سجال الحريري ـ حزب الله في نطاق الصراع الخليجي ـ الإيراني

لايزال موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري تجاه ايران والتي حملها تبعات سلبية لتدخلاتها في المنطقة العربية وحكما لبنان، محور اهتمام الأوساط السياسية التي تعددت قراءاتها لهذا الموقف وأبعاده.

1 – مصادر الأكثرية الجديدة (حزب الله) لم يكن في حسابها ان «يطور» الحريري من شعارات معركته ضدها الى حد «الانخراط» في فتح مواجهة مع ايران، بما ينطوي عليه هذا القرار في رأيها من فتح أبواب الصراع الداخلي على مساحات أوسع وأكثر صعوبة وتعقيدا، وأهداف خطيرة. وشددت المصادر في قراءتها على النقاط التالية:

٭ يصعد الحريري عبر هجومه المفاجئ على ايران من شعاراته وعناوينه الصراعية بعدما أدى عنوان الهجمة على السلاح غايته ووصلت الى أقصى حدودها، ولم تعد شعارا جذابا أو مادة مثيرة للاهتمام.

٭ شرع الحريري في معركته «الجديدة» فور عودته مباشرة من جولة قام بها وشملت قطر وتركيا وقبلها السعودية.

وتاليا فالواضح انه يحاول ان يوحي الى من يعنيه الأمر في الداخل والخارج انه قرر ان يكون في مقدم معركة ذات بعد إقليمي تتصل ولا شك بتداعيات الصراع الشرس المفتوح في منطقة الخليج.

٭ ثمة رابط بين «الانعطافة» الجديدة للحريري والتي فيها تخل عن كثير من شعاراته في المرحلة الماضية وفي مقدمها شعار «لبنان أولا» وتحييده عن لعبة صراع المحاور، والرهان الضمني على مستجدات ووقائع جديدة يمكن ان تنجم عن الأحداث السورية، لاسيما ان في النظام السوري من لا يكتم حديثا عن «أدوار» ما تأتي من الساحة اللبنانية تساهم في تعاظم حركات الاعتراض والاحتجاج الحاصلة هناك.

٭ تخطى الحريري دوره كرئيس حكومة تصريف أعمال، وهو أراد ان يؤكد لمن يعنيه الأمر انه يريد ان يعبئ الفراغ الحاصل وانه مستعد للإفادة من عجز الآخرين عن تأليف الحكومة بدليل انه اتخذ مواقف غير مجمع عليها داخليا.

٭ نجح الحريري في ان يؤكد انه ما برح «لولب» اللعبة في الداخل وان تغييبه عن سدة الحكم ليس بلا تكاليف باهظة. إلا ان عودته الى السلطة أو تغيير المعادلات التي ارتسمت أخيرا أمر شبه مستحيل.

2- مصادر في 14 آذار مطلعة على خلفيات موقف الحريري ضد السياسة الايرانية، أوضحت ان هذا الموقف أتى من منطلق استراتيجي يعكس نظرته تجاه دور ايران وتأثيرها السلبي المباشر على الواقع اللبناني.

وشددت على التالي:

٭ الحريري لم يدخل طرفا في تصاعد المواجهة بين ايران والدول الخليجية على خلفية ما حصل في البحرين تجنبا لإقحام البلد في صراع اقليمي، الى ان أدلى السيد حسن نصرالله بموقف تسبب في التحضير لاجراءات ضد اللبنانيين من دول خليجية، وينذر بتأثير ذلك على الاقتصاد اللبناني ومجيء السياح والمصطافين والمستثمرين العرب الى لبنان، ولأنه لا يجوز ان يترك لحزب الله ان يحدد سياسة لبنان الخارجية عبر التدخل في شؤون الخليج وغيره.

٭ كلام الحريري هو صيغة واخراج الى العلن ما هو معروف ومتداول في الدرجة الأولى، فضلا عن ان الخصومة التي أعلنت ضده تسمح له باستخدام كل العناصر التي تبيحها اللعبة السياسية.

٭ موقف الحريري ترجمة لانتقاله الى صف المعارضة على قاعدة ان ما بعد اسقاط الحكومة وما تبعها ليس أسوة بما قبلها من ظرف يتطلب مهادنة وسعيا لاستيعاب المواقف وإيجاد حل لدور السلاح الذي قراره ليس داخليا.

٭ موقف الحريري لم يكن افتعالا بل مجرد رد فعل على المحاولات الجارية لإقحام لبنان في المحور الايراني.

وتلك المحاولات لم تكن خافية عن زيارة الرئيس أحمدي نجاد لبيروت في تشرين الثاني الماضي عندما دعا الى استعمال لبنان قاعدة متقدمة لإيران على غرار قواعدها التي تسعى الى نشرها في المنطقة، مما يعرض مصالح لبنان للخطر.

3 – مصادر مراقبة محايدة رأت ان المشهد السياسي الداخلي بدا (بعد موقف الحريري ورد نصرالله) يخطو خطوات متقدمة نحو الانخراط الفعلي في سياسة المحاور الذي تجسد القوى اللبنانية مكوناتها الأساسية، ليخرج لبنان عمليا من سياسة الحياد التي تحصن بها في الحد الأدنى حيال تطورات المنطقة مهددا بأخطار التحول الى ساحة صراع، مع ما تحمله مثل هذه الأخطار من تهديد للاستقرار السياسي والأمني الهش الذي لايزال يتمتع به، خصوصا ان هذا التطور الداخلي حصل في ظل تطورين اقليميين مقلقين: التوجس الايراني من التداعيات السياسية لأحداث البحرين وما رتبته من موقف موحد لدول مجلس التعاون الخليجي، والارتباك السوري الداخلي في ظل انفلات الأوضاع من القبضة الأمنية والعجز عن ضبطها مقابل ضغوط دولية، مما يجعل الوضع اللبناني مفتوحا على كل الاحتمالات في ظل انكشاف أمني واضح وغياب سلطة تنفيذية قادرة على اتخاذ القرار.

السابق
الاعلامية التونسية كوثر البشراوي في بنت جبيل
التالي
جمعية دعم قانون مقاطعة إسرائيل تستنكر..