إسرائيل جيش لديه دولة!

علق أحد المحللين العسكريين على آخر تقرير صدر عن مراقب الدولة الإسرائيلية بشأن إدارة عمل الجيش بالقول إنه يثبت أن إسرائيل هي جيش لديه دولة وليس العكس، وأن الجيش يتصرّف بأموال الدولة وأملاكها العامة كما يحلو له.
وقد وجّه التقرير نقداً صارماً إلى جميع هيئات المراقبة الخارجية للجيش والمؤسسة الأمنية، بدءاً بلجنة الخارجية والأمن في الكنيست، مروراً بمجلس الأمن القومي، وانتهاء بالحكومة، واتهمها بالتقصير في أداء مهماتها.

وأكد على وجه الخصوص أن الجيش الإسرائيلي يقوم بإهدار المليارات بسبب إدارته الفاشلة لأملاك الدولة المودعة في يد المؤسسة الأمنية. ولذا أشير إلى أن الذين يبحثون عن المليارات الكثيرة التي تحتاج إليها خدمات التربية والتعليم والصحة والرفاه الاجتماعي سيجدونها في سلة المهملات بسبب حالة التقصير والإهمال التي تسيطر على عملية إدارة الجيش والمؤسسة الأمنية.

ويشير التقرير مثلاً إلى أن 80 في المئة من أراضي الدولة (باستثناء الأراضي الموجودة في الضفة الغربية) موجودة في يد المؤسسة الأمنية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتقوم هذه المؤسسة باستعمال نصف هذه الأراضي لأغراضها الخاصة، بينما تفرض قيوداً شديدة على استعمال النصف الباقي، في وقت تحتاج فيه الدولة إلى الأرض. كما أنه يبدي استغرابه من قيام المؤسسة الأمنية بمحاولات فرض سيطرتها على مزيد من أراضي الدولة.

في مطلع 2009 صدر في إسرائيل كتاب بعنوان "بلد باللون الخاكي- الأرض والأمن في إسرائيل" من تأليف الباحثين عميرام أورن ورافي ريغف. وعرض بشكل مفصل خريطة الامتداد أو الانتشار الأمني الإسرائيلي جغرافياً، وبيّن أنه على الرغم من شحّ الأرض في إسرائيل فإن ما يقارب نصف مساحة الدولة يتبع للمؤسسة الأمنية أو أنه واقع تحت تأثيرها. وتمتد هذه المساحات في كل أنحاء البلد، في المركز والأطراف، في المدن الكبرى والصغرى، في الجبال وشواطئ البحر، وكذلك في المناطق المأهولة والمفتوحة، وفي هذه المساحات كلها ثمة بنى تحتية ومناطق أمنية. والحديث هو عن ظاهرة جغرافية ليس لها مثيل في حجمها مقارنة بدول العالم الأخرى.

وأبدى المؤلفان دهشتهما من اكتشاف أن دولة إسرائيل المدنية من حيث المساحة أصغر كثيراً مما كانا يعتقدان في السابق، وشدّدا على أن الجيش هو بمثابة دولة ظل بدلاً من أن يكون تابعاً لدولة ذات سيادة.
وسواء أكانت إسرائيل جيشاً لديه دولة، أو كان الجيش دولة الظل الأقوى من الأصل، فإن محصلة ذلك هي أن الأمن لا يزال بمنزلة شيء مقدس فوق عديد الموضوعات الأخرى.

السابق
نفق البربير دخل الخدمة
التالي
الجمهورية عن زوار بعبدا: سليمان لن يوّقع مرسوم تأليف لا يتضمّن إسم وزير داخلية يسمّيه