احزاب طائفية وإسقاط النظام الطائفي

رغم مرور شهر على انطلاقة "حملة اسقاط النظام الطائفي في لبنان" لم تصدر عن الاحزاب اللبنانية ذات التكوين الطائفي والمذهبي مواقف لافتة من هذا التحرك، علماً ان الناشطين في الحملة يصوبون على 7 احزاب يعتبرونها اساس النظام الطائفي. "النهار" تسال بعض هذه الاحزاب عن موقفها من حملة استهداف الاحزاب الطائفية، وإسقاط النظام الطائفي، وما اذا كانت معنية بهذه الحملة ام انها احزاب عابرة للطوائف. صحيح ان تركيبة كل من "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر" يغلب عليها اللون الطائفي، فالاول "حزب سني بامتياز" فيما الثاني حزب مسيحي، الا ان التيارين يجنحان نحو الصبغة العلمانية، وفق وثيقتيهما التأسيسيتين.

"المستقبل": الحملة لن تصل إلى نتيجة

تنص وثيقة "تيار المستقبل" على ان "الدولة القادرة هي الدولة المدنية التي لا تخضع لصراعات الطوائف واحزابها، ولا يجري اقتسامها حصصاً بين من يدعون تمثيل طوائفهم، انها دولة تستطيع التوفيق بين بعدين اساسيين في انتماءات اللبنانيين، البعد الفردي الذي تقوم عليه فكرة المواطَنة، والفكر الجماعي الذي يعبر عن التعدد الطائفي، وهي دولة غير طائفية، لا تمنح حقوقاً الا للمواطنين على قاعدة المساواة والعدالة اللتين بدونهما يغدو التنوع مصدر صراع يستجر عنفاً ينتهي بدوره الى إلغاء التنوع".
وهي وفق التعريف "غير علمانية حسب المفهوم القديم للعلمنة، وانها لا تجد نفسها في حالة صراع مع طوائفها ولا تقدم على اتخاذ قرارات من شأنها تهديد وجود الطوائف".
اذن، هي رؤية تيار المستقبل للدولة، ووفق عضو المكتب السياسي في التيار النائب السابق مصطفى علوش، ان "التيار" يسعى لإلغاء الطائفية السياسية و"يعتبر ذلك هدفاً سياسياً يجب ان يتحقق من دون ثورات او خضات، انما عبر اقتناع الشعب اللبناني بأن النظام العلماني هو الافضل من الحالي، الا ان ما يرفع اليوم من شعارات ومن صور هو تعبير ديموقراطي يخص الافراد الذين يقومون بهذا النشاط".
الا ان القيادي في "تيار المستقبل" لا يفوته ان يذكر ان "الوصاية السورية كانت تهول بالعلمنة واسقاط النظام الطائفي"، ويضيف: "على الرغم من ان معظم المشاركين في التظاهرات لإسقاط النظام الطائفي هم صادقون ويعتبرون ان الطائفية اساس البلاء في هذا البلد، الا ان هناك من يحاول ركوب الموجة والتسلل عبر هذه المطالب إلى غايات في نفسه". وعلى خطى حليفيه في "القوات اللبنانية" والكتائب، يرى علوش ان "السلاح غير الشرعي والطائفي هو الخطر على الدولة بأكملها، وقبل الوصول الى مرحلة إلغاء الطائفية لا بد من الغاء وصاية السلاح ووضعه تحت أمرة الشرعية".
اما عن رأي "تيار المستقبل" في الزواج المدني الاختياري، الذي سبق وعارضه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فيوضح علوش: "انا مع اقرار قانون الزواج المدني الإختياري، اما قانون الأحوال الشخصية الذي سمعنا انه اصبح في عهدة اللجان النيابية، فان النواب سيناقشونه، وسيكون لـ"تيار المستقبل" رأيه في القانون".
ويختم علوش: "لا اعتقد ان حملة اسقاط النظام الطائفي ستصل إلى نتيجة، وهي اصلاً لن تنجح في جمع اكثرية جامعة حولها، وبالتالي لا يمكن لها تغيير النظام الطائفي".

"التيار الوطني": مع العلمنة الشاملة

يصبو "التيار الوطني الحر" الى الدولة المدنية، ووفق ادبياته هو تيار علماني غير طائفي، وليس "تفاهمه مع "حزب الله" الا تكريس لعدم انزوائه الطائفي". ووفق امين سر تكتل "التغيير والإصلاح" والقيادي في "التيار الوطني الحر" النائب ابرهيم كنعان، ان "التيار الوطني ليس تياراً طائفياً، لاننا وفق فلسفتنا تيار وطني علماني، لكن هذا لا يعني واقعياً اننا نستطيع تحقيق اهدافنا، وبيئتنا في اكثريتها مسيحية، لكن في استراتيجيتها تأخذ المسيحي الى رحاب الوطن، من دون ان يكون هناك اي تنازل عن حقوقه، قبل الوصول الى نظام لا يعتمد الطائفية".
اما عن شعار "حملة اسقاط النظام الطائفي" والدعوة الى اسقاط رموز هذا النظام، فيوضح: "نحن لا نعتبر ان شعار اسقاط النظام الطائفي ورموزه موجَّه ضدنا، ولم نتلط خلف الطائفية، ونحن لا نستعمل الطائفية متراساً، لكننا كنا امامها ضمن اهدافنا ومشروعنا".
ومن جهته ثانية، يشير كنعان الى ان "الفساد ليس سببه الطائفية السياسية، ولذلك فالإصلاح لا يمكن ان تحول دونه الطائفية السياسية". ولا يخفي القيادي في "التيار الوطني" موقف تياره من إلغاء الطائفية السياسية: "نحن لسنا مع الغاء الطائفية السياسية لأن الغاءها قد يكون له انعكاسات مختلفة، نحن مع الغائها بالكامل، لأن الطرح الأول يمكن ان يكون كلام حق يراد به باطل".
لكن معالجة الوضع الطائفي في لبنان يجب ان تكون عبر العمل مع جمعيات المجتمع المدني في لبنان، ويختم: "العلمنة لا تعني اطلاقاً نبذ المعتقد، لان موضوع الالتزام بالمعتقد الديني والتمسك به لا يتعارض مع هذا المطلب، ونحن مع الدولة الحديثة التي تقوم على فصل الدين عن الدولة".

السابق
“الشرق الاوسط”: حذر إعلامي في تغطية أحداث سورية.. بعد الحماسة في تغطية مصر والبحرين وليبيا
التالي
سُمنة الأطفال… القاتلة!