مذهب أوباما..

هل يتكشف أمامنا الآن مذهب جديد ينتهجه أوباما في مجال سياسته الخارجية؟!.
الرئيس الأمريكي ومساعدوه يقللون من شأن الفكرة، على الأقل إذا ما كانت تعني النظر إلى التدخل العسكري في ليبيا على أنه نموذج يصلح لجميع الحالات.. فمن المهم ألا نأخذ الموقف الحالي بالتحديد، ثم نحاول طرح نوع معين من المذهب، ونطلق عليه اسم «مذهب أوباما»، وبعد ذلك نعمد لتطبيقه على كافة المواقف، بالسهولة نفسها التي نمرر بها السكين لقطع الحلوى الطرية، ويجب أن نعرف أن كل دولة في منطقة الشرق الأوسط تختلف عن الأخرى.

لكن أوباما مضى ليرسم خطوطاً لما يشبه «مذهباً في طور التشكل»، فبنظره ليبيا تمثل «وضعاً فريداً»، كما أنها مزيج من الظروف التي قلما تتكرر، فالمذهب يكمن في الالتزام الأكبر الذي توصل إليه أوباما بعد مرور ثلاثة أشهر على انطلاق أحداث العالم العربي، وفحواها أن الولايات المتحدة سوف تقف في صف الديمقراطيين، وتستخدم جميع الأدوات لمساعدتهم على تحقيق النصر!!.
ولم يتم بعد تحديد ما يعنيه ذلك عملياً، ففي هذا الأسبوع، تحدث أوباما عن ليبيا ، وهي بلد يشهد صراعاً، قفزت الإدارة إليه، دون أن تشرح للجمهور أسبابها في ذلك.

وفي الأسابيع القادمة، يتوقع أن تكون أحاديث أوباما أكثر تكراراً، وأوسع نطاقاً، حيث ستمتد لتشمل الشرق الأوسط برمته، كما تشمل الحديث عن الآمال التي يمكن لموجة «الثورة العربية» أن تنقلها إلى الجوار الإقليمي.

وقد جاءت الأحداث الأخيرة لتمثل فرصة لأوباما بعد عامين لم يقدم فيهما سوى دعم متواضع لحركات الإصلاح الديمقراطي، بيد أن السؤال الأهم هنا هو: متى يجب على الولايات المتحدة التدخل في الدول الأخرى؟.
ففي كتابه «جسارة الأمل»، الصادر عام 2006، طرح أوباما صيغة مبكرة للسؤال الذي تتداوله الولايات المتحدة هذه الأيام.
في ذلك الكتاب، اشتكى أوباما من أن الولايات المتحدة «مازالت تفتقر إلى سياسة وطنية متماسكة»، وأنها بدلاً من أن تكون لديها مبادئ هادفة، لا تمتلك في الواقع سوى سلسلة من القرارات العشوائية المشكوك في نتائجها والتي لا تستطيع الإجابة عن أسئلة كثيرة.. لماذا تغزو العراق، وليس كوريا الديمقراطية، أو بورما؟ ولماذا تتدخل في البوسنة ولا تتدخل في دارفور؟.

وما توصل إليه أوباما في كتابه، ويتردد صداه في أفعاله الراهنة، سوف يكون من مصلحة الولايات المتحدة الاستراتيجية أن يكون العمل دائماً على نحو تعددي وليس على نحو انفرادي، عندما نفكر في استخدام القوة في أي منطقة من العالم.

في تلك الأيام، وحتى في هذا الأسبوع، عمل أوباما على توضيح موقفه بدقة، ولجأ إلى مقارنة ذلك الموقف بموقف سلفه بوش الابن، الذي قاد الولايات المتحدة إلى الحرب في أفغانستان والعراق.

من المعروف أن أوباما دعم حرب أفغانستان، وليس العراق على عكس بوش الذي دعم الاثنتين، ومع ذلك فقد اتفقا بشأن موضوع واحد، ففي تعهد التزم به عام 2005، وأسماه البعض آنئذ «مذهب بوش»، أعلن الرئيس السابق للولايات المتحدة أن واشنطن تقف بالجانب نفسه الذي يقف فيه ناشطو الديمقراطية في كل مكان، وهذا ما التزم به أوباما مؤخراً، حيث استخدم مقداراً من القوة العسكرية في بلد ذي أهمية استراتيجية ثانوية، أكثر من ذلك الذي استخدمه بوش.

وما يركز عليه أوباما وهيئة أركانه في الوقت الراهن لكسب الحرب في ليبيا إلى درجة لا يتوافر لهم معها الوقت للتركيز على الجوانب الخاصة بأي مذهب، فهم يعرفون أنه إذا ما تمت الإطاحة بالنظام الليبي خلال أسابيع، فسوف يبدون أذكياء أما إذا تمكن النظام الليبي من البقاء، فسوف يتهمون بأنهم كانوا على خطأ!.

ومع ذلك، ينظر الرئيس ومساعدوه إلى «الثورات العربية» على أنها أهم حدث منذ مجيء أوباما للبيت الأبيض، حدث يعادل في أهميته انتهاء الحرب الباردة عام 1998، وهم يشتغلون حالياً على سياسة للمساعدة في خروج «الثورات العربية» بشكل جيد، عبر برنامج مساعدة دولية، يأملون أن يتم تمويله جزئياً من جانب الدول العربية الغنية، لمساعدة مصر وتونس وغيرهما من الديمقراطيات الجديدة على النجاح.
وهم لن يطلقوا على ذلك اسم «المذهب»، لكنه سيبدو كذلك، ومن الآن فصاعداً، كما يقولون، سوف تكون هذه هي النقطة المركزية فيما يجب تسميته «مذهب أوباما».
(ترجمة ياسر الخير- البعث السورية)

السابق
نعم، لا بد من حل سياسي!
التالي
مستشفى حاصبيا ينذر العاملين