الراي: حرب الـ 1975 تطلّ ذكرى على لبنان الغارق في «حرب باردة»

… اليوم تحلّ على لبنان الذكرى 36 لاندلاع حرب الـ 15 عاماً التي ركبت «بوسطة عين الرمانة» في 13 ابريل 1975 وفجّرت «قلوباً مليانة» سرعان ما ارتدَت «المرقّط» وارتدّت على «سلامٍ ملغوم» شكّل العامل الفلسطيني «صاعق تفجيره».
… اليوم ذكرى 13 ابريل، التاريخ المشؤوم الذي دخل التاريخ والذي يعود كل سنة «كي تنذكر (الحرب) وما تنعاد». يخرج من روزنامة الماضي و«دفاتره السود» ويطلّ على لبنانَ يحمل بعض ملامح «طبعة الـ 1975» مع 3 فروقات اساسية، هي: أفول العامل الفلسطيني، وغياب الانشطار الطائفي المسيحي ـ الاسلامي، و«العسْكرة» الجزئية للوضع اللبناني من خلال وجود السلاح في يد فئة دون الآخرين.

اما المكوّنات المشتركة لـ «وصْفة الانفجار» فلا تزال، وإن من منطلقات مختلفة، تتمحور حول عناوين النظام السياسي وحصة الطوائف و«المذاهب» فيه، والسلاح خارج الشرعية وتموْضع لبنان في الصراع العربي ـ الاسرائيلي كما في لعبة المحاور التي تستعر من حوله.

… اليوم تطفئ الحرب «شمعتها» الـ 36 رغم ان «وفاتها» أُعلنت فعلياً في اكتوبر 1990 حين بات الطريق معبّداً امام انطلاق «جمهورية الطائف» التي كان تم «اغتيالها»، بما هي مرآة لتوازن دقيق، محلي – عربي ـ اقليمي ـ دولي، يوم تفجير «رئيس الطائف» رينيه معوّض في 22 نوفمبر 1989، اي بعد شهر على إبرام وثيقة الوفاق الوطني في الطائف السعودية والتي اقرت اصلاحات دستورية وأرست «خريطة طريق» تتعلق بالوجود العسكري السوري في لبنان وآلية إنهائه.
ثلاثة عقود ونيّف، و«البلد الصغير»، يلاطم «الأعاصير» التي اتخذت بين 1975 و1990 شكل الحرب الأهلية التي تَشابك فيها ملف احتلال الجنوب واجتياحيْ 1978 و1982 الاسرائيلييْن وما أفرزاه من ظهور مقاومة ومن شرخ داخلي «تعمّد بالدم» في محطات عدة.

أما اليوم، وتحت عنوان «السلاح غير الشرعي» (لـ «حزب الله» كما يوصَف) والمحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفي غمرة انكشاف «الكباش» السني ـ الشيعي، يبدو لبنان في قبضة «حرب باردة» بين معسكريْ 8 و14 آذار ومن خلفهما المحاور المتصارعة على طول خط الأزمات المتفجرة في المنطقة وعرضها، وكأنه يسير فوق «حبل مشدود»، اذا انقطع سقط البلد، القابع في «فم التنين»، في «نار» تغلي تحت… الرماد.
ولعلّ هذا الواقع هو الذي جعل ذكرى 13 ابريل تطلّ برأسها هذه السنة، كما في العام الماضي، تحت عنوان «السلام بيننا أو على لبنان السلام»، مع برنامج «احتفالي» تتخلله محطات عدة لـ «العبرة» اليوم، أبرزها:
* توجيه جمعية «فرح العطاء» بالاشتراك مع تجمع «وحدتنا خلاصنا» رسالة «من جيل الحرب الأهلية الى شباب اليوم، الهدف منها إطلاق دعوة اللبنانيين كافة الى التفاعل مع مضمونها والمساهمة في نشرها، ومشاركة التجمع في الآراء والمقترحات انطلاقا من ان تحصين السلم الأهلي مسؤوليتنا جميعا».

علماً انه سيتم توزيع الرسالة، التي تعرض التجربة الأليمة والمآسي التي عاشها اللبنانيون خلال الحرب وتدعو إلى تضافر الجهود للحؤول دون تكرارها، على مواقع التواصل الاجتماعي كما ستوزع نسخ مطبوعة مباشرة باليد مع ورود في 30 نقطة اشتهرت في حرب الـ 15 عاماً من دون إغفال عملية التوزيع «من الجو» وتحديدا فوق الجامعات في بيروت الكبرى.

* صدور الصحف اليوم، بمانشيت موحّد على الصفحة الأولى بالعنوان التالي: «36 سنة على 13 نيسان: السلام بيننا أو على لبنان السلام»، على ان يتبع ذلك بعد الظهر حلقة تلفزيونية من على درج المتحف الوطني في بيروت تبدأ عند الرابعة والنصف من بعد الظهر وتستمر حتى السادسة وتتضمن عدة محاور حوارية تبث على جميع القنوات لتتكلل بدعاء مشترك مع 16 رجل دين من الطوائف اللبنانية كافة.
* تلاوة الرسالة من جيل الحرب الأهلية الى شباب اليوم يلي ذلك «نص المصالحة والمصارحة» الذي يبدأ بـ «أنا اللبناني، أعتذر منك أنت أخي اللبناني مهما كان انتماؤك الديني أو الحزبي أو السياسي أو الفكري أو الاجتماعي وذلك لعدم قبولي باختلافك عني (…)».

وعشية هذه الذكرى، اعلن الرئيس ميشال سليمان ان «من المنطقي أن يشكل تاريخ 13 ابريل عبرة لدى المسؤولين والمواطنين على السواء، لعدم تكرارها»، متداركاً لصحيفة «النهار» التي صدرت امس، بحلّة جديدة في الشكل والمضمون، «لكن للأسف ما زال القلق والخوف يسودان الواقع اللبناني لأننا منذ ذلك الحين لم نستطع أن نقيم دولة بالمفهوم العصري تحمي نفسها، وتسهر على مصالح أبنائها. فالخطوات التي تحققت في هذا المجال ضئيلة جداً، ورغم أن هذه الذكرى التي كانت الشرارة التي أطلقت الحرب الأهلية، فهي انتهت إلى إقرار وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، من دون ان نتمكن حتى الآن من استكمال تطبيق هذه الوثيقة والدستور المنبثق منها، بل على العكس، تعمدنا تشويه المفاهيم الدستورية وحولناها وسيلة للمحاصصة».

السابق
زينب حَبيبة أهل البيت
التالي
غسان الرحباني: النشيد الوطني مسروق وعلينا اعتماد غيره