الديار: واشنطن تنفي السعي إلى تقويض النظام السوري

التطورات السورية تتسارع وتيرتها بشكل تصاعدي مع توسع دائرة الاحتجاجات وسقوط المزيد من القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين والقوى الامنية.

وبعد درعا، انتقلت المواجهات الدائمة الى كبرى المدن السورية حمص بعد سقوط ليل امس الاول اكثر من 20 قتيلا و50 جريحا في اشتباكات مسلحة، كما شهدت مدينة حمص تظاهرة كبيرة اثناء تشييع جنازة شيخ دين توفي قيد الاعتقال حسب مصادر ناشطين سوريين، كما اعتصم حوالى ثلاثة آلاف شخص وسط حمص في ظل غياب القوى الأمنية، كما شهدت درعا تظاهرة شارك فيها 500 شخص، كما تظاهر نحو 1500 شحص في بلدة جسر الشغور.

الى ذلك، اعلن وزير الخارجية السورية وليد المعلم ان ما يجري في بعض المناطق السورية يحتاج إلى التوقف عنده، ولاسيما بعد كلمة الرئيس السوري بشار الأسد التوجيهية للحكومة الجديدة بما تضمنته بدءا من رفع حالة الطوارئ وانتهاء بقانون تعدد الأحزاب.

وقال المعلم خلال لقاء مع سفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين في دمشق: «نحن نعتقد أن من يرد الإصلاح يعبر عن رأيه بطريقة سلمية ومن منطلق أن هذا الإصلاح ضرورة وطنية ومن يرد الإصلاح لا يستخدم العنف والسلاح ولا يلجأ إلى التخريب وحرق مؤسسات الدولة وقطع الطرق، مؤكدا في الوقت نفسه أن الإصلاح هو حاجة وطنية وهو أيضا عملية مستمرة لا تتوقف ويتطلب الأمن والاستقرار.

وأشار الوزير المعلم إلى أن ما حدث بالأمس في قرية تلبيسة في محافظة حمص يشكل أمرا بالغ الخطورة إذ تم قطع الطريق الدولية لساعات طويلة وجرى الاعتداء من قبل مسلحين على عناصر الشرطة التي كانت لديها تعليمات صارمة بعدم التعرض للمتظاهرين ما أدى إلى وقوع ضحايا في صفوف تلك العناصر مما تطلب تدخل الجيش.

وأكد الوزير المعلم أن «التظاهر السلمي أمر نحترمه ولكن قطع الطرق والتخريب والقيام بعمليات الحرق أمر آخر ولم يعد مقبولا السكوت عنه، مضيفا أن هناك ضغوطا شعبية كبيرة تطالب الحكومة باستعادة الأمن والنظام ومعربا عن الأمل في ألا يتكرر ما قام به المسلحون في تلبيسة حتى لا تضطر الدولة لاتخاذ الإجراءات اللازمة. وقال الوزير المعلم إن أولويات الحكومة الجديدة ستكون العمل الحثيث لتنفيذ ما كلفها به الرئيس الأسد وهو يندرج في أمرين.. تنفيذ الإصلاحات التي تم طرحها وإعادة الأمن والنظام، موضحا أن الرئيس الأسد أجرى شخصيا لقاءات حوارية مع ممثلين عن مدن ومحافظات سورية عدة واطلع خلالها على مطالبهم التي تم تلبية معظمها ووعد سيادته بتلبية ما تبقى منها وسوف يلتقي وفودا أخرى.

من جهة أخرى، قال الوزير المعلم إن «هناك تحريضا إعلاميا واضحا تقوم به بعض الفضائيات التلفزيونية العربية وهذا التحريض يلعب دورا سلبيا يضر بمصلحة الشعب السوري والدولة السورية بشكل عام".

وأضاف: "نحن لا نعترض على حرية الإعلام ولكننا نعترض على عدم الموضوعية فيه لأن الافتقاد إلى الموضوعية يضر بالمصلحة الوطنية مشيرا إلى أن الرأي العام في سورية يتساءل عن دوافع هذا الموقف التحريضي". كما أبدى الوزير المعلم استغرابه من الفتاوى التي تصدر خارج حدود البلاد قائلاً «إن على من يصدرون هذه الفتاوى أن يعلموا أن سوريا تفخر بوحدتها الوطنية وتعتز بنهجها العلماني العروبي وبتمسكها بالثوابت القومية.

وتحدث الوزير المعلم عن ضبط الجهات المعنية شحنات من الأسلحة المهربة من العراق قائلا «إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها ضبط أسلحة مهربة مضيفا أن الحكومة العراقية لا علاقة لها بهذا التهريب ولكنه في الوقت نفسه لفت إلى أن هناك جهات تعمل وبشكل حثيث على الإساءة للأمن والاستقرار في سوريا.
وختم الوزير حديثه بالتأكيد مرة أخرى على أن الإصلاح قائم ومستمر والتظاهر السلمي مسموح به إلا أن اعتماد العنف والتخريب أمر لا يمكن السكوت عنه.

في هذا الوقت، قالت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها امس إن وزارة الخارجية الأميركية مولت سراً ما سمتها جماعات معارضة سورية وهو ما كشفت عنه برقيات دبلوماسية سربها موقع ويكيلكس الالكتروني.

وذكرت الصحيفة إن البرقيات أظهرت أن الخارجية الأميركية قدمت منذ عام 2006 ما وصل الى ستة ملايين دولار لتشغيل قناة بردى التلفزيونية الفضائية التي تتخذ من لندن مقرا لها.

وأضافت الصحيفة إن قناة بردى بدأت البث التلفزيوني في نيسان عام 2009 وانها صعدت عملياتها لتغطية التظاهرات التي بدأت في سوريا الشهر الماضي في اطار حملة طويلة الاجل ضد سوريا.

وقالت الصحيفة ان الاموال الاميركية بدأت تتدفق على ما سمتها شخصيات معارضة سورية خلال ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش بعد تجميد العلاقات السياسية مع دمشق عام 2005.

وأضافت أن الدعم المادي استمر تحت ادارة الرئيس الاميركي باراك أوباما رغم سعي إدارته لإعادة بناء العلاقات مع سوريا وفي كانون الثاني الماضي أوفدت واشنطن سفيرا لها الى دمشق.

وقال تقرير واشنطن بوست إن البرقيات تشير إلى أن الأموال تم تخصيصها بالفعل على الأقل حتى أيلول عام 2010.

وأضافت الصحيفة إن البرقيات التي لم يكشف عنها من قبل أظهرت أن مسؤولي السفارة الأميركية شعروا بالقلق عام 2009 حين علموا أن سوريا تثير تساؤلات عن هذه التمويلات الأميركية.

وقالت إن برقية بتاريخ نيسان عام 2009 موقعة من جانب أكبر دبلوماسي أميركي في دمشق حينذاك جاء فيها ان السلطات السورية رفضت أي تمويل أميركي لجماعات سياسية غير مشروعة ودعت إلى إعادة تقييم البرامج التي ترعاها الولايات المتحدة . وأضافت الصحيفة أن وزارة الخارجية الأميركية رفضت التعليق على البرقيات أو الرد على أسئلة بشأن تمويلها لتلفزيون بردى.

وقد نفت الخارجية الاميركية سعي واشنطن الى تقويض النظام السوري.

الى ذلك، أكد كبار علماء سوريا أن البيان الذي أصدره الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بخصوص الأوضاع في سوريا لم يفاجئ علماء سوريا كونه صدر عن خلفيات حزبية مرتبطة بمخططات واضحة المعالم والأبعاد والأهداف والذي يستهدف النيل من أمن واستقرار سوريا، كما أنه لا يتوافق مع المنهج العلمي والمنطقي في الحكم على الأشياء.

وقال كبار علماء سوريا في بيان أصدروه امس إن «القائمين على بيان الاتحاد العالمي يتحملون مسؤولية الكلمة والموقف أمام الله والشعوب والتاريخ ، فلا يخفى أن مهمة العلماء إنما هي درء الفتن، وتحقيق مقاصد الشريعة في جلب المصالح ودرء المفاسد بناء على فقهٍ بواقع العالم الإسلامي عموماً وسوريا خصوصاً، ولا سيما أنهم يعلمون مواقف سوريا الثابتة والصامدة في وجه أعداء العرب والمسلمين جميعاً، وها هي تدفع ثمناً غالياً لتلك المواقف".

ولفت علماء سوريا إلى أن تأكيد الرئيس الأسد على مشروعية التظاهر السلمي وتوجيهه بإصدار قانون منظم لهذا الأمر وتأكيده الدائم على الحفاظ على الدماء والأنفس والأموال الخاصة والعامة ووحدة الوطن واعتباره أن كل من توفي في هذه التظاهرات شهيدا يرد على ما جاء في البيان".

وعلى صعيد الامن، ضبطت الجهات السورية المختصة أمس الاول كمية كبيرة من الأسلحة في سيارة براد شاحنة يقودها سائق عراقي الجنسية أثناء محاولة تهريبها من العراق إلى سوريا عبر مركز التنف الحدودي.

وذكر مدير عام الجمارك مصطفى البقاعي لوكالة سانا أن الأسلحة المضبوطة تضم رشاشات متطورة من أنواع مختلفة وبنادق آلية وقناصات ومسدسات ومناظير ليلية وقاذفات قنابل وكميات كبيرة من الذخيرة المتنوعة والمخازن الخاصة بالرشاشات موضحا أن الأسلحة كانت ضمن مخبأ سري طوله 12 مترا معد بإتقان ومجهز للفتح بواسطة ضواغط خاصة بذلك. وأشار البقاعي إلى أنه جرى تغليف هذه الأسلحة بمادة قصديرية لمنع الأجهزة من اكتشافها.

كما أوضح مدير الجمارك أنه تم مؤخرا ضبط كميات أخرى من الأسلحة خلال محاولة تهريبها عبر أمانات جمارك باب الهوى والسلامة وجديدة يابوس.

وحول حركة العبور عبر معبر التنف بعد ضبط الشاحنة أوضح البقاعي أن حركة النقل والمسافرين تسير بشكل طبيعي كالمعتاد.

وكشفت اعترافات السائق العراقي حسين كريم جبار أنه يتقاضى مبلغ 20 ألف دولار مقابل كل رحلة.

وقال جبار للفضائية السورية: "اعمل كسائق لشاحنة نقل وجئت إلى سوريا عبر معبر التنف وكنت أحمل شحنة كبيرة من السلاح تضم رشاشات متطورة من أنواع مختلفة وبنادق آلية وقناصات ومسدسات ومناظير ليلية وقاذفات قنابل وكميات كبيرة من الذخيرة المتنوعة والمخازن الخاصة بالرشاشات.

وأضاف جبار تعرفت على المدعو ماهر مهدي الذي يملك فرنا يقوم بتجهيز طلبيات الخبز للجيش العراقي فبدأت بالعمل معه وتوطدت العلاقة بيننا وبعد فترة قال لي إنه سيفيدني من خلال إرسال السلاح إلى سوريا مقابل مبلغ كبير من المال.

وقال جبار إن شاحنته التي تحمل الرقم 85714 تم تحميلها بالسلاح بتاريخ 15/4/2011 ووصلت إلى مركز التنف ليلا وكنت بانتظار اتصال هاتفي من شخص لا أعرف اسمه حيث كان من المفترض أن أسلمه الشحنة في منطقة الضمير ويأخذني إلى مكان لا أعرف أين يقع لتفريغ حمولة الأسلحة".

وأضاف جبار: "لا أعرف الشخص الذي سأسلمه شحنة السلاح وكان الاتفاق على أن يعطي صاحب الفرن ماهر مهدي رقمي إلى شخص في سورية يقوم هو بالاتصال بي وتكون كلمة السر ماهر ثلاث مرات. من جهة ثانية، نقلت وكالات الانباء عن ناشطين حقوقيين ان التظاهرات تجددت امس في مدن سورية عديدة وخاصة في حمص (شمال دمشق) حيث خرج الآلاف مطالبين بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد أثناء تشييع جنازة 11 على الأقل قتلوا بالرصاص في مواجهات الاحد.

واوضح المصدر نفسه ان «اكثر من عشرة آلاف شخص شاركوا الاثنين في تشييع ما لا يقل عن سبعة اشخاص قتلوا الاحد في حمص (وسط)، واطلقوا هتافات «تمجد الشهيد وتطالب بالحرية وباسقاط النظام". واعتصم بعد ظهر امس نحو ثلاثة الاف شخص في وسط حمص في ظل غياب للقوى الامنية.

وكان ناشطون افادوا في وقت سابق ان قوات الامن استخدمت الاحد الرصاص الحي لتفرقة المتظاهرين في باب سباع في حمص (160 كلم شمال دمشق)، ما ادى الى وقوع سبعة قتلى بحسب ناشطين اثنين، وتسعة بحسب ناشط ثالث، في حين بلغ عدد الجرحى نحو العشرين. وعزت السلطات السورية اطلاق النار في تلبيسة الى «عناصر اجرامية مسلحة" مجهولة الهوية، واكدت مقتل شرطي واصابة 11 آخرين اضافة الى جرح خمسة جنود على ايدي «هذه المجموعة الاجرامية "؟.

ومع ان عدد المتظاهرين يبقى غير كبير، فان الحركة الاحتجاجية لا تزال تتسع جغرافيا عبر البلاد بحسب ما اعتبر احد المعارضين.

فقد تظاهر في درعا في جنوب سوريا امس نحو 500 شخص بينهم 150 محاميا دعوا الى سقوط النظام واطلاق سراح المعتقلين، رافضين هيمنة حزب البعث على الحياة السياسية، بحسب ما افاد ناشط في مجال حقوق الانسان في هذه المدينة.

كما تظاهر نحو 1500 شخص في بلدة جسر الشغور قرب ادلب (شمال غرب) بعد جنازة متظاهر قتل في بانياس الواقعة جنوب جسر الشغور. وقاموا بقطع الطريق الى حلب وطالبوا باطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير اشخاص مفقودين، بحسب ما افاد ناشط آخر.

السابق
الانوار :ميقاتي في مؤتمر تكوين السلطة: لا نريد أن تكون الحكومة مشكلة اضافية
التالي
الشرق: اسئلة لبنانية ملحة عن التطورات المتسارعة في سورية