الارهاب يُضر بالفلسطينيين

يدل قتل الممثل جوليانو مير في جنين على ماهية الأعداء الرئيسين للارهاب والاصولية. في مسرح "الحرية" في مخيم اللاجئين في المدينة مثّل ودرس نشطاء سابقون من منظمات ارهابية، قرروا أن يدعوا النضال العنيف وراءهم واتجهوا الى الحوار مع تحدي استعمال العنف.

اذا نحّينا السحر الرومانسي الاصولي لما يُسمى "حركة التحرير الوطني"، ندرك ان استعمال العنف والارهاب موجه قبل كل شيء لا الى "الكيان الصهيوني" كما يزعم قادة في المنطقة، بل الى الشعوب الخاضعة لهم. وهكذا فان حماس في الأصل منظمة ارهابية عدوها الرئيس داخلي ألا وهو الشعب الفلسطيني. وفي ايران ايضا لن يُخرب نظام آيات الله اسرائيل و"الشيطان الغربي" – بل سيُخرب الشعب الايراني قبل الجميع. وكذلك ايضا يدع حزب الله لبنان في وضع صراع دائم ويجعل كل امكان لانهاء الصراع مع سوريا عقيما.

إن السوط الذي تُمسك به المنظمات الارهابية موجه قبل كل شيء الى الداخل، الى المجتمع الذي تحارب باسمه وتريد تخليصه وتحريره. إن قذائف الرجم وقذائف الكاتيوشا لن تُسقط اسرائيل، وهذا يعلمه حكام الارهاب. إن الحرب الاصولية تنشيء حرب استنزاف بين اسرائيل والمنظمات الارهابية في حين أن السكان من الجهتين يدفعون الثمن. عندما يعلن قادة حماس قائلين: "سنقضي على اسرائيل" يكون هذا شعار تجنيد موجها لاحتياجات داخلية فلسطينية لا سياسة خارجية عملية. وأكثر من ذلك ان الاصولية والارهاب يُحيدان المعارضة الداخلية لنظام الحكم (وهي المعنية خاصة بحل الصراع) ويُقويان العناصر المتطرفة في الطرف الثاني.
تستطيع حماس أو الحكم الايراني المرعب السيطرة فقط بواسطة الحراب والعنف. قال شقيق خاتمي، رئيس ايران السابق، انه "من اجل الحفاظ على الوحدة الداخلية في الدولة فانهم (حزب احمدي نجاد) محتاجون الى عدو خارجي". علاوة على الاستنزاف الدائم الذي تفرضه حماس على جنوب البلاد، فان الفلسطينيين هم أول من يعانون من نظام الارهاب. ليس هذا تصورا يساريا بل تصورا واقعيا. وكذلك من السذاجة ايضا اعتقاد ان الفلسطينيين يستطيعون التمرد على حماس ببساطة. فهؤلاء مسلحون بسلاح ايراني، والمواطنون بتذاكر مسرح كما رأينا.

لا شك في ان الفلسطينيين غير محررين تماما من دعاية الارهاب التي تعمل عليهم، لكن ترك أبو مازن لطريق الارهاب وجه الضفة بيقين الى اماكن أكثر تقدما.
تعلم حماس واحمدي نجاد ان أيام حكمهما معدودة بغير الارهاب. يفضل الجمهور الانترنت والمسرح والكهرباء على قذائف الرجم والمسلحين المقنعي الوجوه. وليس عبثا أن تعلو اصوات (يجري تحييدها في الداخل) في غزة من اجل التخلي عن طريق الارهاب.

إن هدف الارهاب الذي هو مداومة على حرب استنزاف باعتبارها سياسة داخلية معروف للفلسطينيين (أو الايرانيين) على جلودهم. فهم يعلمون ان حماس عدوهم قبل الجميع. وفي الغرب خاصة، عندنا، هناك من يتجاهلون هذا في اليمين وفي اليسار ويجعلون الارهاب سياسة مناسبة، والاصولية حركات تحرير. ويتبجح هذا التصور بعلامات التنور والتفكير المتقدم لكنه تفكير عنصري ظلامي في واقع الامر يقف في أساسه إغماض العيون وطرح المسؤولية.

السابق
تراجع نتنياهو الى لا شيء
التالي
القواس: لتمثيل “البعث حكوميا” حصرا بكتلة نوابه