استجابة الغرب لكارثة اليابان: جريمة ضد الإنسانية

بينما ينشغل العالم اليوم بأكبر كارثة في تاريخ البشرية، يقوم الرئيس الأمريكي باراك أوباما باختيار الفرق الرياضية للرابطة الوطنية للرياضات الجامعية، منشغلاً بذلك عما يحدث في المحيط الهادئ والساحل الغربي لبلاده الذي يواجه كارثة لم يسبق لها مثيل. ومن جانب آخر، تقوم ألة الحرب الأمريكية البريطانية بشن حرب ضد ليبيا بذريعة حماية الإنسانية وتقديم مستقبل واعد لها، لكن في الواقع ما تقوم به هو عمل إجرامي هاجسه سرقة موارد العالم، وتوطيد السلطة في أيدي ضعاف النفوس وقصيري النظر، وتعزيز مستوى غير مسبوق من التفكك والضعف داخل كل أمة للسيطرة على مقدراتها بالكامل.

وهنا يجب على أحدنا أن يتساءل:عن ماهية العالم الذي يمكن أن نعيش فيه اليوم إذا اسُتخدمت هذه التريليونات من الدولارات ومئات الآلاف من الأرواح، التي أهدرت في السنوات العشر الأخيرة من الحرب لتحقيق الربح من مآسي الشرق الأوسط، في تحسين التعليم والبحث والتطوير التكنولوجي والتقدم العلمي وجعلهم حقيقية ملموسة، من شأنها أن توجد لنا مصادر للطاقة يمكن أن تحل محل محطات الطاقة الخطيرة والقديمة مثل مفاعلات فوكوشيما اليابانية.

ويتوجب علينا نحن، الأمريكيين، أن يكون لنا أسطول بحري قادر فعلاً على حماية “العالم الحر” من التهديدات الحقيقية مثل تلك التي حدثت قبالة الساحل الشرقي لمقاطعة فوكوشيما اليابانية. لكن بدلاً من ذلك، يشارك أسطول الولايات المتحدة، المنتشر في مختلف أنحاء العالم، في عدد لا يحصى من التدخلات والمناورات الجيوسياسية، التي وُضع الكثير منها قصداً من قبل خبراء السياسة الذين يخدمون مصالح الشركات في واشنطن ولندن، فعندما أُغرقت اليابان وقام العمال بمهمات انتحارية للتخفيف من الكارثة غير المسبوقة، كان قادة كل من واشنطن ولندن يتابعون بقلق وحرص مشاريعهم في جميع أنحاء العالم، وكان خبراء السياسة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية قلقين بشأن ليبيا وكيفية تخصيص موارد عسكرية ومدنية للمساعدة في استمرار الدمار والفوضى التي تدعمها الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.وبالنظر إلى شبكة وزارة الخارجية الأمريكية العالمية للتجنيد وتدريب وتمويل وتجهيز ودعم الثورات المفتعلة في جميع أنحاء العالم باسم مصالح شركات عالمية، فإنه لا ينبغي أن نفاجأ بعدم كفاءتها واستعدادها للتعامل مع واجباتها الحقيقية وهي الحفاظ على علاقات رسمية مع الدول الأجنبية، فإذا كان لديك موارد ونفوذ وسلطة، ولا تستخدمها لحل المشاكل الحقيقية، فما فائدة ذلك إذاً؟.
أما اليابان الغارقة في الكارثة، التي تهدد بشكل كبير الولايات المتحدة نفسها، فهي بحاجة ماسة إلى جميع المساعدات، وهذا هو الأمر الذي يجب أن توّجه إليه وزيرة الخارجية الأمريكية/هيلاري كلينتون/ اهتمامها بالكامل بدلاً من إضاعة الوقت في باريس للتواطؤ مع المعارضين الليبيين المدعومين من الخارج للإطاحة بحكومة دولة ذات سيادة، حيث إن حجم المساعدات، غير القانونية والتي لا مبرر لها، التي تقدمها الولايات المتحدة للمشاريع المؤيدة للعولمة في جميع أنحاء العالم توازي تقريباً ديون واشنطن، وقد دفع الإهمال وتبديد موارد الشعب الأمريكي وغيره، والتدخل المستمر في شؤون الدول الأخرى على مدى عقود من الزمن إلى خلق عالم يعتمد على نظام واشنطن الدولي الفاسد وقدّر لنا أن نعاني من كوارث مثل كارثة اليابان، وهذه هي الكوارث التي يمكن أن يمنعها الرجال والنساء الشرفاء الذين سيقودون أمتنا وبالتأكيد يمكن أن يضمنوا أن كامل الجيوش والقوات البحرية ستكون على استعداد للتعامل مع بعضها إذا فشل أحدهما في التصدي لمشكلة ما.

ما حدث في اليابان هو الكارثة الإنسانية الحقيقية وهذه هي التحديات التي تواجه البشرية وليست أعمال التمرد المفتعلة في ليبيا، ولا الإحصاءات المناخية التي تُدار في مركز بيلفر، أو الحروب التي تمول بغرض الربح، وتتطلب هذه التحديات قيادة حقيقية لا يملكها الأمريكيون ولكنهم في حاجة ماسة لها، و كل يوم يبقى فيه هؤلاء في السلطة تصبح آثار جرائمهم أكثر عمقاً وجرائمهم هي الأخطر ضد الإنسانية، إن ترددهم في مساعدة اليابان، في الوقت الذي يعطون فيه الأولوية للسرقة والقتل والتدخل في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وشمال أفريقيا، هي بمجموعها دلائل يجب علينا أن نأخذها على محمل الجد ونتحرك للعمل الآن، فاليوم تهب رياح التغيير وسندفع جميعنا ثمن سوء إدارتنا.

جواب ما سبق بسيط، يجب مقاطعة واستبدال هذه الإدارات والتوقف عن الاستماع لأكاذيبهم والتوقف عن التصويت لهم في صيغهم الديمقراطية المفتعلة وكتابة أسماء الرجال والنساء الذين يستحقون حقاً أن يتسلموا مقاليد السلطة مهما كانت فرصتهم لتحقيق الفوز.

( ترجمة: ياسر البشير- البعث السورية )

السابق
محمود وشربل يتعاطيان العلمانيّة مرّة في الأسبوع
التالي
باييت: لا رواية حسية لدينا حول ما حصل مع المواطنين الاستونيين