البطريرك الجديد: واقع ورؤيا جامعة

العظة الأولى لغبطة البطريرك الجديد مار بشارة بطرس الراعي إبّان تَوليته على الكرسي البطريركي، الجمعة في 25 آذار 2011، كانت بمثابة خارطة كنسية واضحة المعالم والتوجّهات، طبقا لانتظارات الموارنة في لبنان والمشرق وبلدان الانتشار.

وضع البطريرك الجديد أسسا ثابتة لتصوّره البطريركي ومدماكا روحيا متينا عنوانه "شركة ومحبة". كلمتان تتضمّنان أعمق المعاني الروحية والرعوية والكنسية والوطنية وأسماها. فالمعنى الروحي للشراكة العمودية مع الله تجسّد محبّة بين البشر. إنّ العلاقة الثالوثية بين الآب والابن والروح القدس لها أبعاد سامية من حيثُ إيحاء التصميم الخلاصي لمريم العذراء، وتجسّد يسوع من العذراء بغية خلاص العالم، وحلول ثمرة الحبّ الإلهي وقدرته على الإنسانية المتعطّشة لمجيء المخلّص الفادي.

راعويا، نرى في خطبة البطريرك الأولى نظرة مقتضبة، بل شاملة لرسولية خدمته البطريركية في لبنان والمشرق وبلدان الانتشار. فهو يَودّ زيارة أبنائه الموارنة والمسيحيين في لبنان والمشرق والعالم، ليُرسّخ في أذهانهم فكرة العودة الى الوطن الأم، والعمل على استثمار مقدّراتهم الفكرية والمادّية في ربوعه، لاستنهاض اقتصاده وتطوير مجالاته الكنسية والوطنية على حَدّ سواء.

كنسيا، رأى البطريرك الراعي أهميّة العمل الكنسي المتجَدّد، المرتكز على ترتيب البيت الداخلي وتنظيمه طبقا لمفهومه القانوني للهيكليات الكنسية المعتمدة في الكنيسة الكاثوليكية الجامعة المقدّسة الرسولية على مستوى الكنيسة المارونية والمستوى الكاثوليكي الجامع للبطاركة الكاثوليك والأرثوذكس كافة، وبقية الكنائس الانجيلية في الشرق الأوسط.

أخيرا، تطرّق غبطته الى الشقّ الوطني في لبنان، في إطار "وحدة المصير، والتكامل في تكوين النسيج الوطني الواحد، وصيغة لبنان المبنية على المشاركة في الحكم، والإدارة بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، واستقرار الكيان، وتحقيق الديموقراطية، وازدهار الاقتصاد، والتطوّر الدائم وفق مقتضيات الحداثة والتجربة التاريخيّة". هذا كله يعني أنّ البطريرك الجديد واضح في رؤيته الكنسية والوطنية في إدارة البطريركية المارونية بأسلوب جديد ومتجدّد في عصر العولمة الحديثة والتكنولوجيا المتطوّرة، عسى أن تعكس بكركي العمل الفاتيكاني في لبنان والعالم بمنهجيّة مارونية منظّمة.

السابق
الربيع العربي يوسّع الهوّة بين أميركا والسعودية
التالي
إعادة الاعتبار للجماهير