الجنوب يفتح كنوز أسراره … وآثاره

يعتبر لبنان عموماً وجنوبه خصوصاً، من أهم وأغنى وأثرى بلاد العالم بالأماكن والمراكز الأثرية، المكتشف منها وغير المكتشف، وذلك إستناداً إلى وجود عددٍ كبيرٍ من القلاع والحصون والمساجد والكنائس والأديرة والمقامات المكتشفة وغير المكتشفة حتى يومنا هذا.. وتشكل منطقة جبل عامل ثروةً أثرية، خصوصاً إذا ما اعتنت الدولة اللبنانية بالمراكز المكتشف، وعملت على التنقيب واكتشاف العديد من المعالم الأثرية الضخمة التي ما زالت مطمورةً في باطن الأرض.
لقد فتحت مغارة النفاخية التي اكتشفت في قضاء صور، شهوة العديد من الباحثين، الذين دعوا إلى ضرورة إجراء رسم كامل لمنطقة الجنوب، بإشراف الدولة، من أجل المحافظة على ما يحتويه باطن الأرض من حضارات وتاريخ عريق صُدر إلى العالم أجمع.
من جهته، أكد الباحث الأثري موسى ياسين وجود مقام عظيم شمالي بلدة تبنين – قضاء بنت جبيل، يُسمى مقام الصديق، وهو حفيد نبي الله يوسف (ع)، وسمي بالصديق تيمناً بجده يوسف الصديق، واسمه الحقيقي جدعون ابن منسى ابن يوسف الصديق، كان قاضياً ومحامياً في زمن نبي الله موسى (ع)، حيث دافع عن النبي موسى (ع) في هذه المنطقة، التي كانت تعرف باسم بلاد كنعان، وذكر هذا المقام في الإنجيل المقدس، ويسمى فيه جدعون ابن منسى ابن يوسف الصديق، قتله زوجة النبي موسى (ع) الصفراء، حين كانت تفتش عن النبي يوشع (ع)، الذي ينجذر من سلالة سليمان بن نون، الذي ذكر اسمه ما بين بلدتي شحور وصريفا في جبل عامل، والتي كانت تُسمى حينها كفرنين، ولأن في اللغة اللفظية لا تُكتب، وقد عثر على بلدة تُسمى كفرنين، لا تزال موجودة تحت التراب، حيث توجد تضاريس رمزية قائمة حتى هذا العصر.
وقال ياسين: وبالعودة إلى القاضي الكبير، الصديق، الذي مكث في شمالي شرق بلدة تبنين، كان يتواجد عند نبع يُسمى عين المزراب لا يزال حتى اليوم، فمرت الصفراء وسألت الصديق عن مكان النبي يوشع (ع) ووجهة سيره؟ وقتلته ودفن في أعالي هذه الرابية، ولا يزال مقامه وقبرة موجودين حتى اليوم، ويُسمى مقام الصديق.
كما يوجد في الناحية الجنوبية للتلة خلة تُسمى سوق الخان، وهو سوق عيص عم النبي الصديق جدعون ابن منسى، وتوجد قلعة تيرون ابن عيص، وفي مقابلها الحصن ذات النفق الذي يمر من تحتها، بل إلى مكان الحصن، الذي كان يمكث فيه الملك والملكة، ولهذا كان محصناً تحصيناً جيداً.
وتابع: "يوجد في ذلك المكان معالم أثرية سوق الخان وهو كان محطة للأنبياء في زمن بني كنعان، كما أن بلدة تبنين الغنية بتراثها، إن كان بوجود قلعة الحصن أو قلعة تيرون أو مقام النبي الصديق".
ويشير ياسين، ومن منطق البحث والتنقيب إلى عثوره على هذه البلدة العظيمة والغنية بتراثها، ومن خلال رجالاتها على مر العصور، حيث كانوا أقوياء وأشداء أحبوا وطنهم لبنان ودافعوا عنه، ولا تزال بصماتهم حتى يومنا هذا، منذ زمن صلاح الدين والكنعانيين، واستغرب الإهمال الذي تُعاني منه قلعة تبنين من قبل وزارة السياحة، فهي من أهم القلاع حضارياً وتاريخياً وأثريا، داعياً كل المعنين بالدولة إلى الإهتمام بالمعالم الأثرية والحضارية والتاريخية، والسعي إلى نشرها في كتيبات من أجل تعميمها، والعمل على جذب السياح والزوار للإستفادة من هذه المعالم الأثرية.
وأكد أنه يوجد في جبل عامل بلاد مطمورة في باطن الأرض، وأديرة عديدة، مبدياً استعدادي الكامل للمساعدة من أجل التنقيب عن هذه المعالم، حيث يوجد في كل بلدة وقرية أشياء مخفية لا يستطيع معرفتها إلا الباحثون، وهي تعود إلى العهود الفينيقية والكنعانية والبيزنطية والأرامية.
ويسلسل بعض البلدات من خلال تسميتها، فيقول: بلدة مجد سلم: تعود إلى النبي زكريا، بلدة تولين: تعود إلى النبي يعقوب، بلدة بليدا: هي مدينة بني الله شعيب، بلدة عيترون: هي مدينة تيرون ابن عيص، وهو الكاهن والعالم الكبير لمدينة مدين، وفيها عين تُسمى عين تيرون، ولكن أكلت النون وسميت عيترون للتمويه أو للفظ الأسهل، بلدة محيبيب: تعود للنبي يعقوب، بلدة: كفرا تعود إلى نبي الله يوسف وبلدة سير الغربية: تعود إلى سليمان بن نون.
وختم ياسين بالقول: إن لبنان أهم وأغنى بلاد العالم، وإذا ما اعتنت الدولة بالمعالم والمراكز الأثرية الموجودة، وخصوصاً في الجنوب، حيث تُشكل معالمه تاريخاً حضارياً صُدر إلى جميع بلدان العالم، فإن الجنوب سيعود على الواجهة التاريخية، ولهذا على الدولة بكل مؤسساتها الإهتمام بالتنقيب عن الآثار غير المكتشفة، وأن يتم دعوة المراقبين والباحثين وطلاب الجامعات المتخصصين من أجل القيام بهذا الغرض، حتى لا تذهب آثارنا هباءً للآخرين.

السابق
مغدوشة..ومهنة تقطير ماء الزهر
التالي
إتحاد بلديات جبل عامل يُنفذ مشاريع بالجملة