السفير: قــوات واتـارا تـفـشـل في إسـقـاط غـبـاغـبـو

مع تحصن الرئيس العاجي المنتهية ولايته لوران غباغبو، في مقره المحصن في منطقة السفارات الأجنبية في أبيدجان، اتخذت معركة إسقاطه طابعا عسكريا دمويا، لن ينتهي إلا باستسلامه الذي سيكون مكلفا للطرفين، فيما مضى حوالى عشرة أيام على آلاف العائلات اللبنانية في المدينة، وهي محاصرة وقابعة في الزوايا في انتظار الفرج المؤجل، بينما تواصل العصابات المسلحة أعمال السرقة والنهب بصورة عشوائية، بالتزامن مع نقص كبير في المواد الغذائية وحليب الأطفال وانقطاع التيار الكهربائي نهائيا عن بعض الأحياء، وتعذر شراء مياه الشرب والاستخدام في معظم الأحياء، فضلا عن أزمة اتصالات، بدت جلية من خلال صعوبة التواصل داخليا كما مع الخارج ولبنان.
وأبلغت مصادر في الجالية اللبنانية «السفير» أنه تم أمس تسجيل فقدان أحد اللبنانيين ويدعى رائد برجي، في العقد الستيني (من قضاء صور)، حيث فقد ذووه الاتصال به، من دون أن تفيدهم المستشفيات بوجود
ضحايا يحملون مواصفاته، فيما لم يسجل وقوع أية إصابات جديدة في صفوف أبناء الجالية اللبنانية.
وقال السفير اللبناني في أبيدجان علي عجمي في اتصال مع «السفير» إن «هناك حوالى 30 عائلة محاصرة في أحد المعامل، حيث تطالب العصابات التي تحاصرهم بفدية، قيمتها 60 ألف دولار أميركي»، مضيفا أن قوات الأمم المتحدة «وعدتنا بالمساعدة اليوم».

وقال أحد أركان الجالية مهدي حمدان في اتصال مع «السفير» إن هناك أكثر من 500 عائلة لبنانية محاصرة في منطقة الكوكودي قرب محطة التلفزيون النيجيري وأوضاعها سيئة للغاية، مناشدا المسؤولين السعي لدى بعض دول القرار المؤثرة على طرفي الصراع تنفيذ هدنة محدودة لإجلاء اللبنانيين سريعا إلى مطار أبيدجان.

وقالت أوساط وزير الخارجية علي الشامي لـ«السفير» إن الاستنفار الدبلوماسي والرسمي اللبناني بدأ يعطي ثماره، مع وصول طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط، صباح أمس، أقلت على متنها 137 لبنانيا آتين من ساحل العاج عن طريق أكرا، وهم من الذين أجلاهم الفرنسيون بالبر من أبيدجان إلى توغو ثم أكرا. وأشارت إلى أن طائرة ثانية ستصل بعيد السابعة والنصف من صباح اليوم وعلى متنها 172 راكبا، على أن تقل في طريق عودتها إلى أكرا ولومي، الوفد الدبلوماسي اللبناني المكلف متابعة عملية إجلاء من يريد من اللبنانيين العالقين في أبيدجان، سواء لناحية مساعدتهم في الأوراق أو في متابعة وضع من بقي منهم عالقا في أتون المعارك. وكثفت وزارة الخارجية والمغتربين أمس اتصالاتها مع الفرنسيين، سواء عبر السفير الفرنسي في بيروت دوني بييتون أو عبر سفير لبنان في باريس بطرس عساكر، من أجل أن يتولى الجيش الفرنسي حماية ما تبقى من ممتلكات الجالية اللبنانية. كما جرت اتصالات للغاية نفسها مع الأمم المتحدة.
وقال مصدر في وزارة الخارجية لـ«السفير» إن طائرات عسكرية أميركية نقلت أمس مئات المدنيين الأجانب من أبيدجان إلى أكرا، وبينهم عدد غير محدد من اللبنانيين، وحصل الأمر ذاته مع ثلاث طائرات فرنسية نقلت لبنانيين إلى لومي وكوتونو وداكار. وكشف المصدر نفسه ليلا، أن 24 لبنانيا وصلوا ليل أمس إلى بوركينا فاسو عبر البر قادمين من أبيدجان، وان حوالى الخمسين لبنانيا انطلقوا ليل أمس من أبيدجان في الاتجاه ذاته في رحلة تستغرق برا حوالى العشر ساعات (التفاصيل ص 4).
ميدانيا، تراجع مقاتلو الرئيس المعترف به دوليا الحسن واتارا بعد بضع ساعات من هجومهم على مقر غباغبو لإخراجه من حصنه.
وقال شاهد «هناك توقف في المعارك» بين مقاتلي غباغبو الأشداء والقوات الموالية لواتارا بعد «عدة ساعات من إطلاق نار كثيف بالأسلحة الثقيلة». وأضاف «أن القوات الجمهورية (الموالية لواتارا) وصلت إلى حدود 150 مترا من بوابة (مقر غباغبو) لكنها لم تدخل». وأضاف أنها اضطرت إلى «الانسحاب».

وقال مصدر حكومي فرنسي «إن الهجوم الذي شنته قوات واتارا اصطدم بمقاومة قوية جدا من آخر مربع للقوات الموالية لغباغبو». وأضاف «لا تزال هناك مدافع هاون ودبابات في حرم الرئاسة، وتم تعليق الهجوم لبضع ساعات كما يبدو».
وصدرت أوامر للقوات الموالية لواتارا بعدم قتل غباغبو. وقال المتحدث باسم واتارا، باتريك أتشي «أعطى الحسن واتارا تعليمات رسمية بالإبقاء على غباغبو حياً لأننا نريد أن يمثل أمام العدالة». وقال الجيش الفرنسي إن قواته لا تشارك في الهجوم خلافا لهجوم سابق الاثنين الماضي، عندما شنت مروحيات فرنسية وأخرى تابعة للأمم المتحدة هجمات على مواقع تابعة لقوات غباغبو.
وقال الفريد كواسي، الذي يعيش قرب مقر إقامة غباغبو في كوكودي، إن «القتال محتدم هنا. الانفجارات شديدة جدا. المبنى الذي أقيم فيه يهتز».
وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن القتال اندلع بعد فشل المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة وباريس بهدف تأمين رحيل غباغبو. وأوضح أن «المفاوضات التي دارت لساعات أمس (الأول) فشلت بسبب عناد غباغبو»، موضحا انه «لا مستقبل» لغباغبو ومن «العبث» بالنسبة له أن يتشبث بالسلطة.

وفيما أعلن المتحدث باسم عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام نيك بيرنباك أن غباغبو يواصل التفاوض على استسلامه مع مندوبين أجانب، نفى غباغبو استعداده للاستسلام. وقال، لراديو فرنسا الدولي، «لسنا في مرحلة التفاوض. ومن أين أرحل وإلى أين أذهب». وأضاف «لست انتحاريا. أحب الحياة. صوتي ليس صوت شهيد.. كلا. كلا. كلا. لا أصبو للموت. الموت ليس هدفي». وتابع «حتى يعود السلام لساحل العاج يجب أن يكون هناك حديث بيني وبين واتارا.. نحن الاثنين».
من جهة ثانية، أعلن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو، في بيان، انه يريد فتح تحقيق حول «مجازر ارتكبت بطريقة منهجية أو معممة» في ساحل العاج.

السابق
عجمي: اللبنانيون تحت الخطر
التالي
بلدية حاصبيا باشرت توزيع الأدوية الزراعية