حزب الله سيخرج خاسراً من معركة تشكيل الحكومة

في اعتقاد قيادات من قوى 14 آذار أنه أيا تكن النتيجة التي ستنتهي اليها عملية تشكيل الحكومة، التي كلف بها الرئيس نجيب ميقاتي، فإن حزب الله وحلفاءه المحليين والإقليميين سيخرجون خاسرين سياسيا من المسار الذي لم يتمكنوا من توجيهه على النحو الذي تمنوه، عندما بادروا الى اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري باستقالة أحد عشر وزيرا من وزرائها الثلاثين.

وبمعزل عن تشكيل الحكومة لناحية حجمها وتركيبتها وهندسة التوزيع العددي لحصص المشاركين فيها، ولنوعية الحقائب التي سيتولونها، فإن المسألة المحورية تبقى في مشروعها السياسي المعبر عنه في البيان الوزاري.
وبحسب وجهة نظر المعارضة الجديدة فإن الظروف والتطورات الإقليمية التي شهدها ولايزال بعض الدول العربية المؤثرة في الواقع اللبناني، لاسيما سورية، سترخي بظلالها ليس فقط على عملية التشكيل في حد ذاتها، بحيث تأتي- إذا تمت- أقل مما كان يطمح اليه حزب الله اتقاء لمزيد من النقمة السنية في لبنان، وتلافيا بالتالي ارتفاع حدة النقمة السنية على النظام في سورية من جهة، وللنقمة العربية على دمشق نتيجة لسياساتها التي تؤمن الغطاء للاستراتيجية الإيرانية الهادفة الى وضع اليد على المنطقة، من خلال التدخل في الشؤون الداخلية لدولها وتركيبة الحكم فيها من جهة ثانية، وإنما كذلك على السياسة التي ستعتمدها هذه الحكومة في التعاطي مع ملفات شائكة عدة شكلت الذريعة التي استند اليها حزب الله وحلفاؤه لإسقاط حكومة الحريري وفي مقدمها الخيارات الإقليمية للدولة اللبنانية وموضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

ويرى المراقبون أن التحالف السوري الإيراني، الذي اسقط حكومة الحريري، لم يعد كما كان عليه عشية قرار الإسقاط، وعلى الرغم من أن العلاقات بين طهران ودمشق لاتزال وطيدة ولم تصل الى حدود فك الارتباط، فإن الظروف الداخلية السورية باتت تدفع بالقيادة السورية الى رسم هامش أوسع من المناورة في التعاطي مع إيران ومصالحها في لبنان، خصوصا في ظل موقف دول مجلس التعاون الخليجي التي باتت تتحدث صراحة عن اطماع إيرانية في العالم العربي، وعن استهداف ايران للمصالح الحيوية والاستراتيجية لأكثر من دولة عربية.

من هنا فإن دمشق– بمعزل عن المواقف الإعلامية المعلنة- لن تكون في وارد الضغط في لبنان، من أجل تشكيل حكومة تعتمد سياسة حزب الله وإيران ليس من أجل مصلحة قوى 14 آذار وإنما تلافيا لمزيد من الضغوط العربية والدولية عليها، في ظرف سوري داخلي دقيق يحتاج النظام خلاله الى التخفيف من عداواته وخصوماته الخارجية للانصراف الى معالجة مشاكله الداخلية.
فسورية التي تقترب من فتح ملفاتها الجنائية أسوة بمصر وليبيا وتونس واليمن وغيرها امام محكمة الجزاء الدولية في لاهاي، على خلفية عشرات القتلى الذين سقطوا برصاص القوى العسكرية والأمنية للنظام، لن يكون باستطاعتها مجاراة حزب الله في سعيه الى الغاء المحكمة الخاصة بلبنان.

وحزب الله الذي يخوض معركة إسقاط المحكمة الخاصة بلبنان التي تمسك بملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، لاتهامه لها بالسعي الى الاقتصاص منه، على خلفية مقاومته لإسرائيل سيكون أمام استحقاق درس كل خطوة يمكن أن يقدم عليها داخليا بتأن، لئلا يجد نفسه في مواجهة مع محكمة دولية جديدة هي محكمة الجزاء الدولية بتهم على علاقة بجرائم ضد الإنسانية في حال وصلت الأمور الى حد مواجهة أمنية وعسكرية مكشوفة مع خصومه السياسيين الداخليين الذين نجحوا في احتواء الضربة السياسية الأولى للحزب المتمثلة في إسقاط حكومة الحريري وإبعاد قوى 14 آذار عن الحكم، وانتقلوا الى مرحلة استعادة زمام المبادرة السياسية وتثبيت حضورهم الشعبي الذي لا يستهان به.

السابق
باسيل: مخطئ من يعتقد ان اهتزازات المنطقة ستجعلنا نقبل بحكومة كيفما كان
التالي
الراي: أزمة تشكيل الحكومة في لبنان بارومتر لقياس الحال الإقليمية