أوباما وأجندة نتنياهو !

واهم الرئيس الاميركي باراك اوباما اذا كان يفكر ان في امكانه إقناع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بقبول خطة للتسوية مع الفلسطينيين، من باب ما يجري من تغييرات واصلاحات في العالم العربي بعدما اخفق في ذلك من باب تجميد موقت للاستيطان ودعم عسكري غير محدود لاسرائيل في مواجهة ايران التي تعتبرها الدولة العبرية "الخطر الاستراتيجي" عليها في الوقت الحاضر.
واذا كان اوباما ينظر الى موجة التغييرات والاصلاحات في العالم العربي دافعاً "ملحاً" للتوصل الى تسوية في الشرق الاوسط، فإن نتنياهو يجد فيها فرصة للتخلص نهائياً من عبء البحث عن تسوية والانصراف الى ترتيب الوضع الاسرائيلي على هذا الاساس ملقياً تبعة الجمود على الجانب الفلسطيني بعدما نجح في ايجاد مناخ لا يمكن معه للسلطة الفلسطينية ان تذهب الى طاولة المفاوضات.
وكل الهم الاسرائيلي يتجلى الان في الضغط على الولايات المتحدة كي تمنع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها المقبلة في ايلول من الاعتراف بدولة فلسطينية بحدود عام 1967، باعتبار ان واشنطن لن تسمح بتمرير قرار بهذا المعنى في مجلس الامن بسبب الفيتو الاميركي الذي منع قبل اشهر قراراً يندد بالاستيطان.

وينصب جهد نتنياهو الآن على إجهاض اي قرار للجنة الرباعية في اجتماعها المقبل بعد ايام في المانيا، ينص ايضاً على ضرورة انشاء دولة فلسطينية بحدود 1967. كما ان الحكومة الاسرائيلية تبذل جهوداً جبارة كي تمنع الاتحاد الاوروبي من تبني قرار في هذا الاتجاه، خصوصاً بعد تلويح فرنسا والمانيا وبريطانيا بامكان العمل على اقناع بقية الاعضاء في الاتحاد الاوروبي بأن الوقت قد حان لاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية بحدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية مع تعديلات طفيفة على الحدود من خلال اتفاق على تبادل للاراضي.

وأتى تراجع القاضي ريتشارد غولدستون عن تقريره بمثابة هدية لنتنياهو الذي يبحث عن ورقة رابحة في جهوده للاستمرار في عدم الالتزام بأي تسوية مع الفلسطينيين. فاسرائيل تشعر اليوم بعد مقال غولدستون في صحيفة "الواشنطن بوست" بأن ضغطاً معنوياً هائلاً قد زال عن كاهلها وتالياً في امكانها البناء على حملتها من اجل اعادة ترميم صورتها التي تضررت بشدة في العالم بعد صدور التقرير الذي يتهمها بارتكاب جرائم حرب في غزة وما تلا ذلك من اجراءات كانت تعتبرها اسرائيل قيداً على آلتها العسكرية في أي حرب مقبلة.

واليوم يشعر نتنياهو بانه تحرر من قيود غولدستون وتالياً يستعد لمعركته المقبلة باسقاط الحلم الفلسطيني نحو الحصول على اعتراف دولي بدولة ضمن حدود 1967 لانه يعتبر ان مجرد اتخاذ الاتحاد الاوروربي والجمعية العمومية قراراً في هذا الشأن سيعني ان هناك طعناً بشرعية اسرائيل على رغم ان لا القرار الاوروبي ولا القرار الاممي ملزمان للدولة العبرية وفي امكانها الاستمرار في فرض احتلالها للاراضي الفلسطينية بالقوة مؤيدة بدعم اميركي اعمى.
والآن بعدما اعلن اوباما رسمياً ترشحه لولاية رئاسية ثانية، فإن فرص إغضاب اسرائيل باتت معدومة. واذا كان العامان الاولان من ولاية الرئيس الاميركي قد شهدا توتراً في العلاقات بسبب الرفض الاسرائيلي تجميد الاستيطان وتالياً إجهاض الجهود الاميركية لمعاودة المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية، فإن السنتين المقبلتين من ولاية اوباما ستكونان مكرستين لنيل رضا نتنياهو كي لا يرتد ذلك على الحملة الانتخابية للديموقراطيين لا سيما ان الولايات المتحدة لا تزال تئن تحت وطاة الازمة الاقتصادية.

والخوف كل الخوف هو ان يذهب اوباما بعيداً في تنفيذ مطالب نتنياهو الى حدود المغامرة بتوجيه ضربة عسكرية لايران لوقف نشاطها النووي. وفي هذه الحال سيكون قرار اوباما أسوأ من قرار جورج بوش الابن بغزو العراق وما نتج من ذلك ولا يزال.

السابق
ربيع الجيوش بدل ربيع الشعوب، ودمشق بينهما
التالي
“المستقبل” وسوريا