التطوّرات السورية تفرض تعديلات لبنانية شاملة

شكلت الاحتجاجات التي تفاعلت في سوريا في الايام الاخيرة على امتداد مناطقها ومدنها صدمة للمسؤولين اللبنانيين الذين تخوفوا من الخطر الذي بات يتسم به الوضع في الدولة المجاورة ولو لم ينبس اي منهم ببنت شفة حول الموضوع. اذ ان يوم الجمعة الماضي في سوريا كان موضع مراقبة من لبنان ومن سائر دول العالم المهتمة على وقع بعض الخطوات الاصلاحية التي بدأ الرئيس السوري بشار الاسد باتخاذها مستعينا باشادات، نقلتها مطلع الاسبوع المنصرم الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" لمسؤولين أتراك وروس على نحو كان يرمي الى استباق التظاهرات يوم الجمعة من منطلق ان الرئيس السوري بدأ خطة اصلاحات وتاليا لا داعي الى التصعيد ومواصلة الاحتجاجات. وقد تجاهلت هذه الوكالة دعوة وجهها الاتحاد الاوروبي مثلا من اجل وضع اصلاحات جدية فورية موضع التطبيق.

وتزيد هذه التطورات السورية الوضع في لبنان والمسؤولين اللبنانيين ارباكا على الارباك الذي يشعرون به في ظل عجز غير مبرر عن المضي في تأليف حكومة اللون السياسي الواحد وفي ظل تخوف من تصاعد لموجة الاحتجاجات السورية وتأثيرها على لبنان ولو ان هذا الحديث لا يتردد صراحة. لكن الدلائل عليه تبدو على الاقل من المتابعة القلقة للتطورات السورية والحذر في ابداء الرأي ازاء ما يجب على الرئيس السوري القيام به وخصوصا ان المسؤولين اللبنانيين دون سواهم بين كل مسؤولي المنطقة والعالم وجدوا مضمونا في الخطاب الاخير للرئيس السوري في رده على المطالب الاصلاحية لم يجده احد سواهم، على رغم عدم وجود اي دفع اقليمي من اي نوع من اجل التشجيع على اسقاط نظام الاسد وكذلك بالنسبة الى عدم وجود اي دفع دولي ايضا. اضافة الى القلق الذي كان قائما ولا يزال من تداعيات التطورات في مصر وفي البحرين في حين ان سوريا هي الاقرب جغرافيا وسياسيا والاكثر تأثيرا على لبنان. والسؤال الاقرب الى التداول يتصل بامكان ولادة الحكومة المقبلة في ظل ما تشهده سوريا، واكثر من اي وقت مضى هل ان المجال متاح لحكومة لحلفاء سوريا فقط واحتمال تأثرها بعد حين في حال ولدت بالاحداث في سوريا؟

تلقي مصادر في الاكثرية الجديدة تبعة بعض التأخير في ولادة الحكومة على رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي وانتظاره على ما يبدو التطورات في المنطقة من مصر الى البحرين وتخشى ان يأخذ في الاعتبار ايضا التطورات في سوريا ايضا في عملية الانتظار هذه. لكنها تقول ان الخيارات ضيقة من حيث وجوب تأليف هذه الحكومة، ايا يكن ما ستصبح عليه في النهاية الى درجة اعتبار ان ليس على الرئيس سعد الحريري ان يبذل اي جهد فعلي من اجل معارضة هذه الحكومة لا عبر تصعيد الخطاب ضد سلاح "حزب الله" ولا ضد ادائها لانها تتضمن حتى الان بذور تعثرها وتضعضعها اذ يكفي التناحر القائم بين افرقائها ليشكل دليلا على عدم القدرة لديها على ادارة البلد في ظل خطوط حمر كثيرة يصعب عليها تخطيها سياسيا واقتصاديا على الصعيدين الاقليمي والخارجي. وحين قال الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ان الرئيس ميقاتي سيؤلف الحكومة فانما فعل ذلك لان الخيارات غدت ضيقة اكثر بحيث ان تلويح بعض حلفاء سوريا والحزب ومن بينهم رئيس "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون بضرورة اعتذار ميقاتي او الانسحاب هو من قبيل الترف السياسي الذي لا قبل لا لسوريا ولا للحزب على تحمله حتى لو كان ذلك في معرض المزايدات المطلبية والابتراز السياسي. اذ انه مع أخذ التطورات السورية في الاعتبار فانه ما لم يستمر العمل على تأليف هذه الحكومة فان البديل هو بقاء الوضع الراهن على حاله في ظل غياب اي مرجعية مقررة في الدولة.

في اي حال يعتقد كثر ايضا ان التطورات السورية وتفاعلاتها قد تفرض تعديلا في روزنامة كل الافرقاء في لبنان بمن فيهم قوى 14 آذار وشعاراتها حول رفضها سلاح "حزب الله" وجعله موضوع الساعة لان الامور قد تنزلق في حال تفاقمت هذه التطورات كما حدث في بعض الدول العربية الى وضع مختلف له تأثيره على لبنان كما على بعض دول المنطقة. الامر الذي يعني ان على الجميع اعادة حساباتهم.

السابق
لماذا استعجل نصر الله إطلالته؟
التالي
النهار: ستعقد اجتماعات مفصلية في الساعات الـ24 المقبلة متعلقة بالتأليف