جنبلاط لـ”الانباء”: الحــوار مهم جداً في سوريا

أعلن رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط أن الحوار مع مختلف القوى مهم جدا في سوريا، لافتا الى ان من المعيب مقارنة النظام اليوم بالانتداب الفرنسي.
أدلى جنبلاط بموقفه الاسبوعي لجريدة "الأنباء" الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي مما جاء فيه: يمكن القول بأن المبادىء الأساسية للاصلاح في سوريا قد وُضعت بعد الخطابين اللذين القاهما الرئيس بشار الأسد أمام مجلس الشعب وأمام مجلس الوزراء، والمهم التنفيذ المنهجي والمدروس والمتتالي والسريع من دون تسرع لهذه الاصلاحات، بصرف النظر عن بعض الأصوات التي تدين التأخير، ذلك أن الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي له أهمية كبرى في حياة الاوطان والشعوب.
ولفت الى ان رفع حالة الطوارىء والغاء القانون الخاص بها، وهي مطبقة منذ سنوات طويلة، بالتوازي مع إقرار وإصدار قانون جديد للاحزاب وإتاحة المجال أمام التنافس السياسي والديمقراطي، هي من التغييرات الكبرى في بنية الحياة السياسية السورية. وهاتان الخطوتان ستتركان آثاراً بالغة الأهمية في الواقع الداخلي السوري لا سيما لناحية حرية التظاهر والتجمع والتعبير عن الرأي السياسي وغيرها من الاجراءات تحت سقف القانون والأصول المرعية الاجراء.
إن موقف الرئيس السوري بشار الأسد الأخير هو موقف مهم وجريء وشجاع، خصوصاً ما يتعلق بشهداء درعا والمناطق الأخرى، فكل الدماء التي سقطت هي دماء سورية، وهناك ضرورة للتلاحم بدل التباعد والتنافر في هذا الظرف السياسي الدقيق، وكل الذين إستشهدوا هم شهداء سوريا، ونضم صوتنا الى صوته في هذا المجال آملين لذويهم في درعا وغيرها الصبر وتخطي هذه المحنة الصعبة، ومعلقين أيضاً أهمية على لجنة التحقيق التي أعلن الرئيس الأسد عن قيامها لتحديد المسؤوليات ولتفادي تكرار أحداث كهذه مستقبلاً.
كما أن كلام الرئيس الأسد عن الحوار مع مختلف القوى السياسية مهم جداً لأن الحوار هو السبيل الوحيد لتفادي الانزلاق الى المعالجة الأمنية للملفات السياسية والوطنية. لذلك، من المهم إطلاق هذا الحوار مع أوسع الشرائح الثقافية والفكرية والقوى السياسية في الداخل وحتى في الخارج مع الحريصين الذين يريدون الاستقرار بالتوازي مع الاصلاح وهم من غير المنظرين والمتآمرين ضد مصلحة سوريا وشعبها وقيادتها الذين سيريون في خطى مشاريع الفوضى الخلاقة لضرب أمن واستقرار سوريا.
وإنني من موقع الحرص على سوريا وشعبها وإستقرارها وأمنها ودون أي تفكير بالتدخل في الشأن الداخلي السوري، أرى أنه من الضروري إعادة النظر بالهيكيلية والتركيبة الامنية الداخلية. فالعديد من الدول أعادت النظر بكل الهيكلية الأمنية والاستخبارية ووحدت الاجهزة الامنية والعسكرية لمواجهة المخاطر المتعددة، من جهة، ولتفادي التضارب في الصلاحيات، من جهة أخرى.
وهنا، لبعض القوى اللبنانية التي قد تراهن على إختلال في سوريا، نذكرهم بالمعادلة الاستراتيجية التي أُثبتت بالتجربة والبرهان من أن أمن لبنان من أمن سوريا، وأن إستقرار لبنان من إستقرار سوريا. وهذا ما أكدته معادلات الجغرافيا السياسية والتجارب التاريخيّة وإتفاق الطائف. لذلك، فإن أي مراهنة لبنانية، سياسية أو إعلامية أم أمنية، على وقوع الخلل في سوريا هي بمثابة ضرب من الجنون.
أما حول تشبيه بعض الدعوات من داخل سوريا الى التظاهر ضد النظام على أنه مماثل لعيد الجلاء، فقد يكون من المفيد التذكير بأن الجلاء كان من الاستعمار الفرنسي وأنه أدى الى استقلال سوريا بعد نضالات وطنية وقومية طويلة كانت واحدة من أبرز معالمها الثورة السورية الكبرى التي قادها عدد كبير من المناضلين الوطنيين السوريين وفي مقدمهم سلطان باشا الاطرش وإبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي وعبد الرحمن الشهبندر وسواهم ممن سطروا بطولات في مواجهة الانتداب الفرنسي.
وبالتالي، من المعيب مقارنة النظام اليوم بالانتداب الفرنسي، واذا كانت المطالبة بالاصلاح هي حق مشروع، إلا أن التاريخ لا يُشطب ويُلغى بشحطة قلم أو بدعوة تظاهر على "الفايسبوك". لذلك، قد يكون للمعارضة السورية أن تستفيد من هفوات معارضات بعض الدول العربية التي إما تستمع لتوجيهات السفير الأميركي أو حلف شمالي الأطلسي، وهنا نصيحة أخوية الى المناضلين في ليبيا واليمن بأهمية التيقظ لما قد ينجم عن التدخل الغربي والاستعماري من جديد، فالى أحفاد عمر المختار، لا بد من القول بأن الاصلاح والتغيير والحريات كلها مطلوبة، ولكن حذار من التدخل الخارجي. والأمر نفسه الى المناضلين في اليمن إذ أنه مطلوب أكثر من أي وقت مضى التمسك بالحقوق السياسية المشروعة، وفي الوقت ذاته، عدم إتاحة المجال للتدخلات الخارجية والتعاطي مع الاقتراحات المطروحة بواقعية للوصول الى أهدافه. وفي سوريا، لن يفيد المعارضة إلا التحاور مع القيادة السورية والتوصل الى بناء تفاهمات وطنية مشتركة.
وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر، للذين أيضاً يتناسون في لبنان، فإن القوى الوطنية والتقدمية والمقاومة، مع القيادة والشعب والجيش العربي السوري، واجهت مشاريع التقسيم والتفتيت، وأسقطت إتفاق السابع عشر من أيار، مما فتح الطريق الى إتفاق الطائف، وحررت الجنوب اللبناني دون قيد أو شرط ودون السقوط في إتفاقات منفردة مع العدو الاسرائيلي أثبتت أنها كانت خيارات إستراتيجية فاشلة.
نتطلع لأن تتخطى سوريا هذه الازمة التي تمر بها من خلال حكمة القيادة السورية وإدراكها بأهمية التغيير الجدي الذي بدأت فيه بالفعل وعبر وعي الشعب السوري وتحسسه بالمسؤولية الوطنية والقومية التي يستطيع من خلالها تطوير أوضاعه الداخلية، وفي الوقت ذاته، تحصين إستقرار وطنه الذي يؤدي دوراً عربياً وإقليمياً مهماً في المنطقة بأكملها.
أخيراً، أستنكر أشد الاستنكار قتل الناشط الايطالي فيتوريو أريجوني بطريقة وحشية وهمجية وهي بمثابة وصمة عار لا يمكن السكوت عنها لا سيما أنه كان ناشطاً في في دعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية اليومية على الفلسطينيين في غزة والمناطق المحتلة الأخرى.

السابق
فارس: الاولوية لمعالجة موضوع سجن رومية
التالي
السعودي عرض مع تاناسي توأمة بلدية صيدا مع بلدية رومانية