العرب يواجهون مصائرهم

(خاص الموقع)

– التخلف العربي نتيجة لغياب الحرية والديمقراطية وتداول السلطة

كتابه "العرب والتحديات الحضارية"* يسترجع أحمد أبو ملحم تلك الأفكار التي حملتها الأجيال العربية الممتدة من المفكرين منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى اليوم، عارضاً مضامينها على طلابه في الجامعة اللبنانية في البدء، ومن ثم مقدماً إياها كتاباً على طبعتين للقارئ العربي، وكأنه يسأل هل أخطأت هذه الأجيال حينما حملت وحلمت بالاستقلال وبالوحدة العربية؟
يبدأ الكاتب في التعريف ببعض المصطلحات التي يعتقد أنها عرفت الكثير من التشوهات، فالحضارة في اللغة تعني الحضور ونقيضها المغيب والغيبة، الإقامة في الحضر، في المدن والقرى والريف، وهي خلاف البادية. أما المدينة فكل أرض يبني بها حصن فهي مدينة.

ابن خلدون الحضاري
هكذا هي في تعريفات القواميس العربية، وهكذا قدمها ابن خلدون، معتبراً أبو ملحم بأن ابن خلدون أول من بحث في موضوع الحضارة، "العمران البشري والاجتماع الإنساني" أما تعريف الحضارة في اللغات الأجنبية فيختلف، إذ تقدم بمعنى حرث أو نمى وهو تعبير زراعي، فالحراثة للأرض والنمو للنبات والشجر، وعند الفيلسوف شيشرون فلاحة العقل وتنميته وعند فولتير تعنى تنمية العقل والذوق، ويقدمها غوستاف كلِم "على مجموع عناصر الحياة وأشكالها ومظاهرها الاجتماعية. وتأخذ في اللاتينية معنى آخر "مواطن المدينة" للدلالة على اكتساب الصفات الغروبة والاجتماعية".
ادئاً بتعريف الهوية مما قاله سقراط "إعرف نفسك" وسقراط بهذا الشرط الأولي للمعرفة، قال بأنك لا تستطيع أن تعرف غيرك إذا لم تكن تعرف نفسك.

محنة الهوية
ويتساءل بعد أن يستعرض تلك الأفكار "كيف يمكن لمجتمع واحد أن تتعدد هوياته"؟ مضيفاً، ماذا يعني الاستمرار في محنة الهوية؟ أن لا تعرف نفسك يعني أنك ضائع، وكونك ضائع يعني أنك قلق ومضطرب، ويعني أيضاً أنك ضعيف وعاجز ومحبط ويائس. وهذه الصفات المجتمعة تدفع للتنكر للهوية وبالتالي الهجرة. تفتيشاً عن هوية اخرى، أو تدفع المواطن إلى العزلة والكآبة والانتحار.
ورغم هذا التصور والوصف السلبي الذي يقدمه الكاتب. إلا أنه يعود للحديث عن عناصر الهوية والتي يحددها بالانتماء الثقافي والتواصل والتكامل والتوحد السياسي (…) فمقومات الهوية هي: "الشعور بالانتماء"، 2 – الثقافة، 3 – التواصل، 4 – التكامل الاقتصادي، 5 – التوحد السياسي. هكذا يستخلص الكاتب عناصر الهوية..
في الجزء الثاني من كتابه الذي يتجاوز الأربعمائة صفحة، يبحث الكاتب في القيم العربية مقارنة مع ما هي عليه في الغرب، فيرى أن القيم هي المعتقدات حول الأمور والغايات وأشكال السلوك المفضلة لدى الناس، وهي التي توجه المشاعر والمواقف والتصرفات والاختيارات وتنظيم العلاقات بالواقع والمؤسسات، ومع المكان والزمان.

الإصلاح السني – الشيعي
استعراض المؤلف لهذه التجارب، أوصله لمتابعة الحركات الإصلاحية في الفكر السني – الشيعي، هذه المحاولات التي استوعبتها المشاريع الغربية ووجهت مساراتها، كالتجربة الوهابية، والسنوسية، والمهدية، ومن ثم تجربة الإخوان المسلمين، وحركة أحمد الإحسائي، وكاظم الرشتي، وعلي الشيرازي، وصولاً إلى الحركة الخمينية وولاية الفقيه، مقارناً بين هذه الحركات الإصلاحية، وبين تلك التي عرفتها الدول الغربية، الأصولية العلماوية (فلسفة الأنوار) ومن ثم الأصولية اليهودية، والتي يعتبرها المؤلف أصولية ذات منشأ غربي، ليعود الكاتب إلى ما طرحه محمد عبدو والكواكبي ونجيب العازوري وجورج أنطونيوس وعمر فروخ وغيرهم في بداية القرن العشرين، مستعرضاً لأسباب فشل تلك الأفكار الإصلاحية مستخلصاً الأسباب التي أدّت إلى التخلف العربي بما أخذت بها التجارب الغربية ولم تعرفه التجارب العربية، وهي قضية الحرية والديمقراطية وتداول السلطة.

السابق
بلدية الحلوسية أقامت حملة نظافة
التالي
عن زراعة الشقاء.. الذي يسمى تبغاً