الإيزوتيريك في النبطية: شو في؟

علم الإيزوتيريك

الإيزوتيريك. مصطلح جديد دخل بعض المحاضرات في مدينة النبطية. تساؤلات عنه وحضور بارز يظهّر نهما لتفسير الخوارق الطبيعية، بعدما عرّفه المختصون فيه بأنه “علم باطن الأنسان”. فما هو الإيزوتيريك؟ لماذا اتسعت رقعته المحلية وخصوصا في المناطق؟ وما الكامن في اندفاعة الناس إلى حضور محاضراته وشراء كتبه؟
ينتشر طلاب “الإيزوتيريك” في معظم مناطق لبنان، ويقدمون محاضرات أسبوعية، فيما يكتفي مؤسس هذا العلم جوزيف مجدلاني بكتابة الأحرف الأولى من إسمه (ج ب م) على مؤلفاته الخمسين.
يشرح المحامي زياد شهاب الدين (طالب ومحاضر إيزوتيريك) بعد سؤال توجه به أحد الحضور في إحدى المحاضرات بمدينة النبطية، تاريخ الإيزوتيريك، راويا انتشار “هذه العلوم الباطنية في البداية من الشرق الأقصى، بعدها إلى سائر أقطاب العالم، بطرق مخفية نظرا للظروف السياسية”. ويضيف: “أما في الشرق الأوسط فقد انتشر عبر العلوم الدينية الإلهية، وفي الشرق الأدنى عبر علم الفراسة و توارد الأفكار، وفي اليونان عبر علم الأعداد والهندسة والفلسفة، وفي مصر القديمة من خلال سرّ الخلود وسر البناء، لكن الحقيقة أن كل هذه العلوم هي وجوه مقنعة لعلم الإيزوتيريك، أو علوم النخبة”، كما سمّاها.
لكن تبرز العديد من علامات التعجب حول هدف “الإيزوتيرك”، العلم الذي يخبرنا أن “عمر الأرض محدد، كذلك عمر الإنسان عليها… بعد ذلك تنتهي مهمة الأرض، فتفنى… وينتقل الإنسان الذي رفض الوعي إلى أرض جديدة  يتلقى فيها علوماً مكثفة في معرفة الذات”.
يرتكز الإيزوتيريك على “التطبيق العملي لمجمل العلوم والمعارف والمبادىء التي تسيّر بالإنسان نحو التطور الذاتي وفق ثلاثة مبادىء أساسية: محبة، وعي وتطبيق. ويعمل متلقي العلم في منهاج ذاتي يغدو الطالب معه هو نفسه المختبِر والمختبَر في آن معا، فيختبر بنفسه ما يتعلمه، ويطبقه في حياته اليومية بأسلوب معيشي”.
يؤكد المهندس شربل معوض، الذي يحضر بعض محاضرات “الإيزوتيريك”، أنّه اختبر العديد مما جاء في الكتب، ومما سمعه في المحضرات، خصوصا حول الحاسة السادسة، والقدرة على التخاطر، وتوارد ألأفكار، وغيرها مما يسميه الناس مقدرات خارقة: ” تأكدت عبر التجربة  الشخصية من أنه ما من خوارق، إذا فهمنا تقنية الأمور وكيفية حدوثها”.
من جهتها تبدي السيدة رولا هاشم (من بلدة كفرجوز) إعجابها بهذه العلوم: “بتُّ أدرك كيفية التعامل مع أولادي وأسلوب حل المشاكل، عبر فهم أساسها وأسبابها، وأحرص على أن يقرأ أولادي مؤلفات الإيزوتيريك التي وسعت مداركهم كثيرا، وخصوصا في حقل الدراسة”.
المحامي شهاب الدين يدّعم محاضراته ببعض الأقوال الدينية والسور القرآنية، مثنيا على رأي عالم الدين السيد حسين محمد من بلدة العديسة، الذي يقول، بعد اطلاعه على معظم كتب هذا العلم، أنها “علوم نافعة للبشر، تقدم إليهم طرقا واضحة لتنمية مقدراتهم الفكرية، وتفتيح ذكائهم”، مؤكدا “عدم تعارضه مع الأديان، أو تدخله في المعتقدات أو المذاهب”. هذا ويشير الأستاذ غالب عوالي، وهو مدرس ثانوي إلى  أن انتشار هذا العلم في معظم المناطق اللبنانية ما هو إلا تعبير عن رغبة جدية للمعرفة الحقيقة”. أما الدكتور حسن حريري، وهو طبيب أسنان، فيرجح القيمة التي أعطاها الإيزوتيرك للعقل: “يذكرنا بالمعتزلة الذين ناقشوا مختلف الأمور بطريقة عقلية، هذا ما نراه اليوم مع الإيزوتيريك الذي لم يترك مسألة إلا ويغوص فيها تحليلا وتمييزا وإستنتاجا”.
هكذا يبدو العلم مقنعا لنخب متعلمة، خلافا للتقليعات والموض التي تدرج وتستفيد من لاجهل وقلّة دراية الجاهلين بأمور الدين والدنيا، فترى الشيخ المقتنع والأطباء والمهندسين والنخبة المثقفة، منهم المدرّسة باسمة فهد علم: “هو علم المستقبل لأنه لا يقف عند حدود الزمان أو المكان أو الأعمار”، هي التي تعرّفت إليه من خلال مكتبة المدرسة حيث تدرّس: “ساعدني كثيرا في طريقة تواصلي مع التلاميذ والمجتمع”.
وتشبه المهندسة المعمارية هيفاء العرب، من بلدة أنصارية، الأفكار والتصرفات السلبية “بالدهون التي تتراكم في الأوعية الدموية والشرايين فتتسبب بانسدادات تولـّد امراضاً مستعصية، إذا ما غضّ المرء النظر عن تصحيحها، وعلى هذا الأساس قدّمت مؤلـّفات الايزوتيريك تقنيات عملية تساعد المرء على إزالة الصفات السلبية من النفس البشرية وإحلال الإيجابيات مكانها”.
هكذا يختصر طلاب الإيزوتيريك الكلام عن مستقبل علمهم بأنه “سوف يشمل كل علم وجد على سطح الأرض. وهذا الواقع ليس بعيد التحقيق، الى ان يصبح الايزوتيريك العلم الوحيد الذي يدرّس في مناهج المعاهد والجامعات… ليس لأنه علم الانسان فحسب، بل لأنه علم الكون من خلال الانسان”.
لكنّ الداخل بين قشور العلم هذا وروائحه التي تبدو جميلة تعلق في رأسه أسئلة كثيرة تحتاج إلى الكثير من البحث: هل فعلا هو علم؟ هل يمكن لهذه الموجة أن تجرّ الناس وراءها؟ وأين يقف علماء النفس والإجتماع والفلسفة والدين من نظرية هذا العلم التي مفادها أنه العلم الوحيد الشامل؟ ومن يعطي لهذه المؤلفات المصداقية في كل ما تقدمه إلى القارىء في وقت تغوص فيه إلى ما قبل ولادة وحياة الانسان والأرض؟
وسؤال أخير: من يستفيد من نشر هذا العلم جنوبا؟ وأين القوى الحزبية من الرأي فيه؟ وما علاقتها بمسوّقيه؟
الأطراف الحزبيون في المنطقة قالوا إنهم لا يعرفون عنه شيئا، حتى تاريخ نشر هذا التحقيق. ربما يتعمّقون أكثر في الآتي من الأيام.

السابق
“تيار المستقبل” نفى اي علاقة له بمخالفات البناء في الجنوب وحذر من مخطط لتشويه صورته
التالي
مأدبة عشاء السنيورة وجنبلاط جاءت تتمة لاتصال أجراه الأخير قبل أسابيع بالأول