إسرائيل إلى زوال

تساءل الكاتب الأمريكي اليهودي بنيامين شفارتس في مجلة أتلانتيك الأمريكية حول مستقبل إسرائيل ومصيرها، وكتب يقول: "هل سيقدّر لإسرائيل أن تحتفل بعيد ميلادها المئة"؟ وأجاب عن تساؤله في نهاية المقال إجابة متشائمة استبعد فيها أن تعمّر إسرائيل إلى ذلك الوقت، والسبب في رأيه هو أنّ المشروع الصهيوني لم يتمكّن أبداً من التغلّب على العائق الديمغرافي الذي أقلقه منذ تأسيسه.

واتفّق رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق موشي يعالون إلى حدّ ما مع بنيامين شفارتس بانهيار إسرائيل وزوالها بسبب العامل الديمغرافي، وخيار المقاومة، وعقلية إسرائيل الاستعمارية والإرهابية والعنصرية، ويعتقد يعالون "أنّ التهديد الوجودي الخارجي هو التهديد الفلسطيني".

لقد كذب المؤسسون الصهاينة على يهود العالم عندما عمّموا أكذوبة أنّ فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وتصوروا أن بإمكانهم التخلص من الشعب الفلسطيني تماماً كما تخلّصت الولايات المتحدة من الهنود الحمر عن طريق الإبادة الجماعية والترحيل والاستيطان، وكما فعل المستعمرون الأوروبيون في أمريكا وأفريقيا واستراليا، وظهر بعد أكثر من 26 عاماً من تأسيس إسرائيل لبعض النخب اليهودية والأوروبية، أنّه لا مستقبل لدولة يهودية تعيش على اغتصاب الأرض والحقوق والمياه والمقدسات وإبادة الشعب الفلسطيني وترحيله من وطنه.فقد تبيّن بوضوح بعد سلسلة من الحروب العدوانية التي أشعلتها إسرائيل والمجازر الجماعية التي ارتكبتها أن لا مستقبل لدولة يهودية متحالفة مع الامبريالية الأمريكية تعيش في حالة عداء دائم مع شعوب البلدان العربية والإسلامية، لذلك أخذت تنتشر في بعض الأوساط اليهودية والعالمية فكرة أنّ المشروع الصهيوني أقيم في فلسطين في الزمان الخطأ وفي المكان الخطأ وبالممارسات والأهداف الخاطئة، وأنّ على إسرائيل، كما قالت هيلين توماس عميدة الصحفيين في البيت الأبيض سابقاً، أن تحزم حقائبها وتعود من حيث أتت، أي إلى ألمانيا وبقية البلدان الأوروبية.

لقد اعترف تيودور هرتسل مؤسّس الحركة الصهيونية، والمؤسسون الصهاينة أنّ المشروع الصهيوني في قلب الوطن العربي مشروع استعماري سيقوم على دعم وتأييد كاملين من الدول الاستعمارية لخدمة الأهداف الاستعمارية والصهيونية العالمية، والهيمنة على المنطقة وصهينتها، والقضاء على الوحدة العربية والثقافة العربية الإسلامية.

هناك اليوم وبعد مرور أكثر من ستين عاماً على اغتصاب فلسطين وإقامة ما يسمى إسرائيل مكانها، ثلاث نظريات تعتقد بحتمية زوال إسرائيل:
النظرية الأولى: حتمية زوال نظم الاستعمار الاستيطاني، والنظم العنصرية في العالم، وذلك انطلاقاً من العهود والمواثيق الدولية، ومنها العهد الدولي بشأن تحريم العنصرية والتمييز العنصري، والعهود الدولية بتحريم اللاسامية والنازية وجميع الحركات العنصرية، وقرارات الأمم المتحدة حول زوال الاستعمار بشكليه القديم والجديد بما فيها نظم الاستعمار الاستيطاني.

النظرية الثانية: تنطلق من الآيات القرآنية ومن دعاتها: المهندس عدنان الرفاعي الذي يؤكّد حتمية زوال إسرائيل في عام 2502.
والنظرية الثالثة: وضعها أستاذ الرياضيات الفلسطيني محمد جرار ويثبت بنظريته انطلاقاً من الرياضيات بأنّ إسرائيل ستزول في عام 2302.
زالت النازية من ألمانيا، والفاشية من ايطاليا واسبانيا، والعنصرية من روديسيا والبرتغال، والاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر، ونظام الأبارتايد من جنوب أفريقيا، وسيكون مصير الكيان الصهيوني الأسوأ من النازية إلى زوال، كما سبقته إلى ذلك جميع الأنظمة الاستعمارية بكافة أشكالها.
(ترجمة فداء داهود – البعث)

السابق
تشارلز فرغسون :مستنقعات الخطر
التالي
الحقيقة والبروباغندا والتلاعب الإعلامي