هل اوباما يؤيد المبادرة الاوروبية

غير قليل رفعوا حواجبهم عجبا حين قرأوا النبأ عن لقاء الرئيس بيرس مع الرئيس الامريكي براك اوباما – إذ ليس من مهمة رئيس الدولة أن يعنى بالمفاوضات السياسية، كما قالوا لانفسهم. ولكن في الحالة التي أمامنا فان الحواجب يمكنها أن تعود الى الهبوط، وذلك لان الزيارة هي بالتشاور مع رئيس الوزراء وبمباركته.

اوروبا، أو لمزيد من الدقة الدول الرائدة الثلاثة فيها، بريطانيا، فرنسا والمانيا، توشك على أن ترفع في الاسابيع القريبة القادمة خطة من جانبها لحل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني والدفع الى الامام باقامة دولة فلسطينية تقوم على أساس خطوط 67. معنى هذه الخطوة هو منح جائزة للسلطة الفلسطينية على رفضها العنيد والمتواصل اجراء مفاوضات حقيقية مع حكومة اسرائيل.
"الحلم الرطب" للفلسطينيين منذ الازل كان ان يعرض هذا المحفل الدولي او ذاك تسوية تسمح لهم بالتملص من المفاوضات مع اسرائيل ومن الحاجة الى الوصول الى حلول وسط. في عهد ياسر عرفات اضيف الى هذا الميل الارهاب والعنف، وفي عهد ابو مازن وفياض فان السبيل المفضل هو الدبلوماسي، ولكن الهدف مشابه. فحسب الصيغة الفلسطينية الاوروبيون سيطرحون خطتهم في موعد ما بين شهر نيسان – وايلول، عند انعقاد الجمعية العمومية، اما الفلسطينيون فيطرحون صيغتهم "المحسنة" التي تتضمن اعترافا فوريا بدولة فلسطينية في حدود 67 وعاصمتها القدس، لتصويت الاغلبية المضمونة لهم في الجمعية العمومية للامم المتحدة. قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة غير ملزم، كما هو معروف، ولكن مجرد الوضع الناشيء، والذي تؤيد فيه الاغلبية الساحقة من امم العالم خطوة معينة – فانه يصبح حقيقة.

موقف الولايات المتحدة من المبادرة الاوروبية ليس واضحا في هذه المرحلة. هناك شائعات تقول ان واشنطن تقف خلفها وفي احدى الصحف كتب حتى أنها تنسق المواقف في هذا السياق مع رئيس وزراء بريطانيا، كمرون. نحن لا نعرف اذا كانت هذه الشائعات مسنودة أم لا، ولكن يمكن التخمين بان بين مستشاري الرئيس اوباما من يفضلون ان يوجه غضب اسرائيل من خطوة من هذا القبيل تجاه الاوروبيين – وليس تجاه ادارة اوباما.

في لقائه مع الرئيس الامريكي قد يكون الرئيس بيرس قد تعرف على نوايا الولايات المتحدة، ولكن مهمته لا تتلخص في ذلك بل اساسا في مساعي اقناع محاوره بان المسار الفلسطيني – الاوروبي المخطط له ليس فقط غير مقبول على اسرائيل، بل وان كل نتيجة لا تقوم على اساس المفاوضات والاتفاقات هي مدخل للعنف، وعلى أي حال لن تصمد.

"هات لنا مبادرة سياسية"، يهتفون من مقاعد المعارضة وكتب في الصحف بعض من التحليلات وكأن الحديث يدور عن "مستنقع كولمبوس" وليس عن مسألة مستقبل وأمن اسرائيل بالذات متعلقين بها. فالحكومة السابقة أدارت مفاوضات افتراضية مع ابو مازن وابو علاء – ولم تصل الى أي مكان رغم اقتراحاتها السوبر سخية.

"مبادرة" من النوع اياه لن تكون الان، ولكن الاقتراحات والافكار البناءة ستكون. ينبغي الامل في أن تكون جوانبها العملية والمنفعية، خلافا لـ "المؤامرة" الدبلوماسية المخطط لها من جانب الاوروبيين والفلسطينيين، ترجح الكفة من ناحية اوباما. واشنطن هي عضو كبير في الرباعية الدولية، مع روسيا، الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي. لمواقفها وزن كبير، وان شاءت، يمكنها أن تحبط الطبخة المسمومة.
(سما الاخبارية)

السابق
الندم الاسرائيلي
التالي
قاطع عشرات الطلبة في جامعة «برتديس» في ولاية بوسطن الأمريكية