الراي: القمة المسيحية لسكب “المياه الباردة” وإيجاد “عازل” عن “بركان” المنطقة

يتملّك الخوف من انعكاسات التطورات الضخمة التي تشهدها سورية على لبنان اوساطاً سياسية عدة وإن كانت لا تعبّر عن ذلك علناً لحسابات مختلفة داخلية وخارجية. غير ان الايام الاخيرة بدأت تُظهر هذه المخاوف تدريجاً وتدفعها الى الواجهة ولو تحت شعارات متنوعة.
فاللقاء الحدَث الذي جمع امس في بكركي، اربعة من اقطاب الموارنة، هم الرئيس امين الجميل وزعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون وزعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لا يبدو معزولاً عن خوف البطريرك الماروني الجديد مار بشارة بطرس الراعي من خطورة الاستقطاب المتصاعد بين السنّة والشيعة على خلفية الحدث السوري من جهة والصراع العربي ـ الايراني من جهة اخرى.
ولذا بدا اللقاء الماروني وسط هذا الجو، ولو اقتصر انجازه على ما هو اقل من مصالحة بين الزعماء الموارنة الاساسيين المصطفين على جبهتي 8 و14 آذار، بمثابة مسعى متقدم لتحييد الساحة المسيحية او تخفيف الأضرار المحتملة التي يمكن ان تصيبها جراء اي تطورات مقبلة.
ولا يقتصر الأمر على هذا الجانب من المشهد اللبناني، فالأمر الأخطر يتصل بمناخ التصعيد السياسي الذي ارتسمت ملامحه اخيراً عبر توجيه اتهامات الى تيار «المستقبل» الذي يقوده الرئيس سعد الحريري بالتورط في الاحداث السورية، وهو الامر الذي تبناه حلفاء دمشق في لبنان في لقاء التضامن مع سورية الذي عقد قبل يومين بحضور السفير السوري علي عبد الكريم علي.
وقد استوقف الدوائر المراقبة الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس اللبناني ميشال سليمان بنظيره السوري بشار الاسد، واكد خلاله «وقوف لبنان الى جانب استقرار سورية وامنها وتطورها وازدهارها»، في ما اعتُبر اشارة لمحاولة رسمية لتطويق ازمة الاتهامات السورية لـ «المستقبل».
في موازاة ذلك، كان بارزاً ما ذكرته صحيفة «الجمهورية» من انّ موقف رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط الذي غاب اول من امس عن المشاركة في «اللقاء التضامني» مع سورية في «فندق الكومودور»، جاء بعد تبلغه رسائل سورية تطلب منه وجوب توضيح موقفه إزاء مشاركة دروز السويداء وحوران في عدد من التظاهرات المناوئة للنظام، وتحديد موقعه الحالي بعد التقارب المستجد بينه وبين «المستقبل» واللقاء الذي عقده قبل ايام بعيداً من الأضواء مع الرئيس فؤاد السنيورة.
ووسط «البركان» الذي يغلي من حول لبنان، جاء مشهد القمة المسيحية الروحية – السياسية التي استمرت قرابة ست ساعات في مقر البطريركية المارونية كأنها محاولة من رأس الكنيسة المارونية الجديد لسكب «مياه باردة» على الواقع المسيحي الذي يعيش «حالة خاصة» تجذّرت ابان الحرب الاهلية (بين 1975 و1990) ويسميها ابناء الطائفة انقساماً فيما «يحسدهم» ابناء طوائف اخرى عليها باعتبارها «تنوعاً».
بين التاسعة صباحاً والثالثة بعد الظهر، تحوّلت بكركي محور الحدَث اذ شهدت «باكورة» لقاءات اعادة التواصل بين أقطاب 8 و14 آذار ومحاولة «البناء» على ما يتفقون عليه من مسلَّمات تتعلق بالوجود المسيحي في لبنان والمنطقة، و»تحييد» الملفات الخلافية التي لكل من المعسكريْن موقفه حيالها انطلاقاً من موقعه الوطني، في إطار الحرص على ايجاد «عازل» يؤمّن بالحد الأدنى لمسيحيي لبنان مصالحهم وعبوراً آمناً للنفق المظلم الذي دخلته دول عدة في المنطقة، ويحاول في الحد الاقصى مد جسر لامكان توافقهم «المستحيل» على ثوابت سياسية يمكن ان تشكل عامل «وصل» بين المكونات اللبنانية الأخرى المتصارعة من ضمن الصراع الاكبر في المنطقة.
على طاولة مستطيلة جلس «الفرسان الاربعة»، برعاية البطريرك الراعي، صاحب شعار «شركة ومحبة»، وحضر معهم اربعة مطارنة، هم رولان ابو جودة، بولس مطر، يوسف بشارة وسمير مظلوم. وقبل الطاولة «الأخوية والودية» التي افتُتحت برياض روحية وصلاة تولاها الحبيس يوحنا خوند، كانت الأنفاس محبوسة وعدسات الكاميرات «على سلاحها» لالتقاط «الصورة التاريخية» للمصافحة الاولى من نوعها بين جعجع وفرنجية اللذين لم يسبق ان التقيا واللذين أبعدت بينهما، الى السياسة، مجزرة اهدن التي وقعت في 13 يونيو 1978 والتي ذهب ضحيتها والد زعيم «المردة» طوني فرنجية ووالدته وشقيقته الصغرى ونحو 30 من أنصار التيار. الا ان «جيش» الاعلاميين الذي كان أبكر في الوصول الى بكركي، لم يتسنّ له تصوير اللقطة ـ الحدَث لان إجراءات استثنائية اتُخذت ومنعتهم من دخول الصرح الا بعد انتهاء جلسة النقاش وقبل الانتقال الى الغداء الذي حضره ايضاً البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير.
وفي المعلومات المتوافرة عن «السلام» بين زعيميْ «القوات» و«المردة» قبل الكلام، ان فرنجية كان في صالون بكركي، حين دخل جعجع والجميل وعون، فبادر رئيس «المردة» الى المصافحة التي بادلها رئيس» القوات».
ورغم ان فرنجية اكد تعليقاً على المصافحة انها تمت في شكل عادي و«مشي الحال»، فان لقاء «كسر الجليد» مع جعجع، لم يرتقِ الى مستوى المصالحة، وإن كان شكّل الخطوة الاولى على طريق الطي الكلي لصفحة المجزرة التي لاحظت دوائر مراقبة انه سبق ان شمل «الصفح» عنها قيادة «الكتائب» الحالية المتمثلة بالجميّل.
علماً ان زعيم «المردة» استبق المصافحة التي كانت حتى الأمس القريب شبه «مستحيلة»، معلناً لتلفزيون «ام.تي.في» ان «صورة المصافحة مع جعجع ليست مهمة، هي ربما كذلك بالنسبة إلى الرأي العام أما بالنسبة لي فلا مشكلة في مصافحته وهذا لا يعني ان الإشكال انتهى، اما المصالحة فلا تكون على طريقة تبويس اللحى، فهناك تاريخ وماض وأناس ماتوا، كل ما جرى يحتاج الى نقاش بالعمق لتطوى الصفحة، كما ان هناك اسئلة كثيرة مطلوب الاجابة عنها من سمير جعجع».
وفي موازاة رمزية «السلام والكلام» الذي تم رصده بين جعجع وفرنجية، بدا واضحاً ان «طاولة العمل» التي ارادها الراعي في بداية اسبوع الآلام علّها تكون فاتحة لـ «قيامة» الواقع المسيحي من الانقسام، أريد لها ان تعوّض عن المصالحة السياسية الصعبة بجعلها تحمل عنوان حماية مصلحة المسيحيين في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة وتنظيم الخلاف القائم بينهم والحؤول دون بلوغه حافة التقاتل.
وعلى الطاولة التي جلس على رأسها البطريرك الراعي وعلى يمينه الجميل وبجانبه جعجع والمطرانان ابو جودة وبشارة، وعلى شماله عون وبجانبه فرنجية والمطرانان مطر ومظلوم، (اي ان جعجع وفرنجية جلسا متقابليْن وهو ما علّق عليه عون ممازحاً بان المختلفين يجلسون في مواجهة بعضهم البعض)، بدا منذ البداية ان اللقاء نجح وفق المعايير التي وُضعت له، ولا سيما ان مجرّد جمع الأضداد اعتُبر في ذاته «تاريخياً»، فيكف اذا ساد الاجتماع ودّ ومزاح.
وعلى طريقة الاستفادة من النقاط المشتركة، لبناء أرضية تمهّد «للقاءت المتممة كلما دعت الحاجة» كما جاء في البيان الختامي الذي صدر عن بكركي، جرى نقاش مستفيض تركّز على عناوين عدة تهّم المسيحيين ابرزها، التجنيس واسترداد الجنسية واقتراع المغتربين واللامركزية وقوانين الانتخاب والحضور المسيحي في الإدارة والهدر والفساد ورفض التوطين ودعم حق العودة للفلسطينيين وبيع الاراضي، كما لم تغب العناوين الوطنية وإن من زاوية عامة ومن دون السماح باستثارة الخلافات.
واشارت معلومات الى ان القادة الأربعة تعاقبوا على الكلام تباعاً فوضعوا هواجسهم على الطاولة وعرضوا رؤيتهم للبنان من دون اي تداخل أو مقاطعة، فكانت وجهات نظر مختلفة في أجواء مصارحة عميقة انتهت الى اتفاق على وجوب تحصين مناخ الود والسلام في الخارج، كما في داخل الاجتماع. ولفتت المعلومات الى أن الأربعة الذين زاروا صفير في جناحه الخاص تبادلوا أطراف الحديث والمزاح، خصوصاً فرنجية وجعجع الذي وصف أجواء اللقاء بالممتازة وأكد «أن ما جرى يشكل جزءاً مما نعمل له منذ خمسة اعوام».
وكان البيان الختامي معبراً في اشارته الى ما تم تداوله، اذ اكد ان «الإجتماع أخويا ووطنيا بامتياز، ساده جو من الصراحة والمسؤولية والمودة، وقد تمت مقاربة المواضيع المطروحة انطلاقاً من التمييز بين ما هو متفَق عليه وما هو خاضع للتباينات السياسية المشروعة في وطن ديموقراطي يحترم الحريات والفروقات، مع المحافظة على وحدة الوطن واحترام ثوابته وصون مصالحه الأساسية». وختم: «انتهى الإجتماع في الجو الروحي الذي ابتدأ به، على أن تعقبه لقاءات أخرى ولقاءات متممة كلما دعت الحاجة».
يذكر انه عند دخول الاعلاميين الى بكركي كان المجتمعون يبحثون بموضوع القمة الروحية المسيحية ـ الاسلامية المرتقب عقدها في 12 مايو المقبل في بكركي.
وكان البطريرك الراعي يطلب من القادة تقديم مقترحات، وحينها اعلن فرنجية وعون انهما قد يقدمان ورقة مشتركة، فيما اعلن الجميل وجعجع ان كلاً منهما سيرفع مقترحات.

جعجع: التعاطي مع «التيار» و«المردة» كما الأحزاب الحليفة

من اولى «ثمار» القمة المسيحية في بكركي، إعطاء رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حسب «وكالة الانباء المركزية»، فور عودته الى مقره في معراب توجيهاته الى الدائرة الاعلامية وجميع المعنيين بوجوب التعاطي مع «التيار الوطني الحر» (بقيادة العماد ميشال عون) و«تيار المردة» (يقيادة النائب سليمان فرنجية) بالمستوى نفسه الذي تتعاطاه مع أحزاب «الكتائب» و«الأحرار» و«الكتلة الوطنية» المنضوية في 14 آذار.

بلاغ كاذب عن نية تفجير السفارة النمسوية

تحوّل محيط السفارة النمسويّة في محلة الأشرفيّة في بيروت امس، ثكنة امنية مع انتشار عناصر من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي على خلفيّة بلاغ تبيّن لاحقاً انه كاذب عن نيّة لتفجير السفارة.
واشارت تقارير الى ان أحد الأشخاص الذي كان طلب تأشيرة دخول إلى النمسا ورفض طلبه، وجه بلاغا كاذبا عن نيّته تفجير السفارة ما استدعى اتخاذ التدابير الأمنيّة اللازمة لتفادي أي مشكلة، فيما لفتت معلومات الى ان «المرفوض» هدّد بحرق نفسه أمام مبنى السفارة، داعيا الاجهزة الامنية لانتظاره.

البحرين أوقفت إجراءات ترحيل اللبنانيين وأعادت جوازات السفر لمن أبلغتهم المغادرة

انفرجت على خط لبنان – البحرين. فبعد شهر بالاتمام والكمال على «انفجار» العلاقة بين المنامة و«حزب الله» بعيد اعلان امينه العام السيد حسن نصر الله (في 20 مارس) دعم مطالب المعارضة وما استتبعها من ردّ غير مسبوق من قيادة المملكة وصفت فيه الحزب بانه «منظمة ارهابية» ثم بدء اجراءات ترحيل نحو 20 لبنانياً (غالبيتهم من الشيعة)، أوقفت السلطات البحرينية امس، كل الإجراءات المتخذة بحق هؤلاء وأعادت جوازات السفر اليهم.
وذكر المكتب الاعلامي للرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي ان الاخير أجرى إتصالا برئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، واكد له «الحرص على إستقرار مملكة البحرين وعلى تمتين العلاقات». وقال «إن اللبنانيين المقيمين في البحرين حريصون على أمنها وسيادتها ويشكرون إحتضانها لهم وتوفير فرص العمل الكريمة لهم، وهم بالتأكيد لن يفرطوا بهذه الثقة ويعتبرون البحرين بلدهم الثاني».
ونقل عن رئيس وزراء البحرين «إننا نعتبر جميع اللبنانيين في البحرين بمثابة أهل وأبناء لنا ونحن حرصاء عليهم».
وكانت السلطات البحرينية ابلغت الى عدد من اللبنانيين المقيمين على اراضيها وقف الاجراءات المتخذة في حقهم من اجل مغادرتهم البلاد، حسب ما افاد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية. وقال المصدر ان السفير اللبناني في المنامة عزيز قزي ابلغ الى الخارجية ان «السلطات البحرينية اعادت الى عدد من اللبنانيين جوازات سفرهم التي كانت احتجزتها تمهيدا لاخراجهم».
واشار الى ان السلطات البحرينية ابلغت هؤلاء اللبنانيين ان «كل الامور عادت الى طبيعتها وان بامكانهم البقاء والعمل في البلاد».

السابق
السياسة: التعازي تتواصل بوفاة الخرافي: رحيله خسارة كبيرة للكويت والعالم العربي
التالي
التعبئة تحصل بالعلاقات الاجتماعية لا بالفيسبوك والتويتر