية ملحة على مستوى الإدارة وبالأخص في بعض المواقع الأمنية والقضائية، مروراً بالسعي إلى التخفيف قدر الممكن مما يعانيه المواطن من أزمات معيشية وحياتية بعد أن تفاقمت هذه الأزمات في الأشهر الأخيرة، ومنها على سبيل المثال وصول سعر صفيحة البنزين إلى عتبة الـ 40 ألف ليرة، وصولاً إلى مسألة المالية العامة وما تحتاجه من خطوات في قضايا مختلفة ليس أقلها إعداد موازنة العام الحالي وانتهاء بعودة مجلس النواب الى إقرار العشرات من مشاريع القوانين التي تحتاجها الإدارة وقضايا المواطن المتوقفة نتيجة وجود حكومة تصريف أعمال ورئيس حكومة مكلف.

2 ـ ما حصل ويحصل من تردٍ وفوضى في أمور أمنية بدءاً من علامات الاستفهام التي تحيط باختفاء الإستونيين السبعة والأخطر ما تتحدث عنه جهات عليمة في ما يتعلق بتحرك بعض التنظيمات السلفية في عدد من المناطق وبالأخص في الشمال والبقاع، بعد أن تأكد للجهات الأمنية المعنية في لبنان وسورية قيام مجموعات أصولية وسلفية بتهريب الأسلحة إلى سورية وأيضاً دخول عناصر من جنسيات مختلفة عبر لبنان بهدف ضرب الاستقرار في سورية. ويضاف إلى ذلك ما كشف عنه التلفزيون السوري حول الدور الذي أداه عضو كتلة «المستقبل» جمال الجراح في تمويل عناصر بالمال والسلاح في الإضطرابات التي شهدتها بعض المدن السورية.
3 ـ ضرورة أن يخرج الموقف اللبناني الرسمي من التعاطي الخجول مع المؤامرة ضد سورية والتي تشارك فيها أجهزة استخبارات عديدة أميركية ـ و»إسرائيلية» وحتى من بعض الدول العربية. وتالياً اتخاذ الموقف الذي يتلاءم مع العلاقات المميزة بين لبنان وسورية ومع اتفاق الطائف ومعاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق في ما يتعلق بكل ما يسمى بأمن سورية وبالأخص عدم جعل لبنان مقراً أو ممراً للتآمر على دولة شقيقة وخاصة سورية.
4 ـ عودة الحديث عن القرار الاتهامي واستخدامه في المعركة الأميركية ضد المقاومة وقوى الممانعة في لبنان والمنطقة. وهو ما أشارت إليه المعلومات التي نشرتها بعض وسائل الإعلام الغربية وحتى العربية المرتبطة بأنظمة الخليج.
لذلك، فالسؤال، هل تبصر الحكومة النور بعد عطلة الفصح، وفق ما أشار إليه الرئيس بري من بعبدا، أم أن الأمور ستعود إلى «رمي الكرة» من طرف إلى آخر؟

في معلومات المصادر أن هناك تعقيدات محدّدة لا تزال تؤخر الاتفاق على توزيع الحقائب بين بعض القوى والقيادات التي ستتمثل في الحكومة، على الرغم من أن المصادر تجزم بأنه جرى التوافق على توزيع الحصص على أساس ثلاث عشرات: أي عشرة مقاعد لكل من الرئيسين سليمان وميقاتي والنائب جنبلاط (2 + 5 + 3) وعشرة مقاعد لتكتل التغيير والإصلاح وعشرة مقاعد لقوى الثامن من آذار مع النائب نقولا فتوش بحيث يمثل الرئيس بري بثلاث حقائب وحزب الله بمقعدين وقد ينحصر التمثيل بمقعد واحد إذا رغب الحزب في إعادة توزير الدكتور عدنان السيد حسين ومقعد للحزب السوري القومي الاجتماعي ومقعد للمعارضة السنية السابقة.

إلا ان المصادر تلاحظ وجود تناقض بين ما يتم تسريبه من توافقات حيث تتحدث أوساط بعبدا عن أن موضوع توزيع الحقائب لا ينحصر بعقدة الداخلية بل يتعداه إلى حقائب أخرى بينما تشير معلومات أخرى إلى أن هناك عقدتين تعيقان الاتفاق على توزيع الحقائب وهي: الداخلية وتمثيل المعارضة السنية.

ولكن المصادر تتحدث عن أن التعقيدات الأساسية تتمثل بالآتي:
أولاً: إصرار رئيس الجمهورية على بقاء الداخلية من حصته مع إبقاء الوزير بارود فيها، وهذا الموقف يتناغم مع رغبة الرئيس المكلف إضافة إلى طلب رئيس الجمهورية حقيبة أساسية ثانية.

ثانياً: رغبة الرئيس ميقاتي بالحصول على إحدى حقيبتي الطاقة أو الاتصالات، وكذلك أن تكون نيابة رئيس الحكومة من حصة الوزير الأرثوذكسي الذي يريد تسميته، إضافة إلى إصراره على إعطاء تكتل التغيير والإصلاح حقيبتي وزير دولة بالحد الأدنى (واحد ماروني، وآخر أرمني) بينما تتحدث مصادر أخرى عن أن ميقاتي يطرح ثلاثة وزراء دولة على عون من أصل الحقائب العشر التي ستعطى الى التيار الوطني الحر والمردة والطاشناق وكذلك رفض توزير فيصل كرامي.
ثالثاً: مطالبة العماد عون بالداخلية، مع إمكان الوصول إلى حل وسطي حولها مع رئيس الجمهورية، وأن يعطى وزارة سيادية ـ الدفاع ـ وأن يقتصر وزراء الدولة على وزير واحد.

لذلك تقول المصادر أن موضوع توزيع الحقائب لا يزال في المربع الأول. وهو ما يرجّح استمرار أزمة التكليف إلا إذا سعى الرئيس المكلف للوصول إلى مخارج مقبولة لعقد الحقائب تمكنه من تشكيل الحكومة بعد عطلة الفصح. وهو ما لا يبدو حتى الآن متيسراً، في ظل الضغوط الخارجية ـ الأميركية والسعودية، التي تدفع الى عدم تشكيل الحكومة.

السابق
لبنان والعروبة والأقلّيات
التالي
ما خاب من سمّاك “ناصراً”