صور بلا مفتٍ: سياسة أم تأخير تقني؟

(خاصّ الموقع)
تعيش صور ومنطقتها منذ تشرين الثاني 2010 بلا مفتي، منذ وفاة مفتيها القاضي الشيخ محمد دالي بلطة. وحتى اليوم ما زال مركزه شاغرا دون بديل، بانتظار أن يصدر مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشد قباني قراراً بتعيين مفت لإدارة شؤون أبناء المدينة ومنطقتها.
لكن لماذا لم يكلّف حتى الآن أحد لتكملة مهام الشيخ بلطة؟ خصوصا أنّ هذا الفراغ يمتد أيضاً ليصل إلى كل من راشيا وجبيل، اللتين تنتظران، كما صور، قرار تكليف أو تعيين مفت، يصدره الشيخ المفتي قباني، ليرفعه بعد حين إلى رئيس مجلس الوزراء للمصادقة عليه.
أيضا: ما الذي يمنع صدور قرار التعيين في هذه المناطق الثلاثة، لاسيما في مدينة صور؟ وهل الأزمة السياسية اللبنانية والانقسام الحاصل بين الأطراف الفاعلة على الساحة اللبنانية سببان مباشران؟ أم أن السبب يعود إلى التأخر في التوافق على تشكيل الحكومة؟
أجرت "Janoubia" اتصالاً بدار الإفتاء لتوضيح مسألة تكليف مفتي الطائفة السنية، وقد تم التأكيد على أن هذا الإجراء "يتم بتكليف مباشر من مفتي رئيس الجمهورية الذي يعود له وحده مسألة قبول الأسماء المقترحة وتعيينها، ويمكن أن تتم هذه العملية بانتخاب المفتي من قبل مجلس إداري في المنطقة المعنية".
ويقول مصدر من "دار الإفتاء" في بيروت: "مثلاً في صور، يمكن أن تقوم الهيئة الناخبة، المكونة من أعضاء المجلس الشرعي بالمدينة صور، ومن المدراء العامين في الدوائر الحكومية، بانتخاب مفت جديد، على أن يتم ذلك بموافقة المفتي قباني، وفي الحالتين ترفع الأسماء المقترحة إلى رئيس مجلس الوزراء للتصديق على مرسوم التعيين".
لكن إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود قال في حديث لـ"ـjanoubia"، أنّ هناك "تشعبات كثيرة للمسألة أهمها: سيطرة الموقف السياسي والتبعية لتيار المستقبل، الذي يحدد الأسماء ويعيّن المرشحين، إضافة إلى الفساد المالي والإدراي والإجحاف في حق الموظفين الدينيين لجهة الرواتب المتدنية"، ويتابع: "المسألة ليست منحصرة بذلك فقط بل هنالك أموراً عديدة أخرى تتفرع عنها".
ويكمل الشيخ ماهر أن "القضية في صور تتعلق بشكل أساسي في "رغبة مشايخ المنطقة في أن يكون المفتي من منطقتهم، لكن النفوذ السياسي القوي لآل الحريري وسيطرتهم على القرارات في دار الإفتاء قد يمنع حصول ذلك، والممانعة والإعتراض عليهم تكاد تكون شبه معدومة".
وفيما يتعلق بمسألة الأسماء والمرشحين فضل الشيخ عدم الدخول في مسألة التسميات معلقاً على وجود "أسماء مضحكة مبكية، وأخرى مقبولة، لكن الأرجح أن المفتي الجديد سيكون من خارج مدينة صور، وفقاً لرغبة آل الحريري وتيار المستقبل".
وفي هذا السياق زار الأسبوع الماضي وفد من منطقة صور ضمّ علماء ورؤساء بلديات ومخاتير وفعاليات من المنطقة، مفتي حاصبيا ومرجعيون وقاضي صور الشرعي الشيخ حسن الدلي، لمعرفة موقفه والحصول على دعمه بضرورة الاسراع في عملية تعيين مفت جديد، لتكملة مسيرة الشيخ بلطة ولإدارة شؤون أبناء الطائفة السنية في هذه المنطقة. وأيضاً لنيل تأييده بأن يكون المفتي الجديد إبن المنطقة. ويأتي هذا التحرّك من ضمن سلسلة من اللقاءات التي تجريها فعاليات صور والمنطقة، معلنين عن توقيعهم لعريضة تتضمن هذه المطالب من قبل رؤساء بلديات ومخاتير وجمعيات منطقة صور.
وبذلك فهم يعمدون على إظهار هذه القضية إلى العلن لاسيما وأن الجهات المختصة بالتعيين قد تتذرع بوجود حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال، وربما تتخذ من مشكلة صندوق الزكاة والسرقات في صور سبباً مباشراً لتأخير التعيين.
لكنّ المدير العام للعلاقات العامة والإعلام في دار الفتوى، الشيخ خلدون عريمط، يعتبر من جهة أخرى "هذا الموضوع لم يبحث بعد في الوقت الحاضر"، وأكّد أنّ "مفتي الجمهوري هو صاحب القرار، بالتشاور مع المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، في حال حصول الإنتخابات، ولا مرجعية أخرى في هذا الشأن".
وعلل التأخير بـ"دراسة الأمر من قبل مفتي الجمهورية"، قائلا إنّه "لا يوجد أي طرف سياسي له علاقة بالموضوع، لأنّه موضوع شرعي مرجعيته مفتي الجمهورية، ولا تأثير لأي طرف سياسيا فيه".
إذا التأخير ليس سياسيا، لكنّ بعض الأطراف ترى فيه "جوانب سياسية"، مثل الشيخ حمود "الذي لا علاقة له بهذا الموضوع لأنّه من منطقة صيدا ولا علاقة له بصور"، بحسب مصادر "دار الإفتاء". والأسبوع المقبل قد يحمل جديدا على هذا الصعيد.

السابق
احتجاجات وحرق اطارات عند منطقة الكوكودي- طريق المطار تضامناً مع السجناء في رومية
التالي
حرب: ميقاتي يتجه الى الاعتذار “الا اذا حصلت مفاجأة”