السياسة والنفايات: الأزمة تتعقد جنوباً

اجتمع أهالي كفررمان، أمس، في لقاء موسّع في قاعة البلدية، واتخذوا قراراً برمي نفايات البلدة المتكدّسة في الشوارع في تلة الطهرة، متجاهلين القرار القضائي. وفي صور، الجميع ينتظر بلدية رأس العين لحل الأزمة

خالف أهالي بلدة كفررمان في النبطية قرار المدعية العامة في النبطية، القاضية غادة أبو كروم، الذي قضى بمنع بلدية كفررمان من رمي نفايات البلدة في المكب المؤقت «في تلة الطهرة»، والذي استند إلى أن المشاع الذي تستخدمه البلدية هو ملك جمهوري، ولا يجوز للبلدية رمي النفايات فيه. قرار القاضية أبو كروم واجهه الأهالي باحتجاج في الشارع، وخصوصاً بعدما امتلأت الطرقات بالنفايات المتراكمة على مدى أسبوع كامل، لتوقف «شركة الجنوب للمقاولات» المكلفة أمر جمع النفايات عن مهمتها، ما سبب روائح وجراثيم، فضلاً عن أكوام النفايات.

«إكرام الميت دفنه»، بهذه العبارة خاطب الشيخ غالب ضاهر، أمس، الأهالي المحتشدين في النادي الحسيني، وقال: «إذا كانت البلدية عاجزة أمام القانون، فنحن الأهالي نريد دفن هذا الميت الذي سبب خنقنا وخنق أطفالنا وأولادنا»، وأضاف: «لا يجوز أن نترك النفايات تتكدس في طرقاتنا، ننتظر الحل المعجزة الذي قد يطول، ولا نحرّك ساكناً. لذا، كان لا بد من تلك الخطوة الجريئة، التي تخلصنا من النفايات مؤقتاً، حتى ينزل الوحي على اتحاد بلديات الشقيف ويجد الحل النهائي لهذه المعضلة».

وكان الأهالي قد تداعوا إلى لقاء موسع في قاعة البلدية ضم مندوبين عن الأحزاب والقوى والأندية والجمعيات الأهلية، واتخذوا قراراً بالإجماع، يقضي برمي نفايات البلدة المتكدسة في الشوارع في تلة الطهرة.

وفور وصول القرار إلى الجهات الرسمية، وصلت معه دورية لقوى الأمن الداخلي إلى البلدة تحمل قرار القاضية أبو كروم، بمنع بلدية كفررمان من رمي نفايات البلدة في المكب المؤقت. عندها، سبب الحضور الأمني استياءً عارماً لدى الأهالي، الذين تداعوا إلى النادي الحسيني تلبية لدعوة إمام البلدة الشيخ غالب ضاهر، ومن هناك جرت اتصالات مع مراجع سياسية ونيابية. وأوحى الحراك الشعبي أن هناك قراراً بتجاوز القرار القضائي، والبدء بتجميع النفايات من الشوارع ورميها في تلة الطهرة. وعلى الفور باشرت آليات من البلدية بمواكبة لجنة من الأهالي تنفيذ المهمة ونقل النفايات إلى الجبل المشرف على البلدة من ناحيتها الشرقية.

وانبثقت من الأهالي لجنة مهمتها إجراء المعاملات القانونية لتحويل المشاع الجمهوري إلى بلدي خلال أسبوع، فيما واصلت الشاحنات رمي النفايات في المشاع الجمهوري. وتطمر الجرافات هذه النفايات وترش مادة الكلس، بانتظار جلاء أزمة النفايات التي تعانيها مختلف قرى اتحاد بلديات الشقيف بعد توقف الشركة المعنية بسبب رفض بلديات المنطقة أن يكون المكب المستخدم من الشركة في نطاقها العقاري. إلى ذلك، هناك أحاديث في مركز الاتحاد عن أن الشركة قد تتوصل إلى حل مع بلدية زوطر الشرقية، يقضي بتأجير قطعة أرض للشركة، بانتظار انتهاء العمل بمعمل فرز النفايات الذي ينفذه الاتحاد في بلدة الكفور بتمويل من الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، تنفست مدينة صور ليومين اثنين بعد رفع النفايات المنزلية المتكدسة في مستوعباتها وفي الشوارع، ونقلها إلى عقار خاص مؤقتاً. لكن الاتفاق الذي أنجز بين بلدية صور وأحد الأشخاص الذي سمح لهم برمي النفايات في عقاره، لم يدم أكثر من أيام قليلة، بعدما رفض تجديده. وهكذا، عادت النفايات لتتكدس في المدينة السياحية.

وإذا كانت المدينة لا تملك مكاناً للتخلص من نفاياتها، وجدت كل من بلدات القضاء مستوعبها الخاص إما في مشاعاتها أو في حرق النفايات للتخلص منها. وليل أمس، شهدت صور حريقاً في أحد أكوام النفايات، بعث بالروائح الكريهة والدخان في سماء المنطقة، هذا إلى جانب عشرات المحارق التي انتشرت في المنطقة.

تعقد أزمة النفايات أعاد الأنظار إلى مكب رأس العين لإعادة تشغيله ريثما يشغل معمل عين بعال لفرز النفايات. وفيما كانت بلدية دير قانون رأس العين قد رفضت مراراً العودة عن قرارها بإقفال المكب وسط إصرار عدد من أعضائها على التعنت في الرفض، تلوح في الأفق محاولات ليستقبل المكب نفايات مدينة صور على الأقل. ويقول متابعون إن حل العقدة الجزئي والمؤقت هو في يد بلدية رأس العين. يسأل هؤلاء عن إمكان صمود البلدية التي تمارس صلاحياتها ومسؤوليتها إزاء المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية في مواجهة الضغوط السياسية التي تفرض عليها.

السابق
مطار أبيدجان: تشييع أبو عيد وشكاوى بالجملة
التالي
الفضلات تغدو سماداً في صربا