بان في التقرير عن 1559: الأسلحة في لبنان تُنذر بالشؤم

على "حزب الله" التحوّل تنظيماً سياسياً صرفاً
حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون أمس من أن الإنتشار الواسع للأسلحة والميليشيات المدججة بالسلاح في لبنان "ينذر بالشؤم"، داعياً خصوصاً "حزب الله" الى "التحول حزباً سياسياً صرفاً" بعدما أوجدت ترسانته "جواً من الترهيب".

وطالب الدول الإقليمية بمساعدة الحزب على نزع سلاحه بعدما صار هذا المطلب "أكثر ألحاحاً" على خلفية الإضطرابات السياسية في الشرق الأوسط، مؤكداً اًن "ثقافة الترهيب عبر الجماعات المسلحة باتت غير مقبولة أكثر من أي وقت مضى". وإذ دعا "جميع الزعماء السياسيين الى أن يترفعوا عن المصالح الفردية والطائفية ويشجعوا بأصالة مستقبل الدولة ومصالحها"، حضهم على العودة الى طاولة الحوار الوطني للتوصل الى استراتيجية دفاعية.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة في التقرير نصف السنوي الثالث عشر عن تنفيذ القرار 1559، عن "أسفه العميق" لعدم احراز تقدم في اتجاه تنفيذ الأحكام المتبقية من القرار، عازياً السبب الى "الأزمة السياسية وشلل المؤسسات في لبنان"، بل إن الأحداث خلال فترة اعداد التقرير تدل على "تدهور الوضع"، مبدياً "قلقاً عميقاً من تزايد التوتر (…) الناجم عن التكهنات حيال اجراءات المحكمة الخاصة بلبنان". ولاحظ أن "المواقف المؤيدة والمناهضة للمحكمة تزداد رسوخاً وتثير الإستقطاب"، كما أن "الإنتشار الواسع للأسلحة خارج سيطرة الدولة، معطوفاً على الوجود المستمر للميليشيات المدججة بالسلاح، ينذر بالشؤم للسلام والإزدهار المحليين للبنان". وشدد على أن "حفظ استقرار لبنان وضمان انهاء الإفلات من العقاب أمران جوهريان، على الأقل لأن اللبنانيين أنفسهم لهم الحق في كليهما".

ورأى بان في تقريره المؤلف من 56 فقرة في عشر صفحات، أنه "نظراً الى البنية الطائفية للبنان، فإن البحث عن الإجماع أمر حرج لصون الإستقرار الداخلي"، ولذلك "لا بد أن تسود، من دون ترهيب، روح التوافق والإحترام لمبادىء التعايش والأمن". وحض "جميع الزعماء السياسيين على أن يترفعوا عن المصالح الفردية والطائفية ويشجعوا بأصالة مستقبل الدولة ومصالحها". وكرر "التحذير من أن وجود الميليشيات خارج سيطرة الحكومة شواذ رئيسي يحول دون التطلعات الديموقراطية للشعب اللبناني ويهدد السلام المحلي"، موضحاً أن الجماعات المسلحة "لا تنسجم مع غاية تعزيز سيادة لبنان واستقلاله السياسي ومع حماية النظام التعددي الفريد للبنان وحقوق المواطنين اللبنانيين". وندد بـ"استخدام الأسلحة غير المرخص لها أينما حصل في لبنان، وبالتحديد في المناطق الآهلة". وناشد "كل الأطراف، داخل لبنان وخارجه، الوقف الفوري لكل جهود نقل الأسلحة وحيازتها وبناء قدرات شبه عسكرية خارج سلطة الدولة"، مضيفاً أن "كل الدعم المالي والمادي للبنان ينبغي أن يوجه بشفافية من خلال الحكومة اللبنانية وحدها". واعتبر أنه "مع انهيار حكومة الوحدة الوطنية في كانون الثاني الماضي، عاد موضوع أسلحة "حزب الله" مجدداً الى النقاش السياسي بدلائل طائفية، لكن بعواقب على جميع اللبنانيين"، مؤكداً أن "ترسانة "حزب الله" توجد جواً من الترهيب وتمثل تحدياً رئيسياً لسلامة المدنيين اللبنانيين ولاحتكار الحكومة الإستخدام المشروع للقوة". ودعا "زعماء "حزب الله" الى عدم التأخر في تحول الجماعة حزباً سياسياً لبنانياً صرفاً ونزع سلاحه، وفقاً لمتطلبات اتفاق الطائف والقرار 1559"، لافتاً الى أنه "في دولة ديموقراطية، لا يمكن حزباً سياسياً الإحتفاظ بميليشيا خاصة. هذا لا ينسجم مع المثل السامية للبنان في الدفاع عن حقوق الإنسان". وطالب "كل الدول الإقليمية بالدعم والمساعدة في تحويل ("حزب الله") حزباً سياسياً صرفاً بنزع سلاحه (…) من أجل المصلحة الفضلى للسلام والإستقرار الإقليميين". وأضاف أن "هذا المطلب بات أكثر ألحاحاً على خلفية الإضطرابات السياسية عبر المنطقة". وأعرب عن اقتناعه بأن "نزع سلاح الجماعات المسلحة في لبنان، وبالتحديد "حزب الله"، يمكن بصورة فضلى أن ينجز من خلال عملية سياسية بقيادة لبنانية، على رغم أن هذه العملية لا يمكن أن تشق طريقها حتى يوقف اللاعبون الخارجيون دعمهم لـ"حزب الله" وحتى تقبل الجماعة نفسها بمسؤوليتها العمل في اطار نظم لبنان السياسية".

وأبدى أسفه لأن "الآلية الداخلية الأولية للتعامل مع هذا الموضوع ذي الأهمية الأساسية للتكوين السياسي اللبناني، أي الحوار الوطني، لم تستطع حتى الآن احراز أي تقدم ملموس في اتجاه هذا الهدف". ولذلك دعا الزعماء اللبنانيين الى العودة الى الحوار الوطني في رعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، مضيفاً أنه "يجب عليهم العمل معاً للحفاظ على الإستقرار، وتجنب التصريحات العدائية والنارية، والحؤول دون استخدام العنف، وتحديداً اللجوء الى الأسلحة، في المجال السياسي المحلي". كما أنه "يجب عليهم احراز تقدم نحو اصدار استراتيجية دفاع وطني تتعامل مع موضوع الجماعات المسلحة خارج سيطرة الدولة وتقود الى نزع سلاحها".

وإذ توقع أن "يمتثل لبنان لهذا القرار (1559) وكل قرارات مجلس الأمن الأخرى الخاصة به"، رحب بتصريحات رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي في شأن "التزام لبنان واجباته الدولية"، معبراً عن تطلعه الى أن "تترجم الحكومة اللبنانية المقبلة هذا الإلتزام فعلاً ملموساً، بدءاً بتنفيذ القرارات المتخذة سابقاً من الحوار الوطني، كتفكيك القواعد العسكرية الفلسطينية خارج مخيمات اللاجئين"، مشيراً الى البنى التحتية شبه العسكرية العائدة الى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة" و"فتح – الإنتفاضة". وإذ أشار الى أن هذين الفصيلين يتخذان من دمشق مقراً لقيادتهما، دعا الحكومة السورية الى "مساعدة" لبنان على تفكيك قواعدهما المنتشرة على الحدود اللبنانية السورية. وأسف لأنه "في ظل الأزمة السياسية الراهنة، لم تحصل مناقشات أو اتصالات أخرى بين لبنان والجمهورية العربية السورية حول ترسيم حدودهما المشتركة على رغم التعهدات" من الرئيس سليمان والرئيس السوري بشار الأسد. وحض لبنان وسوريا على "المضي في هذا الموضوع من دون تأخير إضافي".

ودعا الحكومة اللبنانية المقبلة، عندما تتشكل، الى "مواصلة الجهود" التي قام بها رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري "لتحسين وضع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان". وإذ حض المجتمع الدولي على تقديم الدعم الى القوات المسلحة اللبنانية، أعرب عن "أسفه الشديد لاستمرار الإنتهاكات الإسرائيلية لسيادة لبنان وسلامة أراضيه"، داعياً اسرائيل الى الإنسحاب من الغجر ووقف طلعات طائراتها في الأجواء اللبنانية لأنها "تزيد خطر وقوع نزاع غير مقصود وتولد قلقاً بين السكان المدنيين".

وأكد أن "غياب الحكومة الفاعلة (…) أدى الى فراغ أمني وسلطوي يمكن الجماعات المسلحة والمتطرفة أن تنتهزه"، معرباً عن "قلقه العميق لأن مزيجاً من انعدام الثقة بين الأطراف والوجود المستمر للميليشيات يمكن أن يقود الى توترات وانعدام ممكن للأمن والإستقرار في لبنان وخارجه". وأضاف "في خضم الأحداث الجسام في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فان ثقافة الترهيب عبر الجماعات المسلحة غير مقبولة أكثر من أي وقت مضى. الإضطرابات عبر المنطقة ستؤثر بالضرورة على لبنان"، ولذلك حض "كل أصدقاء لبنان وجيرانه على الإضطلاع بدور بناء في دعم سيادة البلد واستقلاله السياسي". وأكد أنه "على خلفية إضطرابات المنطقة، يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تبقى ملتزمة بحزم تطبيق القرار 1559"، داعياً أخيراً جميع الأطراف واللاعبين الى "الإمتثال تماماً" للقرارات 1559 و1680 و1701 وغيرها من القرارات الخاصة بلبنان.

السابق
حتفل إنتهاء أعمال ترميم جداريات مدفن صور الأثري
التالي
مصر تتجه الى ايران: أشهر عسل حقا؟