إدارة النفايات تبدأ بكنس الفساد

في وقت يواجه لبنان فيه أسوأ أزمة نفايات في أقضية صور وصيدا والنبطية، وفي ظل حكومة تصريف أعمال صرفت النظر قبل استقالتها بأشهر، عن البدء بتنفيذ خطة وطنية لإدارة النفايات المنزلية الصلبة، استضافت بيروت أمس المؤتمر الإقليمي عن إدارة النفايات الصلبة في فندق «سفير»، بدعوة من الشبكة الإقليمية لتبادل المعلومات والخبرات في مجال إدارة النفايات في دول المشرق والمغرب (سويب نت). تمول هذه الشبكة الحكومة الألمانية من خلال وكالة التعاون الألمانية للتنمية، وتستضيفها الحكومة التونسية عبر الوكالة الوطنية للتصرف بالنفايات.
تجارب عربية كثيرة عُرضت في أعمال اليوم الأول، وخصوصاً التجربة التونسية على مستوى إدارة النفايات الصلبة، تبين الكلفة المالية المرتفعة للتخلص من النفايات في لبنان (١٢٨ دولاراً كلفة الطن الواحد) مقارنةً بتونس (٣٦ دولاراً كلفة الطن الواحد).

خيارات كثيرة طُرحت لتحسين واقع هذا القطاع في لبنان، بدءاً بإصدار قانون إدارة النفايات المنزلية، وتباعاً إصدار سياسة وطنية واستراتيجية قابلتين للتطبيق، والتركيز على مبدأ استرداد التكاليف.

المدقّق في واقع هذا القطاع في لبنان، وفي الإدارة المالية والإدارية يسارع إلى الخروج باستنتاج بديهي من هذا المؤتمر، إذا كان لا بد من نقل التجربة التونسية إلى لبنان، فالأفضل البدء بكنس الفساد، كما فعلت ثورة البوعزيزي في تونس، واستتباعاً فتح تحقيق مالي وإداري بشأن أسباب فشل الخطط التي أشرف على تنفيذها مجلس الإنماء والإعمار ووزارات البيئة والداخلية والبلديات والتنمية الإدارية، وصولاً إلى فتح تحقيق في أسباب عدم تقديم حوافز إلى البلديات التي استقبلت مطامر على أرضها، وأسباب عدم إنشاء معمل للطاقة من غاز الميثان المنبعث من مطمر الناعمة، وتفويت فرصة إدخاله في آليات الصندوق الأخضر الذي أقرّته الأمم المتحدة في كانكون أواخر العام الماضي، وصولاً إلى فتح تحقيق في الأكلاف المرتفعة للتخلص من مكب النورماندي، وفضائح مكب صيدا ومعمل نفاياتها المتعثر.

وزير البيئة محمد رحال، الذي شارك في افتتاح المؤتمر، ألقى كلمة عرض فيها الخطة التي رُفعت إلى مجلس الوزراء، والتي تتضمن اعتماد التفكك الحراري وتحويل النفايات إلى طاقة في المدن الكبرى، وإشراك القطاع الخاص في إدارة النفايات الصلبة. ومن المعلوم أن هذه الخطة بقيت حبراً على ورق، ولم تخضع للنقاش الجدي داخل مجلس الوزراء، لانشغاله المتعمد في التجديد لعقود مجموعة افيردا (سوكلين وسوكومي وأخواتهما، وتقابلها خطة طرحتها الجمعيات الأهلية، قائمة على اللامركزية، وعلى اعتماد مبدأ صفر نفايات كبديل من المحارق ذات الكلفة المرتفعة المضافة إلى الأكلاف الحالية، التي طرح الوزير رحال تغطيتها عبر انتزاع ضريبة مباشرة جديدة من جيوب المكلفين اللبنانيين.

وتحدث في المؤتمر الأمين العام لشبكة «سويب نت» أنيس إسماعيل، ثم عُقدت جلسات ناقشت السياسات المالية واسترداد الكلفة في برامج إدارة النفايات والمبادرات الوطنية على هذا الصعيد. تمتد أعمال المؤتمر ثلاثة أيام، وتنتهي بجولة ميدانية على معمل فرز النفايات في العمروسية، ومطمر الناعمة ـــــ عين درافيل، الذي يستضيف ما يزيد على ٦٥ في المئة من نفايات لبنان منذ عام ١٩٩٧ دون حسيب أو رقيب.

السابق
السعودية : أوامر بـ”تهميش” الشيعة في المؤسسات العسكرية والأمن
التالي
حمدان عرض وعيتاني المستجدات الراهنة