القتلة هم قتلة

من الصعب الا نلاحظ هجمة الفصح لمن يحث على الاستسلام لحماس بكل ثمن. وسائل الاعلام المؤسساتية تدمن على المرحلة الجديدة في حملة جلعاد شليت، والتي ترافقها هذه المرة رائحة تهديد – بالكف عن ان تكون "رسمية". من السهل جدا الركوب بالمجان على صورة عيد الحرية لنقل رسائل تبسيطية وتلاعبية: ها هو جلعاد يذوي في أسر حماس ونحن، قساة القلب، يمكننا أن نحرره برمشة عين ونتنكر. صحيح انه لا يمكن النزل باللائمة على الابوين البائسين. فعالهمهم باسره يدور حول ابنهما المخطوف، وهما لا يفترض بهما أن يفكرا بالمنطق، المسؤولية ان بالتفكير بمستقبل الامة وابنائها الاخرين. من ناحيتهما يجب دفع كل ثمن وتحرير كل قاتل.

غير أنه بالذات في عيد الحرية الحالي يمكن لكل الاخرين ان يبلوروا منظورا اخلاقيا وفكريا واضحا اكثر بالنسبة لمعنى الاستسلام المطلوب. فماذا اذا ما طالب خاطفو شليت تحرير أمجد وحكيم عواد من عورتا، الوحشين اللذين اعترفا بقتل اودي، روت، يوآف والعاد بوغل، وكذا بحز عنق هداس ابنة الثلاثة اشهر؟ هل هذان ايضا يندرجان ضمن شعار "بكل ثمن"؟ والى ما زعم بانه يجب تحريرهما هما ايضا والان – هنا ينتهي الجدال. الدولة التي تمنح مثل هذه المخلوقات الحرية تكون فقدت ارادة الوجود لديها.

هذان القاتلان محظور قتلهما بل ابقائهما خلف القضبان الى ما لا نهاية – في اعمال شاقة، في التعذيب، في ظل منع مناعم الحياة. الا يتعلما، الا يشاهدا التلفزيون، الا يريا نور النهار – على حياتهما ان تكون اشد من الموت. ومن لا يفهم ذلك فلا توجد كلمات في العالم يمكنها أن تقنعه. ولكن، اذا كان متفقا عليه انه محظور التفكير بتحرير الذابحين من عورتا، فكيف يمكن ان نبرر الانثناء أمام مطالب التحرير الاخرى لحماس. ما هو الفرق بين الوحشين من عورتا وبين من ذبح الشبيبة في داخل المرقص في الدولفيناريوم، وبين من قتل ابوين وثلاثة اطفال في مطعم سبارو وخلف يتامى آخرين، وبين كبار الذابحين من فندق بارك وبين باقي منفذي حمامات الدماء من مدرسة الثورات الفلسطينية؟

أخلاقيا لا مبرر للسماح لهذه المخلوقات البشرية استرداد حريتها، في أي وقت من الاوقات. كما أن احدا لا يمكنه أن يأتي الى ابناء عائلة بوغل وابناء شعبهم، ليطالبهم بتوفير "كتاب تحرير اخلاقي" للقتلة من ايتمار، القدس وتل أبيب كمقابل لحرية جلعاد شليت. وعندما تكون المسألة الاخلاقية حسمت لا يتبقى سوى الجدال الفكري حول المنطق الكامن في الاستسلام لحماس.

أولا، يجب فحص ماذا تكون النتيجة العملية لتحرير كبار القتلة مثل عبدالله البرغوثي، الذي اعد عبوات ناسفة حطمت ضحايا مقهى مومنت ومطعم سبارو في القدس. البرغوثي امسكبه في 2004 وحكم 67 مؤبد. وهو يوجد، بالطبع، على قائمة مطالب حماس تلك التي يقبل بها وكلاء مفهوم "بكل ثمن". بتحريره يكون تقرر الموت لكثيرين آخرين من بيننا. وفضلا عن الضحايا القادمين للبرغوثي ونظرائه، تقف مسألة الرسالة المشجعة التي سنبثها لكل من يسعى الى قبض روحنا، في مجرد الاستسلام لابتزاز حماس.

الجواب على هذا السؤال معروف وواضح من تلقاء نفسه. لا ريب أن فتح بوابات سجوننا سيقدم ريح اسناد شديدة لطريقة الارهاب ومن شأنه أن يحكم علينا جميعا بالعبودية.

السابق
مصر تتجه الى ايران: أشهر عسل حقا؟
التالي
يتهمون اسرائيل وحدها