عيون وآذان (هذيان لا مقالات)

أحيي ثورات الغضب في كل بلد عربي لسبب خاص بي وحدي هي انها «جننت» عصابة إسرائيل من ليكوديين وغيرهم، حتى انني بدأت أقرأ لهم هذياناً لا مقالات سياسية.

سأختار أمثلة لضيق المكان:

– ديفيد هورفيتز يساري سابق ومتطرف ليكودي يميني اليوم، وهو مدير الموقع الإلكتروني الحقير «فرونت بيدج» الذي يهاجم الإسلام والمسلمين يوماً بعد يوم، ويحرض على الطلاب المسلمين في الجامعات الأميركية. وقد أشرتُ اليه في السابق وأعود اليه اليوم بعد أن تفوق على نفسه في الدّجَل والكذب على الله وعباده.

أكتفي بفقرة واحدة من محاضرة طويلة في كلية بروكلن، فهو قال (وأترجم حرفياً): لم تكن هناك فلسطين سنة 1946 أو سنة 1948 عندما أسست إسرائيل، ولا أرض عربية قامت عليها دولة إسرائيل، إلا إذا اعتبرتم الولايات المتحدة أرضاً هندية محتلة. ولكن إذا أردتم مناقشة الأسبقية التاريخية فاليهود كانوا في القدس والضفة الغربية لألف سنة قبل العرب، فمن هم «المحتلون».

هذه صفاقة لا يقدر عليها سوى ليكودي، ففي التاريخ الحالي يحمل جواز سفر أمي الأميركي انها ولدت في عكا، فلسطين، وقبل ألف سنة وألفي سنة لم تكن هناك ممالك يهودية، بل أنبياء خرافيون لم يوجدوا على أي أرض ولا أثر لهم أو لممالكهم على الإطلاق في غير روايات التوراة.

فلسطين من البحر الى النهر، وفيها آثار فلسطينية إسلامية ومسيحية موجودة، ولا آثار يهودية.

– كارولين غليك أميركية هاجرت الى اسرائيل بعد تخرجها في الجامعة وخدمت في جيش الجريمة الإســــرائيلي ووصلت الى رتبة كابتن، وعملت في الحكومة، وهي الآن مديرة تحرير «جيروزاليم بوست» اليمينية.

قرأت لها أخيراً مقالاً لا يكتبه سوى متطرف مريض يهذي، وكان بعنوان «هبوط أميركي في فقدان الذاكرة الاستراتيجي». ورأيها في سياسة أوباما إزاء ليبيا ومصر أنها «معادية للإمبريالية» وستؤدي الى فقدان سيطرة أميركا على العالم، وهي تهدد المصالح الاستراتيجية لأميركا في الشرق الأوسط التي تقول انها نفط رخيص وكبح للأعداء ومحاربة الوحدويين العروبيين والجهاديين الذين لهم برامج معادية للسيطرة الأميركية.

بكلام آخر، هي لا تريد نظاماً عربياً علمانياً أو إسلامياً، وإنما أنظمة «إسرائيلية»، وتكمل قائلة ان أوباما أيّد نظام الملالي ضد حركة الخضر المعارضة بعد 2009، واللازمة في أيديولوجيته مهاجمة إسرائيل، ولم يفعل شيئاً ضد احتجاجات المعارضة التي وقف وراءها الإخوان المسلمون، ومنع حسني مبارك من الاستقالة في أيلول (سبتمبر) وأرغمه عليها بعد الاحتجاجات لضمان سيطرة الإخوان على النظام الجديد.

كل هذا لم يحصل في غير عقل هذه الليكودية. وهي بعد ذلك تهاجم المحافظين الجدد لأن سياستهم لا تفرق بين الأنظمة غير الليبرالية المؤيدة لأميركا والأنظمة غير الليبرالية المعارضة لها، ما يعني أن المقياس تأييد أميركا لا الديموقراطية.

في كل ما سبق يصبح الكلام مفهوماً بزيادة اسم اسرائيل، فهي ترى أميركا والعالم من منظور ما يفيد إسرائيل ويضرها. وطبعاً فهي لا ترى دولة ابارتهيد فاشيستية محتلة قاتلة، لذلك جعلت عنوان مقال آخر «شرعية إسرائيل لا تتجزأ» والمستوطنات جزء من هذه الشرعية المزعومة، مع انها تسجل ان الذين يرونها غير شرعية «العرب والأمم المتحدة وإدارة أوباما والاتحاد الأوروبي والأميركيون المعارضون لإسرائيل ويهود إسرائيليون وأساتذة جامعات ومنظمات حقوق إنسان كثيرة في إسرائيل والعالم أجمع».

بكلام آخر، هذه «الارتيست» من الوقاحة والتطرف والهذيان انها تعتبر رأيها أصدق من بقية العالم مجتمعة، هذا وإسرائيل بلا شرعية مجزوءة أو كاملة.

– ميلاني فيليبس ليكودية بريطانية كنت ألاحظ زاوية لها في جريدة «الدايلي ميل» لم ترَ فيها يوماً شيئاً من جرائم إسرائيل واحتلالها وقتلها النساء والأطفال. وهي أخيراً كتبت في مجلة «سبكتيتور» مقالاً عن قتل عائلة من المستوطنين في الأرض المحتلة (إسرائيل كلها أرض فلسطينية محتلة) تحدثت فيه عن «الانحلال الخلقي للعرب».

إذا كان هناك انحلال خلقي فقد اخترعته إسرائيل وصدّرته، والكاتبة الليكودية تتجاوز أرقاماً إسرائيلية تقول إنّ مقابل كل قاصر إسرائيلي قتيل، عشرة قاصرين فلسطينيين قتلهم الاحتلال والمستوطنون. وأنا لا أعرف سوى النازيين الذين كانوا يعتبرون القتيل منهم بعشرة من غيرهم.

إسرائيل دولة نازية مجرمة وكل من يدافع عنها مثلها.
 

السابق
أخبار ساحل العاج :اصابة 5 لبنانيون برصاص طائش و1000 لبناني في المطار
التالي
تواطؤ البرلمان على الصحة العامة في النظام الطائفي