الشرق الاوسط:لبنانيون عالقون في أبيدجان.. وتجاذب سياسي وطائفي حولهم في بلادهم

ثمانية كيلومترات تفصل نحو 8 آلاف لبناني عالقين في أبيدجان عن بوابة الخروج إلى الوطن الأم، لكن هذه المسافة تبقى بعيدة المنال بسبب الوضع الأمني المتدهور في ساحل العاج، التي تعيش حالة من عدم الاستقرار التي أثرت سلبا على اللبنانيين المقيمين في هذا البلد الأفريقي، الذين يشكلون جالية من نحو 70 ألف لبناني يعملون في التجارة وفي قطاعات الخدمات؛ غالبيتهم الساحقة من الجنوب اللبناني.
وانعكست الخلافات السياسية في لبنان على التعامل مع الأزمة القائمة، خصوصا في ظل وجود استياء من مشاركة سفير لبنان في حفل تنصيب الرئيس المنتهية ولايته، لوران غباغبو، غير المعترف به دوليا على نطاق واسع، مما أدى باللبنانيين القادرين إلى استئجار خدمات العصابات المسلحة لحماية أنفسهم وممتلكاتهم من النهب، وهو ما لم ينج من الكثير منهم.
وقد بدا لافتا «الغمز» الذي تبادله الطرفان، ففي حين شكا حزب الله من «تقصير وعجز الدولة اللبنانية بأجهزتها ومؤسساتها عن مواكبة طبيعة الحدث والمأساة في أبيدجان»، مشددا على أن «المطلوب في هذه المرحلة هو تكثيف الجهود وتضافرها من أجل حماية كل أهلنا المهاجرين في ساحل العاج، وإنقاذهم مما يواجهونه من معاناة ومأساة إنسانية بكل ما للكلمة من معنى»، وتحدث النائب في كتلة الرئيس سعد الحريري، أحمد فتفت، عن «الظروف الصعبة التي مرت بها الجالية في أبيدجان نتيجة أخطاء سياسية ارتكبها البعض».

وإذ تظاهر العشرات من اللبنانيين المقيمين في أبيدجان وعائلاتهم أمام وزارة الخارجية اللبنانية تعبيرا عن الاستياء من التعاطي الرسمي من هذا الملف، وسط انتقادات لأداء وزير الخارجية علي الشامي في هذا الملف، اضطر رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى خوض هذا الملف مباشرة بالتنسيق مع عجمي، بينما عمل رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، منفردا على خط الاتصالات الدولية لتأمين حماية اللبنانيين هناك وإجلاء من يرغب منهم في المغادرة.
وجزم المدير العام للمغتربين، هيثم جمعة، بأن «الدولة اللبنانية تقوم بواجبها كاملا لحماية المدنيين اللبنانيين» كاشفا عن «اتصالات وتنسيق مستمر مع الأمم المتحدة لتأمين سلامة اللبنانيين». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتابع الأزمة مع سفارتنا في أبيدجان، ومع أبناء الجالية، ونعطي الأولوية لإجلاء المواطنين اللبنانيين من المناطق الأشد توترا، لكن المشكلة الأساسية تكمن في عدم جاهزية المطار هناك لاستقبال الطائرات، وانعدام الأمن على الطرقات لتنقل اللبنانيين».
ويتجمع نحو 8 آلاف لبناني، معظمهم من النساء والأطفال، في أحد مراكز الأمم المتحدة في أبيدجان، لكن مع استحالة تأمين «ممر آمن» لهم يوصلهم إلى مرفأ العاصمة، على الرغم من تدخل رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، واتصاله بالأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون الذي وعده بـ«دراسة الموضوع» و«القيام بما تستطيعه الأمم المتحدة» في هذا المجال.

وكان الحريري قد مهد الطريق أمام نوع من الحماية للبنانيين باتصال هاتفي أجراه مع الرئيس المعترف به دوليا، الحسن وتارا، شرح فيه ملابسات ما حصل من قبل عجمي، مطالبا الأخير بالمساعدة في حماية اللبنانيين هناك.
ومع فتح مطار المدينة أمس، تراجع احتمال اللجوء إلى «الطريق البحري»، فباشر الأمين العام لهيئة الإغاثة اللبنانية ومستشار الحريري، فادي فواز، إجراء الاتصالات، في محاولة لإقناع الفرنسيين بالسماح لطائرات «ميدل إيست» اللبنانية بالهبوط في المطار الذي يحصره الفرنسيون حاليا في الاستعمالات العسكرية. وفي حال تم تأمين هذا الأمر، فسيكون بالإمكان تشغيل الأسطول اللبناني لإجلاء الراغبين في العودة إلى بلادهم.
وقال فواز إن العقبة أمام هذا الموضوع هي رفض شركات التأمين العالمية التأمين على الطائرات المدنية، مشيرا إلى أنه في حال زوال هذه الأسباب فإن «الطائرات اللبنانية ستكون أول من يحط في المطار»، مشيرا إلى أن الحريري يجري اتصالات لهذه الغاية مع السلطات الفرنسية ومع الأمم المتحدة ومع الأردن الذي يشارك في قوة الأمم المتحدة العاملة في أبيدجان.

وقد تعرض اللبنانيون أمس لأول إصابات جسدية مع إعلان إصابة 7 منهم بجروح جراء «رصاص طائش»، بينما نفت وزارة الخارجية والمغتربين ما ورد من أنباء في بعض وسائل الإعلام، عن مقتل المواطن اللبناني محمد بسمة نتيجة الإصابة التي تعرض لها هناك، وأشارت إلى أنه «تمت معالجته وهو في وضع مستقر وقد خرج من المستشفى».

واقترح النائب نواف الموسوي (حزب الله) «خطة عمل من شأنها المساهمة في حل محنة المغتربين اللبنانيين، في ظل أداء الفريق السياسي الآخر في لبنان في التعاطي مع هذه المسألة». وقال الموسوي: «التصرف الوطني والمسؤول والجاد يقتضي أولا إظهار التضامن الوطني مع المغتربين، بحيث تنعكس روحية التضامن في الخطاب السياسي والإعلامي؛ فلا تكون محنتهم موضوعا للاستثمار في سجال يظهر منه أن القصد هو العمل للقضاء على فئة أساسية من فئات الشعب اللبناني، بينما الروح الوطنية المسؤولة كانت تقتضي الترفع عن الشماتة والكيد والاستغلال».

كما دعا إلى «إجراء الاتصالات اللازمة مع أطراف الصراع العاجي لتبين الموقف اللبناني القائم على تفادي التدخل في الصراع وحماية اللبنانيين من التعرض للاستهداف بأشكاله المختلفة».

السابق
هل تغير الثورات العربية نهج المقاومة؟
التالي
بلدية الحلوسية أقامت حملة نظافة