اللبنانيون باقون: “شكراً البحرين”

بعد 10 أيام على ترحيل 10 لبنانيين من البحرين، أصدرت السلطات البحرينية قراراً يقضي بترحيل 25 آخرين، لتعود بعده عن القرار بقرار ثالث يقضي بوقف الإجراءات بحق هؤلاء وإعادة جوازات السفر لهم وإبقائهم. صدر القراران بالترحيل والإبقاء من دون إيراد أي تفسير. أما اللبنانيون، رسميين ومواطنين، فلا يجدون سوى عبارة: شكراً البحرين

صدر القرار البحريني: اللبنانيون لن يُرحّلوا من «بلادنا». سيبقون حيث هم ولن يعودوا إلى لبنان، إلا «إذا أرادوا هم». قرار «لا رجوع عنه»، هكذا يقول المتفائلون في وزارة الخارجية والمغتربين الذين تبلغوا أمس من السفارة اللبنانية في المنامة، رسمياً، موقف السلطات البحرينية من اللبنانيين المقيمين على أرضها، والذين كانوا مهدّدين بالترحيل في غضون أسبوع واحد. ونقل السفير اللبناني في المنامة عزيز القزي عن السلطات البحرينية أنها «أبلغت هؤلاء اللبنانيين أن كل الأمور عادت إلى طبيعتها وأن بإمكانهم البقاء والعمل في البلاد».

قبل وصول البرقية الرسمية إلى الدولة اللبنانية، كان وزير الخارجية علي الشامي «قد تبلغ القرار من وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة بنحو غير رسمي أول من أمس على هامش المؤتمر الدولي لمكافحة القرصنة في دبي»، حسب ما أشار مستشار الشامي وسيم وهبة.

لقرار نفسه تبلغه اللبنانيون المهدّدون بالترحيل قبل يومين من السفارة اللبنانية نقلاً عن السلطات البحرينية «وقف الإجراءات المتخذة في حقهم من أجل مغادرتهم البلاد»، إذ أعادت السلطات لهم جوازات سفرهم التي كانت قد احتجزتها تمهيداً لإخراجهم».

يتطرق الرجل حذراً إلى هؤلاء اللبنانيين الذين «هم في غالبيتهم من الطائفة الشيعية»، فيشير إلى أنهم «تبلغوا من السلطات البحرينية قبل يومين من صدور هذا القرار، بأن لا تجديد لإقاماتهم وأن عليهم الرحيل».
إذاً، لم يعد اللبنانيون مهدّدين بلقمة عيشهم في المبدأ، إذ لفت القزي «الأخبار» إلى أن «السطات البحرينية أعادت النظر في قرارها القاضي بترحيل نحو 25 لبنانياً وأبلغت السفارة بعدم الترحيل، من دون أن تزودنا بكتاب أو حتى مذكرة رسمية تورد فيها الأسباب».

ليس هذا مهماً، فالمهم هو «العودة عن القرار والانتهاء إلى تلك النتيجة الإيجابية»، يقول القزي، ثم يضيف «ما بدنا نستنطق الجماعة، فما نريده هو المحافظة على العلاقات الطيّبة البحرينية ـــــ اللبنانية». يسكت هنيهة ثم يعلق قائلاً «لا سبب جوهرياً في الأصل لإنهاء العلاقات بين الطرفين، وقد ذكّرنا السلطات مراراً بأن هؤلاء اللبنانيين المقيمين على أراضيها لا علاقة لهم بما يجري على الساحة السياسية في لبنان، فهم هنا للعمل، ومن له علاقة بتلك الأوضاع فليؤخذ إلى التحقيق». أما الأجواء اللبنانية فتفيد بأن «سبب العودة عن القرار ربما يعود وفق معلومات غير رسمية إلى الاتصالات بين لبنان والبحرين وبعض التصريحات اللبنانية»، يقول المدير العام للمغتربين في الوزارة هيثم جمعة.
حُلّت الأزمة مبدئياً. هذا ما يقوله المسؤولون اللبنانيون. لكن، ثمة أسئلة عالقة في ما يخص اللبنانيين المقيمين في البحرين: لمَ لمْ تعطِ البحرين أي تفسير لطلب المغادرة الذي كانت قد أبلغته إلى هؤلاء اللبنانيين؟ وماذا عن اللبنانيين العشرة الذين رُحّلوا قبل عشرة أيام من الآن؟ وماذا أيضاً عن شائعة اعتقال خمسة لبنانيين بتهمة «التخابر مع جهات خارجية»؟ وإذا كانوا معتقلين، فلمَ لم يُفرج عنهم حتى هذه اللحظات؟
أسئلة لا أجوبة عنها حتى الآن من السلطات البحرينية، فهي التي لم تعطِ تفسيراً عن مبررات اتخاذ القرار وأسباب العودة عنه. لكن، من الجهة اللبنانية، ثمة أجوبة، وربما هي أقرب إلى التكهنات أو «الأجوبة المبدئية» منها إلى الأجوبة الدقيقة. ففي هذا الإطار، يشير القزي إلى أن «هناك إمكانية لتسوية أوضاع اللبنانيين الذين رُحّلوا، ويمكن ذلك من خلال إنجاز إجراءات لاستصدار فيزا جديدة، على أن يقوم أصحاب عمل هؤلاء بطلبهم من جديد».

أزمة أخرى قد تحلّ في فترة «الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين»، يقول القزي. أما أزمة الاعتقال المحتملة لخمسة لبنانيين فلم تؤكدها وزارة الخارجية اللبنانية، إذ يوضح جمعة بأن «لا معتقلين على حد علمي، إذ لم تتبلغ الوزارة هذا الأمر»، مضيفاً «الخبر بدّو تدقيق».
ما تقوله وزارة الخارجية في هذا الإطار، يدحضه رئيس جمعية الشباب لحقوق الإنسان محمد المسقطي الذي أكد أن «معلومة الاعتقال مؤكدة وقد أخذوا من بيوتهم، لكن إلى الآن لم نستطع أن نجمع أية معلومات، وقد أوقفنا البحث لحين الحصول على معلومات رسمية من السلطات».

وبين هذين الرأيين، لا يمكن الوصول إلى الخبر اليقين، خصوصاً في ظل امتناع اللبنانيين المقيمين في البحرين عن الإدلاء بأي تصريح سوى عبارة «الحمد لله، كل شي منيح». وهنا، تقول مريم شقيقة منى هارون المقيمة في البحرين، الوحيدة التي وافقت على الكلام، أنه «يصعب الحديث مع شقيقتي، فحتى عندما نسألها عن الأوضاع تقفل هاتفها».

لا أحد من اللبنانيين المقيمين في البحرين يأنس للكلام عما يجري هناك. والسبب يكاد يكون واحداً: «التلفون مراقب وما بدنا نفلّ». ولهذا السبب، لا أحد سيعرف عن الأوضاع الدقيقة للبنانيين إلا من خلال البرقيات الرسمية، وما عدا ذلك، فليكتشف كل واحدٍ بنفسه.

يذكر أن الشامي كان قد اجتمع مجدداً مع وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة، صباح أمس على هامش مؤتمر مكافحة القرصنة، وشدّد على أن «التصريحات التي صدرت أخيراً لا تمثل الموقف اللبناني الرسمي، وأنّ اللبنانيين المقيمين في المملكة يقدّرون الضيافة الأخوية ويحترمون قبل كل شيء قوانين الدول التي يقطنون فيها ولا يقحمون أنفسهم في القضايا الداخلية لهذه الدول بأي شكل من الأشكال».
تجدر الإشارة الى أن الرئيس نجيب ميقاتي أثنى على القرار وأكد في اتصال أجراه برئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، أن «اللبنانيين المقيمين في البحرين حريصون على أمنها وسيادتها ويشكرون احتضانها لهم».

السابق
ومتى لقاء كل الطوائف؟
التالي
أبيدجان: طيّارة والناس راجعة