عاملات المنازل: واحـدة تمـوت فـي لبنـان كـل أسبـوع

في لبنان، تموت عاملة منزلية واحدة كل أسبوع. في لبنان، توجد عاملة منزلية لكل عشر نساء، وهن في غالبيتهن ضحايا نوع من أنواع الإتجار بالبشر، ويعانين من نوع من أنواع التعذيب، كالإجبار على العمل أو الاستعباد أو الإكراه أو التحرش الجنسي. ومن يعذّب العاملات في الغالب نساء مثلهن، سيدات المنازل اللواتي عانينه بدورهن، خلال طفولتهن، لا سيما مع أمهاتهن.
هي صورة سوداوية يرسمها تقريران أجرتهما منظمة «كفى عنفا واستغلالا» بالتعاون مع «معهد الدراسات النسائية في العالم العربي» و»مركز درسات الهجرة» التابعَين للجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، ضمن مشروع «الفسحة متعددة الوسائط لحقوق الإنسان»، وهو مشروع مموّل من الاتحاد الأوروبي، تنفّذه لجنة منظمات الخدمة الطوعية (منظمة COSV الإيطالية) بالشراكة مع منظمة «كفى» و»حركة السلام الدائم» و»المركز اللبناني لحقوق الإنسان». وقد أطلق التقريران أمس في حرم الجامعة اللبنانية – الأميركية في بيروت.

يحمل التقرير الأول، الذي أعدته المحامية كاثلين هامبل، عنوان «الاتجار بعاملات المنازل الأجنبيات في لبنان: تحليل قانوني»، عرّفت من خلاله بالثغرات القانونية التي تحيط بالعمل في المنازل، معتبرة أن نظام الكفيل وعدم وجود قانون يرعى وينظّم ويحمي، هما أبرز سببين لحال الفوضى والمعاملة السيئة التي تعاني منها العاملات.

كما رصدت بعض الممارسات الخطيرة بحقهن كالضرب والتحرش الجنسي، وحجز أوراقهن، وعدم السماح لهن بيوم إجازة أو بحرية التحرّك والتواصل مع الأقارب أو الأصحاب، بالإضافة إلى عدم إعطائها الحق بتغيير ربّ العمل في حال لم يناسبهن.
وإذ قدّمت خلال مداخلتها رقماً واحداً هو اعتراف 65 في المئة من أصل مئة عاملة استطلعتهن، بمعاناتهن ولو لفترة واحدة خلال عملهن في لبنان من نوع من أنواع الاتجار بالبشر، أوضحت هامبل أن العاملات يتعرضن للخطر خلال قدومهن بطريقة غير شرعية إلى لبنان، لا سيما بعد الحظر الذي فرضته بعض الدول كالفيليبين والنيبال واثيوبيا ومدغشقر. وهو أمر لا يحاول لبنان معالجته على اعتبار أنه «مسألة خاصة بين الدول المعنية وبين رعاياها» كما أشار وزير العمل بطرس حرب حين سألته هامبل لماذا تعطون التأشيرات إلى لبنان طالما هناك حظر؟ وهي برهنت في صورة خاصة أن بعض العاملات يدخلن متخفيات بزي راهبات إلى لبنان. وحمل التقرير الثاني الذي أعدّه الدكتور راي جريديني عنوان «دراسة استطلاعية حول العوامل الاجتماعية والتحليلية ـ النفسية وراء إساءة صاحبات العمل لعاملات المنازل الأجنبيات في لبنان». وقد برهن من خلاله كيف أن الممارسات العنفية تجاه العاملات غالباً ما تكون وراءها سيدات المنازل، وأن أسباب ذلك هي اجتماعية ونفسية متعددة أبرزها معاناتهن أيام الطفولة وتسلّط أمهاتهن، لافتاً الى أن بعض السيدات يعطين أوامر من المستحيل تلبيتها.

ورصد الباحث حالات وسواس لدى بعض السيدات تؤدي بهن إلى الاعتبار أن العاملات يتقصدن عدم إطاعتهن، أو حالات من الغيرة تعتبر من خلالها ربة المنزل أن العاملة تحظى بحب الأولاد والزوج اكثر منها. وبناء على تلك الحالات، تقوم السيدات بإعادة العاملات إلى بلادهن واستقدام أخريات.
ورأى جريديني أن الصعوبة في معالجة أوضاع العاملات في لبنان تكمن في عملهن داخل أمكنة لها حرمة خاصة.
يذكر أن إطلاق التقريرين تخللته كلمة لرئيسة قسم في بعثة «الاتحاد الأوروبي» في لبنان سيسيل أبادي اعتبرت من خلالها أن هناك إقرارا في لبنان بضعف الإطار القانوني وآليات إنفاذ القانون وعدم معالجة مسائل التمييز بالشكل المناسب، بما يؤكّد ضرورة وضع سياسات حكومية فعّالة.

السابق
قاطيشا: خطف الأستونيين وتفجير الكنيسة رسائل تحذير وتهديد الى اللبنانيين
التالي
وليد بركات: السعي لتهميش دور الحزب الديمقراطي أمر مرفوض كليا