ثمن استراق الرأي

انحصر النقاش العام في سؤال هل طلب بنيامين نتنياهو تمويلا مضاعفا للسفر وهل حصل عليه. وجدت القناة العاشرة في تحقيق رفيف دروكر أن ذلك قد كان. وزعم نتنياهو بواسطة محاميه أن لا، بل قدّم هذا الاسبوع دعوى إساءة سمعة. لكن النقاش العام أهمل شيئا ما لا يقل عن ذلك أهمية: من اجل ماذا سافر نتنياهو الى حيث سافر؟.

أجاب عن هذا السؤال نحمان فيديسلفسكي الذي يتولى رئاسة رابطة الصداقة الامريكية لـ "التراث اليهودي". فقد كتب في رسالة الى دافيد شومرون، محامي نتنياهو، أن المنظمة جندت تبرعات من اجل انشاء المشفى في أسدود وأن "رئيس الحكومة اليوم، السيد بنيامين نتنياهو، سافر الى نيويورك لمنظمتنا في شهر ايلول 2006". بعد ذلك يُبين الكاتب انه لم توجد وصولات حساب مضاعفة. يمكن أن نفهم أن نتنياهو يؤيد انشاء هذا المشفى.

ما هي المشكلة في التبرع من اجل مشفى. دار في تلك الايام جدل هل ينبغي انشاء مشفى آخر، واذا كان نعم فهل يكون في أسدود. كان كبار المدينة وعدد من اعضاء الكنيست الذين يسكنون هناك مؤيدين، بل إن اعضاء الكنيست اولئك نجحوا في سن قانون الانشاء. وكان مديرو مشافي وكثيرون آخرون معارضين.
وقف على رأس المعارضين واحد هو بنيامين نتنياهو (الذي سندعوه فيما يلي نتنياهو أ). في سنة 2003 وبعد أن عُين وزيرا للمالية اقترح فورا على الحكومة ان تلغي بتشريع انشاء المشفى.

وبيّن نتنياهو أ ايضا لماذا لا توجد حاجة الى هذا المشفى. قال أولا انه في محيط 30 كم عن أسدود يوجد مشفيان، في رحوفوت وعسقلان، وأن "أسدود لا تقع في منطقة تعوزها أسرّة علاج أو توجد فيها مشكلات جاهزية".
وقال نتنياهو أ ايضا انه "في حال نقص أسرّة في المنطقة في المستقبل فان الحل هو توسيع مشفيي كابلان وبارزيلاي".
وقال نتنياهو أ ايضا إن "هذا المشفى لن يمكنه أن يزود بخدمات بنفس مستوى المهارة والخبرة والنوعية الطبية".
وقال نتنياهو أ ايضا إن "انشاء المشفى سيفضي الى زيادة ايام العلاج التي ستفضي الى عبء ميزاني".
وقال نتنياهو أ ايضا: "بيّن المستشارون المختصون ان صاحب المشروع الخاص في تقديرهم سيطلب دعما بنحو من 450 مليون شاقل لانشاء المشفى".

كان نتنياهو أ مقنعا جدا ووافقت الحكومة على اقتراحه.
اذا قبلنا كلام رئيس الحكومة على أنه لا يوجد كشف حساب مضاعف يتبين كما يبدو أنه لا توجد سرقة مال، لكن توجد هنا سرقة رأي وبصورة كبيرة. فكيف حدث أن كان نتنياهو أ متشددا في معارضة انشاء مشفى في أسدود وكيف غيّر رأيه؟ ألم يفعل ذلك من اجل قبضة (آلاف) الدولارات للسفر؟ كيف يُغير سياسي رأيه من غير أن يُبين لماذا حدث ذلك؟.
كيف انتهى ضجيج المشفى؟ وباختصار: من الذي انتصر، أنتنياهو أ أم نتنياهو ب؟.

استقال نتنياهو أ من الحكومة كما تذكرون في صيف 2005. واستمرت الحكومات التي جاءت بعد ذلك ايضا على معارضتها انشاء المشفى في أسدود، لكن من غير نجاح تشريعي. وآنذاك في آذار 2009 عُين نتنياهو رئيس حكومة ووزير صحة ووزيرا اقتصاديا أعلى. اندفع نتنياهو ب، وفي آب 2009 أصدرت الحكومة مناقصة ثانية لانشاء المشفى في أسدود. وفي هذه المرة، وبخلاف مناقصة السنة الماضية، عُرض على الفائز دعم بمقدار 130 مليون شيكل.

انتهى الامر هذا الاسبوع. بلغ المناقصة النهائية مرشح وحيد والدعم الذي نجح في الحصول عليه من حكومة نتنياهو كبر حتى أصبح 487 مليون شيكل، سوى إفضالات من البلدية قيمتها 100 مليون شيكل، وحق في بيع 25 في المائة من انتاجه الطبي لمرضى خاصين مقابل دفع.
ينبغي أن أعترف أن نتنياهو أ بصفته مخمنا اقتصاديا قد نجح نجاحا جيدا. فقد قامر على أن تكلف هذه اللذة دافع الضرائب 450 مليون شيكل وانتهى الامر الى 487 مليونا خصصها نتنياهو ب. واذا أخذنا في الاعتبار انه قد انقضى منذ ذلك الحين ثماني سنين فان هذا تخمين غير سيء على العموم. وفيما يتعلق بثمن استراق الرأي فان 8.237 دولارا مقابل تغيير الرأي، ثمن ضئيل جدا.

السابق
يستخف بالعدو
التالي
سفيرة سويسرا تجول على مشاريع وكالة التنمية السويسرية في صور