من أعلن الحرب على مستشفيات الجنوب؟

(خاصّ الموقع)
خلاف بين أصحاب القرار داخل المستشفى الحكومي في حاصبيا وضع آلاف المواطنين في خطر مطبّق بسبب عدم وجود كادر طبي يعالج المصابين ويداوي المرضى ويغيث الطارئة أحوالهم. إذ يعتصم تسعون موظفاً في المستشفى لمطالبة القيّمين والجهات المسؤولة بالتدخل لحلّ الخلاف الحاصل بين مدير المستشفى ورئيس مجلس الإدارة لتحصيل حقوقهم وقبض رواتبهم المستحقة، التي لم يحصلوا عليها منذ تسعة أشهر.
مدير المستشفى الدكتور حسام خير الدين أكدّ لـ"janoubia" أنّ "الإضراب سببه عدم دفع رواتب الموظفين نتيجة تأخر وصول الإعتمادات من قبل وزارة المالية". أما عن الأسباب التي أدّت إلى ذلك فقد حمّل خير الدين المسؤولية إلى رئيس مجلس الإدارة الدكتور كمال النابلسي قائلا إنّه "مهمل ولا يمتلك الأهلية". وتابع مستدلا على ما قاله بأنّه "صدر عن التفتيش المركزي تقريران، الأول في حزيران من العام الماضي، والثاني منذ أسبوع، نصّا على منع الدكتور النابلسي من إدارة مستشفى حاصبيا أو أي مستشفى آخر في لبنان بسبب إهماله الإداري والمالي، لكن حتى الآن لم يحصل أي تغيير بانتظار الحكومة الجديدة"، وأضاف مؤكداً أن "المصاري موجودة لكنّ التأخير في الإرسال".
في الجهة المقابلة حمّل الدكتور النابلسي وزارة المالية المسؤولية، قائلا في حديث لجريدة "السفير" إنّ "جزءا من المسؤولية يتحمّله مدير المستشفى"، مشيراً إلى أنّ "مجلس الإدارة رفع منذ أربعة أشهر كتاباً إلى التفيش المركزي يتضمن سردا بمخالفات مدير المستشفى، الأمر الذي يؤكد عدم أهليته لشغل هذه الوظيفة".
تصريحان متناقضان يحملان أبعاد عديدة وخطيرة للقضية، لكنّ الضحية هم "مئات المواطنين القاطنين في حاصبيا والبلدات المجاورة لها وموظفي المستشفى الذين يعانون ويعملون منذ 9 أشهر بلا مقابل".
أحد الموظفين الإداريين، وهو رفيع الشأن في المستشفى، أكدّ أن "هذا الوضع لا تعاني منه أي مستشفى حكومية أخرى لا سيما تلك القريبة منا كمستشفى مرجعيون ومستشفى راشيا، حيث يتلقى الموظفون رواتبهم بشكل منتظم".
وقال الموظف، في اتصال مع "janoubia" أنّ الأسباب التي أدّت إلى هذه الأزمة " هي "خلاف في الإدارة بين مدير المستشفى ورئيس مجلس الإدارة، إضافة إلى عدم وجود دعم سياسي ومالي لمنطقة حاصبيا ومشفاها"، وأكمل واصفا حالة الموظفين "الذين يعيشون بين مطرقتين، إما البقاء في الوظيفة والجوع، وإما ترك الوظيفة"، وختم: "يعيش الموظفون بالإستدانة من محطة الوقود والمحلات المتواجدة في القرية".
هؤلاء الموظفون اجتمعوا اليوم، من أقسام التمريض والمحاسبة والتنظيفات وغيرها، وأكدوا على استمرارهم بالمطالبة بحقهم، ورفعوا أصواتهم بأنّهم لن يعودا إلى العمل "قبل أن تدفع رواتبنا الفائتة كاملة، وبعد أن تنتظم رواتبنا بشكل منتظم إسوة بكل الموظفين في المؤسسات العامة".
ويصرّ الموظفون على استكمال المطالبة يحقوقهم: "لن نستسلم، إما أن تبقى المستشفى وأما أن تلغى". هكذا إذا يبدو أنّ المشكلة كبيرة، وهي برسم وزير الصحة الذي يعرف تفاصيل الأزمة الحاصلة بشكل كامل ولم يتحرك حتى الآن.
ويعلق الناطق باسم الموظفين: "الأزمة كان سببها أنّ تسعين أسرة لا تحصل على رواتبها، أما الآن فقط باتت المشكلة أكبر لأنها تطال أبناء المنطقة الذين باتوا مضطرين للتوجه إلى مستشفيات أخرى بعيدة، ما يرتب عليهم أعباء مالية وصحية خطيرة".
وينقل الموظف الرفيع "استغراب الموظفين لهذا التراخي والإهمال من قبل وزير الصحة الذي يعتبر المرجع الأول لنا في ظلّ دولة المؤسسات والقانون"، مناشدا إياه، باسم الموظفين "أن يتحرك لحلّ هذه الأزمة الخطيرة في أسرع وقت ممكن ".
من جهة أخرى فإنّ ما جرى يذكرنا بتحرك أهالي بنت جبيل قبل أيام ضد مستشفى بنت جبيل الحكومة، التي توفي شاب من البلدة على بابها، بسبب إهمال الكادر الطبي، على ما قال الأهالي. وبالتالي قد يكون لأزمة مستشفى حاصبيا خصوصية شخصية، بسبب الخلاف الداخلي الواقع، إلاّ أن ذلك لا ينفي وجود إهمال في الكادر الطبي وغياب الرقابة والمساءلة القانونية داخل المستشفيات من قبل المعنيين، إضافة إلى تأخر إصدار القرارات لمحاسبة المسؤولين عن الأخطاء الحاصلة.
في الأمس تحرك أهالي بنت جبيل واليوم موظفي حاصبيا وغداً من يعلم؟! أيضا: هل هناك مؤامرة على مستشفيات الجنوب؟ وهل قتل شاب في بنت جبيل، ووضع الآلاف في حاصبيا ومحيطها أقلّ إجراما من اعتداء إسرائيلي يستهدف أول ما يستهدف المدنيين والمستشفيات؟
تبقى الإجابة عن هذا الإهمال والأزمات المتتالية في مستشفيات الجنوب رهن بوزير الصحة، الجنوبي هو أيضا.

السابق
حاجز الخوف في العالم العربي ينكسر تدريجياً
التالي
قطع الطريق على تقاطع المشرفية بضاحية بيروت الجنوبية