الأحداث السورية وتداعياتها اللبنانية والمسيحية؟

تميزت العلاقات اللبنانة -السورية منذ الاستقلال بالمصير المشترك (كتوأم سياسي)وتداخلت شؤونهما السياسية والاقتصادية والأمنية ،وهذا ما أكده اتفاق الطائف والمعاهدات المشتركة، ، فالنظام السياسي في لبنان لا يمكن صناعته إلا بموافقة دمشق او بشراكتها ،وتجاوز التأثير السوري على لبنان ، نصف عمر الاستقلال منذ العام (1976-2005).

لقد تحول المشهد السياسي اللبناني جزءا من السياسة الخارجية لسورية وحتى الداخلية، حيث ان بقاء آلاف الجنود السوريين في لبنان لأكثر من ثلاثين عاما ،شكل فترة تدريبية لهؤلاء الجنود وضباطهم واستدرجهم الى أدبيات السلوكيات اللبنانية الحسن منها والسيئ ،وكذلك مئات الآلاف من العمال السوريين الذين يعملون في لبنان ويقيمون بشكل شبه دائم فقد "تلقحوا" أيضا بالسلوكيات اللبنانية ، واختزنوا مشاهداتهم وتجاربهم ،ثم تعرض الشعب السوري والنظام أيضا لتجربة المهجرين العراقيين قبل سقوط صدام وبعده ،والذين يفوق عددهم المليون شخص من أغنيائهم الى فقرائهم وتنوعهم المذهبي، فزادوا الشعب السوري تجربة ،ما ولد صراعا داخليا في نفوس السوريين قبل بدء الصراع مع النظام، وصاروا أمام أسئلة ورغبات وأحلام متناقضة ،يلفها الغموض والخوف ، فاما الأمن والاستقرار في سورية والتضحية بالحريات وبعض ضروريات العيش أو المستقبل المجهول كما في العراق والمستقبل القلق وغير المستقر في لبنان.
ولكن السؤال المطروح ما هي التداعيات اللبنانية لتغيير النظام في سورية؟.
في حال سقوط سورية بيد المعارضة والجماعات المدعومة أميركيا وسعوديا، فان القوى الوطنية اللبنانية ستبادر لتجاوز بعض المحاذير للامساك بالساحة اللبنانية لحماية نفسها حتى لا تتكرر حالة غزة والحصار المصري وفق معادلة تبادل الساحات،وفي حال اهتزاز الساحة الأمنية السورية فسيمتد هذا الانفلات الى الساحة اللبنانية بسبب الترابط الوثيق ، مضافا اليها العامل الفلسطيني والحركات السلفية والمخابرات متعددة الجنسيات بالاضافة الى اغلاق الحدود بحكم الواقع الأمني ما يعرض الاقتصاد والسياحة اللبنانية للخسائر.
وللتذكير فقط أيضا فان الوجود المسيحي في لبنان كان محميا بعد التدخل السوري العام1976ومنع قوات ياسر عرفات من اقتحام المناطق المسيحية، ويصان الوجود المسيحي الآن بالتفاهم السياسي وانخراط أكبر للقوى المسيحية في الجبهة الوطنية ،لكن ما يثير القلق هو الوجود المسيحي في سورية حوالى( 8-10%) من الشعب السوري ،والذي كان محميا حتى اللحظة ،وسيتعرض المسيحيون في سورية الى ما تعرض له أخوتنا المسيحيون في العراق وما يتعرض له الأقباط في مصر عبر (القاعدة)والحركات السلفية والتكفيريين تحت أعين الاحتلال الأميركي.
وان هذا الكلام ليس تخويفا أو ترهيبا من الحراك السوري بل قراءة حقيقية للوقائع الديموغرافية والأمنية بعد أحداث11أيلول2001 والغزو الأميركي للعراق وموجة الارهاب الفكري والمسلح لبعض القوى والدول، بتزاوج غريب بين المال والسلوكية العنصرية على أساس مذهبي وطائفي وقومي ،وهذا ما نشهده في البحرين من تدمير للمساجد والحسينيات أو ازالة المقابر أو في العراق ومصر من تفجير الكنائس وقتل للرهائن على أساس عقائدي منحرف.
نداؤنا لبعض المضللين والمغامرين من السياسيين أو القوى السياسية التي (تستجير بالنار بالرمضاء)والذين يسعون لتأمين مصالحهم بالتبعية للمشروع الأميركي ، ولايقاظهم من أحلامهم فلينظروا لمن سبقهم(شاه ايران – صدام – مبارك – بن علي …) فليس لأميركا حلفاء بل مصالح،وفي لعبة الكبار يخسر الصغار والتابعون ويستعملون كوقود لفتنة حروب التقسيم والتجزئة التي تهدد العالم العربي، ليتحول الى دويلات وممالك وامارات وكيانات للحكم الذاتي لا تمتلك أبسط مقومات الاستقلال أو الحياة الا بوصاية أميركية- اسرائيلية ويتحول الجميع بدون استثناء الى ضحايا ودمى.
فلينتبه الجميع معارضة وموالاة، مقاومة أو تابعين بأن الأوطان لا تقوم بالغاء الآخر، انما بالشراكة والاحترام المتبادل وحفظ حقوق الجميع ،ليبقى لبنان وسورية وكل هذا الوطن العربي المستباح ،والا ستتكرر مأساة اللاجئين الفلسطينيين في كل بلد عربي.

السابق
الحسيني يقترح رؤية تطبيقية للطائف حول تاليف الحكومة
التالي
الحريري وصل الى الكويت للتعزية بوفاة الخرافي